اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كاسترو في التسعين

كاسترو في التسعين

نشر في: 13 أغسطس, 2016: 07:01 ص

أُطلق على فيديل كاسترو الذي يحتفل هذه الأيام بتسعينيته أوصافٌ عديدة: الثوري، المقاتل، الدكتاتور، لكن اللقب الذي كان يسحره كثيراً مثلما يخبرنا صديقه الحميم غابريل غارسيا ماركيز هي المواطن الجوال، فعلى حدّ قول صاحب مئة عام من العزلة، يمكن لسيارته الخفيفة أن تظهر في أي وقت وهي تنساب دون جلبة درّاجات ناريّة ولا حمايات عبر شوارع هافانا، بدأت مثل كثيرين غيري، متابعة أخبار كاسترو، ليس فقط تحديه لأميركا، ونقده العنيف لها، وإنما لحلمه الرومانسي في العدالة الاجتماعية، الثائر، والمثقف وصديق همنغواي وغراهام غرين ويوسا وريجيس دوبرية، الذي يتصل بـ إيزابيل الليندي كلما صدرت لها رواية جديدة ليناقشها على مدى ساعات عبر سماعة الهاتف، والذي خصص سارتر كتاباً خاصاً لتجربته، كان بالنسبة لي مثل السحرة الذين قرأتُ عنهم في ألف ليلة وليلة، مرّة أراه ثورياً ساحراً، وفجأة يتحول إلى مفكّر، يجادل أفكار الماركسيين الكبار، واخرى حاكم لايريد ان ينافسه أحد.
ولهذا كنتُ ولا أزال أعتبر أنّ الصفة الأشمل التي تليق بهذا الثوري العتيق هي " " شاهد على القرن العشرين ". لم يرَ الأحداث وهو جالس في مكتبه، بل كان يشارك في صنعها.
ظهر كاسترو الشاب الوسيم في زمن أفاقت فيه الشعوب مرّة واحدة، وبدا أنّ عصر الحرية حان ، رفض أن يتقلب في المواقف، وعندما رضخت أميركا أخيراً إلى رفع الحصار عن كوبا الذي بدأته قبل خمسين عاما، رفض ان يستقبل أوباما في بيته، وقال للمقربين منه: لديّ حساسيّة ضدّ الرأسماليين، لازلت ذلك الحالم بعالم الاشتراكية.
كلما كتبتُ عن تجارب الأُمم وقصص الشعوب، أجد في اليوم التالي مَن يعاتبني، لأنني أترك هموم هذه البلاد، وأنباء معركة كسر العظم بين عالية نصيف ووزير الدفاع، وآخر صورة التقطتها وزيرة الصحة عديلة حمود وهي ترفع أصابعها بإشارة النصر على المتظاهرين وعلى أهالي الضحايا، وعلى النظام السياسي الذي يعجز عن إقالة وزير! ولأنّ مايجري في هذه البلاد العجيبة ليس من اختراعي، وتقلبات الساسة وأهواؤهم خارج همومي، فقد توقفتُ كثيراً عند خبر بثّته وكالات الأنباء يتعلق بوزيرة التعليم العالي السويدية التي قدّمت استقالتها،لأن الشرطة أوقفتها ، وأجرت لها تحليلا للدم أثبت وجود نسبة قليلة من الكحول تتعارض مع قيادتها للسيارة ، وبعد الاستقالة ستواجه الوزيرة عقوبة السجن 6 أشهر.لأنها خالفت قوانين المرور.
كلما تجوّلنا في تجارب الأُمم نتذكر أننا حلمنا يوماً برئيس مثل والبرازيلي دي سيفا والسنغافوري لي كوان..مسؤول يفضّل القانون على الفساد، ويختار التواضع على المكابرة الفارغة. ويقرر أن يكون حاضر ومستقبل بلاده ملكاً للجميع لا لطائفة واحدة، والمواطن أمانة لايمكن رهنها أو إيجارها لدول الجوار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. abbas mir ali

    تحيه حب والاحترام الاستاد علي حسين المحترم وزيرة تعليم في السويد قدمت استقالتها لانها كانت تقود سيارتها وهي تناولت كميه من كحول متجاوز حد المسموح به في سويد وسوف تعاقب بالسجن لمدة سته اشهر لان لهم ظمائر حيه يطبقون القانون علئ الجميع

  2. kadhim mostafa

    عجبا استاذ علي لماذا لم تذكر اسم وديانة الوزيره ؟؟؟؟ اسمها عائده وهي مسلمه !!

  3. ابراهيم

    الاستاذ الفاضل كيف تصح المقارنة بين جريمة وزيرة مستهترة، شربت خمرا والعياذ بالله، في بلد كافر، ووزيرة مؤمنة ترتدي الزِّي الشرعي في بلاد مسلمة.. الاولى ، وهي وزيرة التعليم الثانوي وليس العالي، كافرة خالفت القانون حين شربت ما يعادل زجاجة بيرة واستقالت دون

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

 علي حسين مرت قبل أيام الذكرى السابعة والعشرين لرحيل شاعر العراق الأكبر محمد مهدي الجواهري، الرمز الوطني الذي أرخ للبلاد وأحداثها فكان هو العراق لساناً ودماً وكياناً.. صاحب يوم الشهيد وآمنت بالحسين وقلبي...
علي حسين

قناديل: عالَمٌ من غير أحزاب

 لطفية الدليمي ما يحصلُ بين الحزبين العتيديْن في الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات الامريكية 2024 أمرٌ أبعد من فنتازيا جامحة. هل كنّا نتوقّعُ قبل عقدين مثلاً أن يخاطب رئيسٌ أمريكي رئيساً امريكياً سابقاً...
لطفية الدليمي

قناطر: العراقيون لا يتظاهرون!!

طالب عبد العزيز أمرٌ غريبٌ جداً، هو خلو شوارع البلدان العربية كالعراق وسوريا ومصر وليبيا وغيرها من التظاهرات المنددة بما يجري في غزة ولبنان والمنطقة بعامة، من انتهاكات، وتجاوزات، صهيونية وأمريكية، فيما شوارع العالم...
طالب عبد العزيز

تعديل قانون الأحوال الشخصية.. من منظور سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح تذكير(في 23 تشرين الثاني 2013 انجز وزير العدل السيد حسن الشمري مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي جاء امتثالاً لمرجعه السياسي والفقهي السيد اليعقوبي المحترم، مع ان المسؤولية تفرض عليه...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram