TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هلْ نحنُ كفّارُ قريش؟!

هلْ نحنُ كفّارُ قريش؟!

نشر في: 15 أغسطس, 2016: 07:49 م

من الظلم الفادح أن نختصر مشكلة العراقيين ببعض الملاهي المنتشرة في بغداد، وفي المقاهي التي يرتادها الشباب، وأن نجسّد الأزمة التي يمر بها العراقيون في الجرعة الزائدة من الحريّة، كما أخبرنا بعض السادة النواب " الأفاضل ". ولهذا كنتُ ومازلتُ أتعجّب، وأنا أسمع أو أقرأ عن دعوات لإنشاء شرطة تحمي العراقيين من الغواية، وتُهديهم إلى طريق الصواب!
بالمناسبة لا أعترض عندي مطلقاً على تنظيم عمل هذه الأماكن، وأجد من الأفضل أن تخضع لقانون تشرّعه مؤسسات الدولة، لا خطباء الجوامع والحسينيات.
الغريب في الوقت الذي تُفجَّر فيه مقاهٍ للشباب في بغداد والبصرة، نجد أحد رجال الدين يسعى لإقرار قانون يعفي أصحاب الشهادات المزوّرة من العقاب! وهناك من يحاول أن يشرّع قوانين تحمي الفاسدين من العقاب، وتمنحهم رواتب تقاعديّة مجزية!
في ظلّ هذه الخطب التي تعتقد أننا شعب لايزال يعيش في عصور الجاهلية، لا أحد ينتبه لتقارير دولية صدرت مؤخرا وضعت العراق في ذيل القائمة الخاصة بجودة التعليم والصحة، وإذا كان معدّل الأُميّة قد ضرب أرقاماً قياسية في السنوات الاخيرة، فهذه كارثة، وإذا كان الفقر والتهجير أحد الأسباب فالكارثة أعظم، وهناك ما هو أشد وأعظم أن يعتاد العراق على أنّ هذه الارقام هي الطبيعية، أو أنّ الإمبريالية العالمية تتآمر علينا وتضعنا دائما على رأس قائمة البلدان الغارقة في بحور الفساد الإداري والمالي.
الجزء الأكبر من أخبارنا مؤسف إن لم يكن مضحكا، وما بين اعتراض النائب أرشد الصالحي على تعيين وزيرة مسيحيّة، وصولة البرلمان ضد وزير الدفاع دفاعاً عن هيبة سليم الجبوري التي هي من هيبة العرقيين جميعا.
وسط هذه الاخبار المقلقة، يطلّ علينا بين الحين والآخر مَن يعتقد أننا شعب يحتاج الى التهذيب، وان الحريات الشخصية رجس من عمل الشيطان!
للأسف الكثير من السياسيين يتصورون، أننا جنس مضاد للديمقراطية، وأن الدولة المدنية مجرد خرافة صنعتها الصهيونية للنيل من هذا الشعب الذي يراد له ان يستمر في مسلسل " الحملة الإيمانية " التي أطلقها القائد الضرورة قبل ربع قرن.
توضع القوانين، من أجل حماية حقوق الناس، وتصبح مرجعاً نهائياً لنزاعاتهم وخلافاتهم، وبالقانون لا بالنهي عن المنكر يبنى الاستقرار والتنمية.
اليوم نحن فى حاجة إلى ترسيخ قيم الدين الحقيقية في العدل والمساواة والتسامح والحوار، ليس من المنطق أن نحاول تأكيد المظاهر في السلوك والحريات، وننسى أهم وأخطر ما تتطلبه ظروف مجتمعنا الآن.. نحن في حاجة إلى مجتمع صحي سليم يتجاوز أمراضه التي سكنته عشرات السنين ما بين الجهل والسلبية والاستبداد والبطش وانتهاك الحريات، نريد أن نسترجع زمن محمدر رضا الشبيبي وعلي الشرقي والكرملي والاثري، بثقافتهم وتسامحهم وتديّنهم النقي وأخلاقياتهم التي سمت فوق الطائفية والمذهبية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    استاذ علي حسين ما ينفع شي غير قنبلة هيدروجينية على رؤوس ومقرات شياطين رجال الدين الأرضي واصنام المراجع الخرساء وتخلص العراقيين من شكولاتهم الزفرة هذولة حتى الشيطان يستحي منهم جميع أعمالهم موبقات وهم يحتاجون من يؤدبهم او يدخلهم مصحات لعلاج عقولهم المتفسخة

  2. د عادل على

    نحن العراقيين لانحتاج الى النصر بل روح النصر كافى علينا------نحن العراقيين نحتاج القبور ليوم البعث المنصور----نحن لانحتاج الى الجريمه فقائدنا المنصور من صنع الجريمة دعانا الى الوليمة والى التمن ومعه القيمه-نحن العراقيين صلينا وراء الزمرة اللئيمه نحن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram