اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > شكــوا الإهمــال والمعاناة..ذوو الاحتياجات الخاصة وحق العيش الكريم

شكــوا الإهمــال والمعاناة..ذوو الاحتياجات الخاصة وحق العيش الكريم

نشر في: 17 أغسطس, 2016: 12:01 ص

في الكثير من التقاطعات وإشارات المرور، ثمة أطفال وصبيان فقدوا أيديهم أو أرجلهم بسبب أعمال إرهابية او تشوهات خلقية منهم الصبي "سجاد" الذي فقد يده في أحد الانفجارات في حي العامل. سجاد، وبسبب الوضع المعيشي الصعب لعائلته اضطر للعمل في احد تقاطعات منطقة ا

في الكثير من التقاطعات وإشارات المرور، ثمة أطفال وصبيان فقدوا أيديهم أو أرجلهم بسبب أعمال إرهابية او تشوهات خلقية منهم الصبي "سجاد" الذي فقد يده في أحد الانفجارات في حي العامل. سجاد، وبسبب الوضع المعيشي الصعب لعائلته اضطر للعمل في احد تقاطعات منطقة المنصور يبيع علب الكلينكس على المارة واصحاب السيارات، لكنه لايغض الطرف عن الصبيان ممن بعمره خاصة اولئك الذين كتب لهم القدر ان يكونوا أبناء أغنياء يقودون سيارات حديثة. رغم كل ذلك يصر سجاد على مواصلة العمل والدراسة والتفوق، مثلما قال.

ضياع الحلم
يقول طالب كلية الإدارة والاقتصاد "حسن ساجد" في حديثه لـ(المدى): بترت ساقي اليمنى حين كنت اعمل في سوق شلال فانقلبت حياتي رأسا على عقب وفقدت الكثير من الأصدقاء، مبيناً انه ظل حبيس البيت لعدم قدرته على السير لمسافات بعيدة عن سكنه. مستدركاً: لكن وقفة أهلي وبعض أصدقائي حفزتني على مواصلة الحياة من جديد اذ استطعت التغلب على كل تلك الظروف القاسية والأزمات النفسية. منوهاً الى انه يعمل الآن مع والده لبعض الوقت يومياً في محل لبيع المواد الغذائية، لافتاً الى انه مازال يحلم باليوم الذي يرتبط به بزوجة كبقية الشباب، لكن الذي يبدو ان الحلم بات نسجاً من الخيال، حسب وصفه.

الحروب تزيد الأعداد
قصة الشاب "حسن" ليست الوحيدة في ظل تزايد الأعمال الإرهابية والعمليات العسكرية التي تسببت بفقدان آلاف الشباب والأطفال أطرافهم العليا او السفلى. اذ تشير الإحصاءات الى ان عدد المعاقين في العراق يبلغ قرابة 3 ملايين معاق نتيجة الحروب منذ عام 1980 والى يومنا هذا.
"سلمان محمد" يعاني من بتر يده اليسرى بعد ان اصيب في انفجار عبوة ناسفة في سيارة اجرة نوع كيا عندما كان يروم الذهاب الى سوق الشورجة عام 2006 حيث كان يعمل في لف محركات المبردات، واستمر بعمله رغم عوقه فهو لايحصل على راتب من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية رغم ترويجه اكثر من معاملة لكن اليأس جعله لايعود لمراجعة دوائر الوزارة المعنية والتي لاتهتم لهذه الشريحة ،مثلما بيّن في حديثه.

 بحاجة للتأهيل النفسي
الوضع النفسي للمعاق غالباً مايترك أثره السلبي على حياة الشخص ، يقول الطبيب النفساني "حسن عبد الواحد" لـ(المدى): يجب ان تتعدى نظرة الناس الى المعاق الشفقة والعطف، ومساعدته على مواجهة مصاعب الحياة بدرجة تجعل المعاق لا يشعر بنقص داخلى. موضحاً: العطف مطلوب للشد من أزره ومساعدته على مواجهة مصاعب الحياة وتجاوز المحنة. متابعاً: يصاب الشخص الذي يتعرض الى الإعاقة بشكل مفاجئ الى حالة نفسية صعبة تفقدة السيطرة على أعصابه.
وأوضح الطبيب النفسي: نجد الكثير ممن لا يراعون أبناءهم وإخوتهم من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يصابون بانتكاسة نفسية بسبب ذلك الإهمال. مشدداً على اهمية عقد دورات توعية صحية خاصة بحقوق المعاقين أهمها العلاج والتعليم. مؤكدا على النظر في حاجاتهم وقدراتهم الكامنة التي قد لا يملكها الإنسان الصحيح فهو لا يحتاج الى الأدوية والعلاجات فقط، ومع الأسف المراكز التأهيلية للمعاقين في وزارة الصحة لم تقدم اي شيء للمعاق ولا للمراكز التي تؤهل هؤلاء المعاقين.

قدرات ذهنية عالية
ربما تكون فرص الرجل المعاق في الحياة اكثر من فرص المرأة. "ابتهال نادر" في العقد الثالث من عمرها ولدت مشوهة بقدمها اليسرى، لكنها اصرت على مواصلة الحياة والدراسة حتى وصلت الى الجامعة وتخرجت. لكنها ظلت حبيسة البيت دون عمل او تعيين. تقول: لم يكن العوق الولادي الذي اصبت به حاجزاً أمام مواصلة حياتي. مستدركة: لكن الإهمال الحكومي لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة أكثر وجعاً من العوق. داعية الى ضرورة الاهتمام بهذه الشريحة التي يمكن ان تقدم الكثير في قطاعات الحياة المختلفة. مردفة: خاصة ان الوقت الحالي يعتمد بشكل كبير على القدرات الذهنية والعقلية.

حالات إنسانية
فيما شكت "نضال داود" من بعض المضايقات الاجتماعية والنظرة القاصرة من قبل بعض الأشخاص لهذه الشريحة. موضحة: ان البعض يحاول الانتقاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة اذ دخل مع احدهم بنقاش عن قضية معينة. مطالبة الدولة والجهات المعنية بضرورة ايجاد برامج تأهيل وتدريب حديثة تناسب ذوي الاحتياجات الخاصة وتكفل لهم العيش الكريم.
اما والدة "سجى هاشم" الصبية المصابة بتشوه خلقي فقد أبدت امتعاضها من سلوك بعض الجهات تجاه هذه الفئة، مبينة ان الجانب العلاجي استهلك الكثير من مردودات العائلة المالية. موضحة ان ابنتها تعاني من تشوه بيدها اليمنى أخبرها بعض الاطباء بإمكانية علاجه. متابعة: ورغم كل المراجعات والتحليلات الطبية تبيّن عجز علاجها داخل البلد.

النهوض بواقع المعاقين
مدير عام دائرة رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة الدكتورة "عبير الجلبي" قالت في حديثها لـ(المدى): ان رعاية ذوي الإعاقة لم تعد مسؤولية دائرة او وزارة بعينها وانما هي مهمة ثقافية ينهض بها المجتمع بأسره. مضيفة: لكون هذا الانسان الذي يعيش بيننا ،بما لحقه من ضرر، في تماس يومي مع المجتمع لا يمكن تجاهله وانما يتوجب على الجميع قبوله والتعامل معه. وبشأن ما تقدمه دائرة الرعاية بيّنت الجلبي: نقدم كل مانستطيع من اجل توفير الدعم للنهوض بواقع الأيتام وتحسين بيئتهم الاجتماعية ومساعدتهم على تجاوز المحنة النفسية الناجمة عن الحرمان الأسري والاهتمام بالمعاقين، منوهة الى حصول مستفيدي معاهد العوق البدني في بغداد على نسب نجاح عالية في الامتحانات الوزارية للعام الدراسي الحالي والذين بلغ عددهم 58 طالبا.

معاهد تأهيل وتدريب
واسترسلت الجلبي: لدينا معاهد العوق الفيزياوي ومعاهد المكفوفين، يتلقى الطلاب فيها مناهج وزارة التربية للدراسة الابتدائية. بينما تقدم معاهد التأهيل المهني مناهج تدريبية خاصة بالمهن التي يتم تدريب المعاقين عليها لمدة تسعة اشهر. مشيرة الى تقديم مختلف الخدمات الاجتماعية والصحية والتربوية والتعليمية الى المستفيدين المعاقين من خلال (50) معهدا في بغداد والمحافظات. مردفة: ومن اهم البرامج التي تهتم بها الوزارة تجاه المستفيدين المعاقين هي التأهيل المجتمعي والاهتمام بالجوانب النفسية لهم والسعي الى دمجهم في المجتمع من خلال تنظيم دورات تدريبية تتناسب مع درجة عوقهم وامكاناتهم الذهنية، لافتة الى لقاءات مع أولياء الأمور وذلك لإشراكهم في عمل الورش لغرض الوصول الى افضل صيغ للتعامل وتأهيل المعاقين وتحسين حالتهم النفسية والاجتماعية .

 القانون والدستور والمعاق
على الرغم من اقرار البرلمان لقانون يضمن حقوق المعاق وحسب ما نص عليه الدستور العراقي بتوفير فرص عمل بنسبة (5%) من الوظائف الحكومية إلى ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين) نظراً إلى كثرتهم،  لكن ما يقوله الدستور غير ما يقوله الواقع، خاصىة في السنين الاخيرة وتزايد حالات العوق وبتر الأطراف اذ يقول "مناف موسى" الذي تسبب حادث ارهابي ببتر يده اليمنى من الرسغ : رغم كل المناشدات لغرض ايجاد فرصة عمل حكومية لكن للأسف أغلبها باء بالفشل ان كان بسبب الفساد او لعدم الاهتمام بالمعاقين. فيما بيّن "سلام حسين" –ثلاثيني- حاصل على شهادة الاعدادية: فقدت كل امل باستمرار الحياة في البلاد في ظل الوضع الحالي. مردفاً: ان الاهمال لشريحة المعاقين لم يعد ممكناً السكوت عليه خاصة في ظل الأزمة المالية الحالية وانعكاسها على سوق العمل.

تخصيص 50 مليار دينار
رئيس هيئة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة الدكتور "ناضر الشمري" ذكر ان موزانة 2016 خصصت (50) مليار دينار عراقي للمعينين المتفرغين لرعاية المعاقين على شكل رواتب لإعانة المعاق وفق القانون رقم 38 لسنة 2013 . مضيفا:  ان مضامين عمل الهيئة ستلبي تطلعات ذوي الاعاقة وفق معايير انسانية تهدف الى خلق بيئة اجتماعية آمنة وان اهم المعطيات الواجب تنفيذها هي الإسراع بإنجاز معاملات المعاقين تنفيذا للمادة 19 من القانون المذكور ليتمكنوا من استحصال حقوقهم المادية حسب الضوابط القانونية. متابعا: وفي ضوء دراسة رصينة لستراتيجية العمل التي تتبعها الهيئة لاستكمال مضامين تلك الستراتيجيات واجراء مخاطبات لكل الوزارات والمؤسسات المعنية بتطبيق القانون بما يضمن حصول المستفيدين من ذوي الإعاقة على الامتيازات والإعفاءات التي كفلها القانون رقم 38 لسنة 2013 .

الحالات المرضية المشمولة
وبشأن الحالات المشمولة بالقانون المذكور بين الشمري: ان الحالات المشمولة بالقانون هي الإعاقة الحركية،  والإعاقة البصرية، والإعاقة السمعية، والإعاقة الذهنية، والإعاقة العصبية، والأمراض الجلدية، وامراض الكولاجين، والأورام وامراض الدم، وأمراض الجهاز البولي، وأمراض نقص المناعة، فضلا عن أمراض الجهاز التنفسي، وأمراض جهاز الدوران، أمراض الكبد. مؤكداً على اضافة "متلازمة داون" الى الحالات الخاصة المشمولة بالقانون وذلك من خلال مصادقة اعضاء مجلس ادارة الهيئة الذي عقد يوم الخميس الموافق 28-7-2016 ، مشددا على ضرورة التثقيف والتنسيق الإعلامي بعمل الهيئة والفئات المشمولة بالمعين المتفرغ والإجراءات الواجب القيام بها اثناء التقديم. لافتاً الى ان الفئات المشمولة للمعين المتفرغ بالمادة (19)  من القانون  رقم 38 لسنة 2013 يتم تحديدها من خلال درجة العجز التي تحول دون تلبية متطلبات حياتهم العادية واحتياجاتهم من قبل اللجنة الطبية المختصة بذلك، وتخصيص معين متفرغ لكل حالة لملازمة المعاق وقضاء حاجاته بشكل مستمر.

غياب نظام التأهيل
رغم أن ميزانية العراق هائلة والكثير من البلدان تحسده عليها، لكنها لم تتضمن حصةً للمعاقين باستثناء قانون رقم (20) لتعويض ضحايا الإرهاب بمبالغ بسيطة لا تتجاوز الثلاثة ملايين دينار عراقي لا تنفع شخصاً بترت أطرافه أو فقد بصره بانفجار إرهابي مع غياب مراكز صناعة الأطراف في العراق. فيما يكلف تركيب الطرف الصناعي ما بين 8-9 ملايين دينار عراقي واغلب المعاقين لايملكون مثل هكذا مبالغ اذ يعمل الكثير منهم في اعمال يومية.
  رئيس تجمع المعاقين في العراق وعضو الاتحاد العالمي للمعاقين موفق الخفاجي اوضح ،في بيان صحفي، ان العراق لا يمتلك نظاما لتأهيل المعاقين وتوفير فرص العمل لهم وجعلهم ينسجمون مع المجتمع ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي، مشيرا الى أن الكثير من المعاقين لديهم مواهب مميزة، إلا أنها لم تستثمر من قبل الدولة. مضيفا أن الكثير من المعاقين هم أصحاب شهادات عليا، وهناك نساء معاقات يبدعن في الخياطة والتطريز والحياكة ومهارات باستخدام الكومبيوتر بطرق متطورة، والكثير من المعاقين لديهم مهارات عالية في الحرف اليدوية كالحدادة، لكن فرص الاستفادة من هذه الطاقات ضعيفة.

3 ملايين معاق في العراق
اضاف الخفاجي: تقدر إحصاءات لجنة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة (الهندر انترنشنل) وجود (3) ملايين معاق في العراق لا يأخذون دورهم في المجتمع وفي عملية إعادة بناء العراق الجديد. منوها الى اتفاقية دولية للإعاقة أقرتها الامم المتحدة عام 2008 والتزمت بها ( 175 ) دولة، وان العراق انضم لها مؤخرا. مؤكدا حاجة العراق للإسراع بقرار تشكيل الهيئة الوطنية التي تدرس حقوق المعاقين، والتي ستأخذ على عاتقها متابعة وتوفير ما يحتاجه الانسان المعاق في العراق من صحة وتأهيل وتعليم وسكن ونقل وعلاج وتوفير فرص العمل وتمكين الأشخاص المعاقين إكمال الدراسة، موضحا ان هذا ما نصت علية المادة (32) من دستور العراق التي تنص على رعاية المعوقين وتكفل تأهيلهم في المجتمع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram