اعتمدت أسلوباً خاصاً في الفن التشكيلي ميزها عن نظيراتها، وعكست من خلال فنها العديد من المدارس التشكيلية بين الواقعية والتعبير والإنطباع، اضافةً للتعامل مع المدرسة الحداثوية التجريدية والتي نجد من الندرة أن تتطرق لها النساء. عُرفت بأنها مغامرة،
اعتمدت أسلوباً خاصاً في الفن التشكيلي ميزها عن نظيراتها، وعكست من خلال فنها العديد من المدارس التشكيلية بين الواقعية والتعبير والإنطباع، اضافةً للتعامل مع المدرسة الحداثوية التجريدية والتي نجد من الندرة أن تتطرق لها النساء. عُرفت بأنها مغامرة، حيث تتبعت الجميل من قبح الدمار من خلال أعمالها التشكيلية كما أنها تحاكي الألم بلون من الأمل، فتعطي ما هو استثنائي ومغاير في مجال التشكيل، لها العديد من المعارض التشكيلية المحلية.
كما شاركت في معارض دولية مثل المعرض التشكيلي اليوناني بدورتيه 2010 و2014 بجداريات عراقية، عُدّت من أفضل الأعمال التشكيلية المقدمة في المعرض وتم ضمها إلى أعمال المعرض اليوناني، إضافة إلى مشاركتها في معارض عربية في اليمن والمغرب والأردن وغيرها، والكثير مما لانعرفه عن الفنانة التشكيلية ومديرة قسم الرسم في دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة سيتكشف اليوم من خلال حوار أجرته "المدى" معها :
* يقال أن المرأة بعيدة عن التجريد فلماذا تعملين بهذا الأسلوب ؟
- كعمل تشكيلي يضع الفنان على الطريق الصح، يمكن أن نقول أن الأمر بعيد عن إبراز العضلات. المدارس التشكيلية متعددة ، والتشكيلي يعمل حسب اختياره وحبه لهذه المدارس، فأنا وكما معروف عني أعمل ضمن مجال المدارس الواقعية والانطباعية، إضافة إلى عملي التجريدي أو المعروف بالحداثي، وهذا ما جسدته خلال معرضي الأخير المُسمى "بغداد لن تحتضر بالآلام"، هنا كانت المعاصرة والحداثة والتجريد مضطرة للدخول في هذا المعرض الذي كان يحتاج إلى الرمزية لتكتمل رسالته، فالتجريد أو الإنطباعية أو الواقعية أو التعبير هذه مدارس تستخدم حين تكون هنالك ضرورة استخدام، أما فكرة أني أستخدم التجريد لمنافسة بنات جيلي فهذا أمر طبيعي جداً فمبدأ الإبداع قائم على التنافس، أما بالنسبة لما يقال "أن التجريد حكر على الرجل"، يجب أن نلفت أن الفنانين الرجال لهم إمكانيات عالية جداً في الفن التشكيلي وهذا ما يدفعهم للتوجه للحداثة والتجريد المواكب للفن في اوروبا الذي ابتعد عن الكلاسيكية، إلا ان أغلب فناناتنا اليوم لازلن يتبعن الكلاسيك .
* يقال أنك مغامرة في ضربات الريشة على لوحاتك واختيار ألوانك، فهل تحاولين من خلال هذه المغامرة أن تثبتي تفوقك على أبناء جيلك من التشكليين أم أن المغامرة جاءت صدفة؟
- الفن بشكل عام مغامرة، الفن والابداع مسّ من الجنون، فبيني وبين اللوحة واللون هناك انسجام، وهذا يعتمد على كم المشاعر والإحساس الذي أعطيه أنا للوحة، ومن الطبيعي أن أكون معروفة بالفنانة المغامرة، أو التي تثبت جدارتها من خلال ضربات ريشتها الغريب، وأعتقد أن تميزي والحمد لله واضح من خلال أعمالي.
* بمن تأثرتِ من الفنانين التشكيليين؟
- أنا من طلاب التشكيلي فائق حسن، وقد درسني مدة اربع سنوات في مجال موضوعة الألوان، وكان له الفضل على دورتنا في أن نكون اليوم على هذا الشكل، خصوصاً وأنه فنان مغامر وملون عالمي، وقد أثر علي فائق حسن في طريقته واسلوبه كذلك الاستاذ خالد الجابر وهو مؤسس كلية الفنون، وأيضا من اساتذة التشكيل الكبار، وهؤلاء العمالقة نجد هويتهم من خلال روحية العمل في رسم الأزقة القديمة والطبيعة وتعاملهم مع مناطق الظل والضوء، وكذلك التشكيلي عبد الخالق الرسام الذي كان أول من استخدم الواقعية، بل هو عملاق الواقعية في التشكيل العراقي.
كما أني تأثرت بكل الرواد الذين كانوا اساساً في التشكيل العراقي أمثال حافظ الدروبي وجواد سليم وكل هؤلاء الكبار.
* كيف يمكن أن يثبت الفن التشكيلي العراقي هويته، خصوصاً حين يُقال أن أغلب تجاربنا مأخوذة عن الغرب؟
- الفن التشكيلي العراقي تأريخياً غير مقلد، بل هو أقوى الفنون بالوطن العربي، والغرب كذلك، الفن العراقي وصل العالمية لأنه اكتسح الوطن العربي، من حيث الرسم والنحت والخزف، وفي عام 1949 وصلنا إلى أوروبا في باريس وروما وغيرها، كما نافس الفنان العراقي آنذاك الفنانين العالميين، وإذا لاحظنا سنجد أن كل فنانينا التشكليين امثال جواد سليم وغيرهم قد تتلمذوا في أوروبا على أساسيات الفن التشكيلي وبهذا سنجد أن العراق كان منذ البداية ذا هوية خاصة بالعمل الذي يقدمه أما حالياً فهنالك الكثير من الفنانين العرب المستجدين في مجال الفن التشكيلي، فالفن التشكيلي العراقي لم يهبط أبداً، وهو ليس فناً مقتبساً، أما المستجدون اليوم على الوسط التشكيلي فقد يكونون مقلدين للغرب.
بالأساس لا يوجد أي تقليد في الفن التشكيلي العراقي، إضافة إلى وجود لوحات فنية كثيرة في أغلب المتاحف العالمية وهي تابعة لفنانين عراقيين، فهوية الفن العراقي ثابته ومتأصلة لأنهم هم الأساس في التشكيل.
* يقال أن النساء لا يلجأن إلى التدمير في الفن التشكيلي، لكنك عملت بهذا الإسلوب ؟
- حسب الموضوعة التي تتم مناقشتها، فمعارضنا اليوم والتي تحمل موضوعات بغداد وأزقتها وما تعانيه اليوم وإذا ما نوقشت هذه الموضوعات كفن تشكيلي ستحتاج للترميز، فخلال معرضي "بغداد لم تحتضر أبدا"، قمت برسم الكثير من الشبابيك المتساقطة وكان طابع الدمار والدماء والأزقة المتهالكة واضحا على اللوحة، لكني لم اقتل الأمل في تلك اللوحات بل على العكس أحييته من خلال اللون، حيث استخدمت في لوحة موضوعتها الدمار العديد من الألوان المشرقة، وهذا ما لفت انتباه النقاد والمتلقي.
* ما هي الأشياء الحاضرة والغائبة في اعمالك ؟
- الحاضر والغائب هو المرأة والرجل في لوحاتي فالفن هو جسد وإنسانية، وهو كلا الجنسين المكملان لبعضها، ليس من الضروري أن نرسم رجلا واضح الملامح أو امرأة واضحة المعالم ولكن الترميز يكفي لذلك ، وهذا ما أحاول مناقشته في كل ما يخص العطاء والإنجاب، فمثلاً أرمز للمرأة بالشجر، ومفردات أخرى، كالنخيل، والثمار أو الخيمة، وهي التي تمتلك جذورا وأصالة .
* كيف تنظرين للجمال كخطاب بصري؟
- الجمال موجود في حياتنا وهذا يعتمد على داخل وروح الإنسان، ويعتمد على كيف يمكن للفنان أن يلمسه ويقتنصه ويتعامل معه، بالنسبة لي أكثر ما يستهويني في الجمال هو الطبيعة، لكن هنالك جوانب أو لمحات يستطيع الفنان وحده أن يتعامل معها، ويضيف لها ألواناً معينة ليعكسها كما ينبغي وينقلها للآخرين، ونحن كفنانين لا نستطيع الحديث عن الجمال من خلال الكلمات بل من خلال اللوحة واللون بغزارته وكثافته وموضوعاته.
* الحفاظ على الرمزية من أساسيات العمل التشكيلي، فكيف يستطيع التشكيلي الوصول إلى المتلقي دون التنازل عن الرمزية الموجودة في اللوحة؟
- الإحساس، إحساس الفنان هو الذي يصل إلى المتلقي، فالتشكيل ليس خطوطا ولونا ورسومات، بل هنالك هارمونيك، موسيقى بين الإحساس وبين ما يوجد في اللوحة.
هنالك بعض اللوحات تعاني الجليد، لغياب المشاعر وروحية الفنان.
* أغلب الأعمال الفنية اليوم تناقش الحروب والأزمات التي يمر بها البلد، ألا تعتقدين أن المتلقي اليوم بحاجة إلى موضوعات تناقش الجمال والطبيعة والرومانسية؟
- صحيح، موضوعات الأزمات والدمار الذي نعاني منه والموضوعات التعبوية أصبحت هي الأساس في ما نناقشه في أعمالنا، لكن على الفنان أن يوازن بالأعمال التي يقدمها، وأنا مع أن نوثق التأريخ والحدث وما يمر به البلد من دمار ولكن لفترة معينة، أو على الأقل أن نقوم بعمل قاعة متحفية توثق أعمال مابعد2003 والتي تجسد المعاناة التي مر بها البلد، ولكن علينا أن لا نستمر بتقديم هذه الموضوعات وأن نوازن بين الجمال والحب والحرب في أعمالنا.
* تتعامل أغلب التشكيليات مع الإضافات التجميلية للوحة، كالإكسسوار والعيون والحلي وغيرها، لماذا لا تستخدمين هذه المجملات في لوحاتك أبداً؟
- أنا وكما قلت لكِ تعلمت وتتلمذت على يد كبار التشكيليين في العراق، واستخدام الحلي والوجوه الواضحة الملامح هذه لاتعتبر فنا حقيقيا، وقد يستخدمها البعض من الدخلاء على الفن، أما الفن التشكيلي الحقيقي، فهو خطوط وألوان ومشاعر متجانسة وممتزجة ومنسجمة مع بعضها، لاتنقل بوضوح إلى المتلقي بل برمزية متعالية، وبصورة جمالية حقيقية.