طلق ناري، حادث مروري ، خطأ طبي، تماس كهربائي، غرق ، سوء الإدارة، وغيرها من المسميات التي تؤدى الى الوفاة في أية لحظة في بلدنا. هكذا تصف الطبيبة العدلية "الدكتورة نهلة" حين تشرح لابنتها "وسن" عن طبيعة عملها اليومي والمشاهدات التي تراها في الدوام الرسم

طلق ناري، حادث مروري ، خطأ طبي، تماس كهربائي، غرق ، سوء الإدارة، وغيرها من المسميات التي تؤدى الى الوفاة في أية لحظة في بلدنا. هكذا تصف الطبيبة العدلية "الدكتورة نهلة" حين تشرح لابنتها "وسن" عن طبيعة عملها اليومي والمشاهدات التي تراها في الدوام الرسمي اليومي والذي ينتهي أحياناً بترك الجثث لليوم التالي في حالات تصل أحياناً الى عدم قدرة الكادر العامل على إنجاز العمل بسبب الزخم وكثرة عديد الوفيات نتيجة الحوادث اليومية ان كانت الغرق او الحرق او الدهس او نتيجة خطأ طبي ،وهذا للاسف اخذ يتكرر في اكثر من مستشفى دون محاسبة لتقصير الكادر الطبي المسؤول عن ذلك.  

(كذبة) تودي بتسعة أشخاص
"عبدالرزاق محمود العبد" من سكنة منطقة الوردية التابعة لقضاء المدائن يقول لـ( المدى ) ان من المؤسف ان تصبح لغة الموت هي السائدة في مجتمعنا، راوياً حادثة حصلت في المنطقة منذ أكثر من شهرين حيث حدثت مشكلة بين احد الساكنين في المنطقة على حقوق قطعة أرض الأمر الذى ادى الى نزاع عائلي وعشائري كبير سببه شاب لايتجاوز الـ (16) عاماً. متابعا: اذ روى قصة خاطئة كذب وبالغ فيها الأمر الذى تسبب بتشنج عائلته مما روى. مضيفا: نتيجة ذلك سرعان ما شب نزاع استخدمت فيه شتى أنواع الأسلحة نتج عنه سقوط ضحايا بين الطرفين وصل عددهم الى (9) اشخاص.

التسرع وفقدان الصواب
واسترسل العبد: هي ليست المرة الاولى التي تحدث فيها مثل هكذا خلافات كان بالإمكان تداركها وتلافيها من خلال الاحتكام الى العقل والصبر وكشف الحقيقة. مستدركا: لكن للاسف بات الالتجاء الى السلاح والتهديد اول ردود الفعل من قبل الكثير من الاشخاص خاصة الذين يسكنون أطراف المدن والأرياف. لافتاً الى حادثة اخرى حصلت قبل ايام على طريق الكوت بغداد، اذ اسفر حادث تصادم سيارة كيا باخرى عن وفاة اكثر من عشرة بينهم اطفال بسبب السرعة الفائقة وعدم الانتباه ورداءة الشارع.

كل يوم ضحايا مرور
نقيب المرور "كاظم جواد حسين" يوضح بحديثه لـ(المدى): أن معدل حوادث المرور في البلاد يرتفع بشكل تدريجي مسببة وفاة المئات في كل عام. مشيرا الى وجود ضحايا بشكل يومي نتيجة هذه الحوادث. عازياً سبب ذلك الى السرعة الفائقة لبعض سائقي السيارات والتهور عند البعض ورداءة بعض طرق السير خاصة الخارجية التي تتسبب بحوادث كارثية.
واشار حسين الى دخول كميات كبيرة من السيارات الحديثة التى تفتقر الى مقومات الأمان. منوهاً الى ان هذه النقطة مشخصة عند الجهات العليا مستغرباً من عدم معالجتها والحد من استيراد هذه السيارات او وضع ضوابط صارمة.

خسارة طاقات بشرية
المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط "عبد الزهرة الهنداوي" ذكر: أن حوادث المرور تمثل خطورة كبيرة وتضاهي عمليات الارهاب الحالية وباتت تشكل هاجساً وقلقاً لجميع افراد المجتمع وأصبحت احدى المشكلات التي تستنزف الموارد المادية وما تفرزه من مشاكل اجتماعية وخسائر في الطاقات البشرية ما يؤثر في مقومات الحياة التي يعد العنصر البشري فيها هو اساس المجتمع. مبيناً: إن وزارة التخطيط سجلت نحو (9) آلاف حادث مروري خلال العام الماضي 2015. مضيفا: ان تلك الحوادث ادت الى وفاة (2514) شخصاً واصابة اكثر من 9450. داعياً الى العمل لإيجاد الحلول والاقتراحات ووضعها موضع التنفيذ للحد من هذه الحوادث او على اقل تقدير معالجة اسبابها والتخفيف من آثارها السلبية والتعرف على اهم العناصر التي تشترك وتتسبب في وقوع الحوادث المرورية والتي هي السائق والطريق والمركبة وغيرها.
ارتفاع نسبة الحوادث
وأوضح الهندواي: ان نسبة الحوادث المميتة بلغت (28.5%)، فيما كان عدد الحوادث غير المميتة (6,322) حادثاً مرورياً. مشيراً الى ان زيادة طفيفة حصلت في حوادث المرور المسجلة في عام 2015 بالمقارنة مع عام 2014 بلغت (0.24%). لافتاً الى أن عدد الوفيات بين الذكور من جراء الحوادث المرورية بلغ نحو الفي حالة وفاة اي مانسبته (77%) فيما كان عدد الوفيات بين الاناث اكثر من (570) حالة وبنسبة (23%) من المجموع الكلي للوفيات. مشددا على ان هذه النسبة تعد منخفضة بنسبة (9%) بالمقارنة مع عام 2014 فقد وصل عدد الوفيات في العام المذكور الى نحو (2800) حالة وفاة، بينما بلغ عدد الجرحى والمصابين نحو (9500) اصابة مرتفعا عن عام 2014 بنسبة (2.5%.).
واكد الناطق الرسمي لوزارة التخطيط ان تقرير الحوادث المرورية الذي اصدره الجهاز المركزي للاحصاء اظهر ان حوادث الاصطدام سجلت أعلى نسبة خلال سنة 2015 إذ بلغت (4,213) حادثا بنسبة (48%) من مجموع الحوادث تليها حوادث الدهس (3,405) حوادث بنسبة (38.5%) ثم حوادث الانقلاب (1,000) حادث بنسبة (11%) أما الأخرى (218) حادثا بنسبة (2.5%).

الموت كهربائياً
الإحصائيات الرسمية غير المعلنة  والتي حصلت عليها (المدى)  تشير الى وفاة اكثر من خمسة آلاف شخص بسبب الصعق بالكهرباء منذ عام 2005 وحتى العام 2015 لغياب احصائيات عام 2016. "سعد حردان" معاون طبي يعمل في احدى المؤسسات الصحية أوضح  ان مشكلة الكهرباء في العراق تسببت بموت الكثير من الناس ان كان بسبب العمل في هذا القطاع او بسبب الأمطار والتماس الكهربائي او بسبب الصعقة الكهربائية. مشيرا الى أن المؤسسات الصحية تستقبل بشكل مستمر حالات الصعق الكهربائي. مبديا أسفه ان اغلب الحالات تصل الى حالة الوفاة بالتالي ليس بمقدور الكوادر الطبية فعل شيء للمصاب.

فتحة مجاري تقتل ثلاثة
أنواع وأسباب الوفاة تنوعت في مجتمعنا بل وصل الامر الى اكثر من علامة الاستغراب والتعجب حينما تكون فتحات المجاري سبباً لوفاة عدد من الأطفال والأشخاص ممن يسارعون لمحاولة إنقاذ من يسقط في تلك الفتحات. "كرار" البالغ من العمر ستة أعوام  ذهب لغرض رمي الأوساخ في مكان اعتاد اهالي المنطقة رمي   النفايات قربه. لم تكن والدة كرار تعلم ان تلك الدقائق ستكون الاخيرة في حياة طفلها الذي سقط في فتحة المجاري المغطاة بالنفايات. لم تكتفِ فتحة المجاري بالتهام جسد كرار بل التهمت جسد اخيه "علي الذي" حاول انقاذه وكذلك جارهم الشاب "رياض".
 
مهندس يقتل شابين
في حادثة اخرى، يروي المواطن "مزعل حاتم" سبب وفاة حفيده البكر (بارق) خريج إدارة واقتصاد فرع الإدارة المالية على يد احد المهندسين  في بلدية الصدر الاولى حيث اتصل به المهندس المسؤول ليلاً وأمره بوجوب الحضور لمقر عمله في محطة (شاشاتي) بمدينة الصدر وقام بتكليفهم قسراً ومعه الشاب (علي غائب كمش) والذي يعمل مشغلاً لمحطة شاشاتي. مضيفاً: اذ قام بنقلهما بآلية الأمانة الى حي طارق لا صلاح الغطاسات في المحطة الرئيسية لتجميع المياه الثقيلة. واضاف حاتم:  ان العمل الذي كلف به حفيده وزميله ليس من اختصاصهما. مع علمه المسبق بعدم توفر مقومات ووسائل السلامة المهنية لمثل هذا العمل الشاق والبالغ الخطورة. لافتا الى ان هناك عمال بعنوان (نازول) مهمتهم اصلاح الغطاسات. منوهاً:  كما ان العمل الذي كلفا به يقع خارج نطاق الرقعة الجغرافية لمسؤوليتهما( شاشاتي) في حين ان المحطة في حي طارق.

الموت بسبب الخطأ الطبي
ان تموت وانت تذهب للعلاج فتلك مصيبة كبرى يجب ان تؤخذ بالحسبان. احد العاملين في مستشفي حكومي رفض الكشف عن اسمه لمخاوف إدارية أشار الى أن الجشع يسيطر على جميع العاملين في القطاع الصحي, مردفا: فهم لا يحترمون تخصصهم  فيجربون في المريض الى حد التسبب بإعاقته أو وفاته. مضيفاً: ان آلاف المرضى توفوا نتيجة التشخيص الخاطئ وهذا سببه ضعف رقابة الوزارة . وبين المصدر أن المشرفين والعاملين  في مكتب المفتش العام في  وزارة الصحة جميعهم أطباء. منوهاً الى تشيكل مئات اللجان التحقيقة حول اسباب وفاة مرضى. مستدركا: لكن لا يستطيعون محاسبة أي طبيب. موضحا: ان اللجان التحقيقية التي شُكلت برأت الاطباء وكتبت أن سبب موت المرضى سكته قلبية مفاجئة او مبرر آخر يلائم الحالة المرضية للمتوفى.

المختبرات توهم الطبيب
في حين تقول "الدكتورة ايلاف قاسم" ان بعض خريجي كليات الطب في العراق خاصة الأهلية يقومون بافتتاح عيادات خاصة بعد تخرجهم مباشرة. مشددة: ان هذا خطأ كبير لأنهم لا يمارسون ولا يتدربون تحت إشراف أطباء أقدم منهم في المستشفيات وهذا ما يؤدي إلى حصول كوارث كبيرة في تشخيص الحالة وإعطاء الدواء. لافتاً الى أن  التشخيص الخاطئ قد لا يتحمل الطبيب المسؤولية الكاملة عنه، ففي بعض الأحيان تعطي المختبرات نتائج خاطئة يعتمد عليها الطبيب ما يتسبب بخطأ في التشخيص وقد حدثت العديد من الوفيات لهذا السبب مع كل الأسف.

عند موت شيخ العشيرة
تتنوع روايات الموت وقصصه في العراق مثلما تتنوع الأسباب :سقوط منزل على عائلة، او سقوط جدار على طفل، دهس مروري، طلق ناري طائش بفوز المنتخب الوطني او لحفل زفاف. المواطن "جليل عبد الكريم" يقول: في شتاء العام الماضي تسببت الأمطار بانهيار عدد من البيوت في احدى قرى الناصرية ما أدى الى وفاة بعض الاشخاص. مضيفاً: والذي يبدو ان الموت يحترف مهنته في العراق، فمن ينجو من مفخخات الإرهاب يسقط في صراع عشائري او بتماس كهربائي او حادث سير او طلق ناري احتفاء بفوز المنتخب الوطني لكرة القدم او بسبب حفل زفاف او تشييع. متابعاً: وهذا ما حدث مع عائلة صديقي "أبو إكرام" الذي فقد اثنين من ابنائه نتجية فقدان احد الشباب السيطرة على سلاحه الذي كان يرمي به بمناسبة وفاة شيخ العشيرة.

فوز المنتخب الوطني ؟!
المدرس "ضياء عبد الحسين" فقد أحد أولاده نتيجة إطلاق نار لدى فوز المنتخب الوطني بمبارة فاصلة في العام الماضي. يوضح: مثل بقية الناس خرجنا نحتفي بفوز المنتخب الوطني الذي بات العامل الأهم في توحيد العراقيين. مردفا: لكن ماهي إلا دقائق حتى تعالت أصوات إطلاق النار. منوهاً: ان احدى الإطلاقات اصابت ولدي اصابة بليغة بحيث لم يستطع الكادر الطبي إنقاذ حياته بسبب تأخر الوصول الى المستشفى لازدحام الشارع.
اما "محمد مهدي" فقد تحدث بمرارة عما حدث له حين فقد عينه اليسرى نتيجة اصابته بطلق ناري عند فوز المنتخب الوطني. مبيناً انه كان يحتفل مع اصدقائه بالفوز وحين رفع رأسه لمشاهدة بعض الألعاب النارية التي اطلقت اصيب بطلق ناري كلفه فقدان النظر. لافتاً الى وفاة احد اصدقائه بعد دقائق نتيجة طلق ناري آخر الأمر الذي حول فرحة المنتخب الى نقمة وحزن.

حظر إطلاق النار
عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب "سليم شوقي" أعلن أن البرلمان سيُفعّل قانون حظر إطلاق العيارات النارية الموجود في المجلس. مشيراً إلى أن القانون يكافئ من يخبر عن مرتكب الفعل بمبلغ خمسة ملايين دينار. وقال شوقي في تصريح صحفي: إن القانون شرع من الحكومة في الفترة السابقة وهو موجود لدى البرلمان وقد قُرئ قراءة اولى وقريباً سيدرج في جدول الأعمال للقراءة الثانية. مبيناً أن العقوبات المحددة في القانون هي الحبس من سنة الى سنتين أو غرامة عشرة ملايين دينار وأيضا سحب السلاح. مضيفا: ان المخبر السري الذي سيُبلغ عن الشخص المُطلق للعيارات في المناسبات والشوارع سيأخذ نسبة 50% من الغرامة التي تؤخذ من مرتكب الفعل، أي خمسة ملايين دينار، وبذلك سيكون هناك رادع قوي ضد هذا الفعل الذي يؤذي الناس الأبرياء.