مجلة روز اليوسف المصرية ربما تكون الاولى عربياً في تناول الشخصيات العامة من كبار المسؤولين بدءاً من الملك ثم رئيس الجمهورية الى اصغر موظف برسوم كاريكاتيرية ، كجزء من حرص المجلة على التفرد بهوية تعتمد البورتريت. أسباب نجاح المطبوع وانتشاره ، واستقطابه الجمهورالواسع في الساحتين المصرية والعربية ، يعود الى الجو السياسي العام ، والإيمان المطلق بحرية التعبير ، فظهر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بأنفه الطويل ، أما صلعة وتجهم ملامح وجه السادات فكانت حاضرة في كل عدد، وبعده تعامل رسامو الكاريكاتير مع حسني مبارك بكامل الحرية من دون الشعوربالقلق . الصحافة العراقية لم تقترب من كبار المسؤولين الا باستثناءات نادرة جدا .
ملامح جوه الزعماء السياسيين في العراق تعكس على الدوام حالة استمرار أزمات مستعصية ، فشلوا في معالجتها بطريقة التراضي ، او باعتماد الدستور كما يزعمون . ما ان يعتلي الزعيم السياسي منصة القاء الخطاب ، حتى يكيل الاتهامات لخصومه ، لأنهم وقفوا حجر عثرة أمام تحقيق المنجزات والمعجزات للعراقيين على وفق برنامج اعتمده هذا الحزب او ذاك ، ورد ضمن بنود وثيقة الإصلاح السياسي .
خيبة العراقيين من اقامة نظام ديمقراطي يحقق العدل والمساواة ، يؤسس لبناء دولة عصرية ، جعلتهم يتخلون عن متابعة خطب ومواعظ الساسة . احيانا يتقصدون خفض الصوت ، لأنهم شعروا بالملل من التكرار. هذا الابتكار وفر فرصة متابعة حركة واشارات الخطيب ، وهو يزبد ويرعد محذرا من المخططات الاقليمية العدوانية الساعية لإجهاض التجربة الديمقراطية ، مطالباً الأطراف المشاركة في الحكومة بتقديم المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية والفئوية. ثم تنتهي خطبة الزعيم السياسي فتتولى الفضائية التابعة له بث برنامج خاص بإجراء لقاءات مع محللين سياسيين لتحليل الخطاب وبيان تأثيره في الساحتين الاقليمية والدولية ، فيما يضع متابعو الخطاب من المشاهدين جهاز التلفاز على الصامت .
الكثير من العراقيين يتداولون مفردة "الجينكو" في الاشارة الى الوجه العبوس المضروب بجم ، فما ان يلتقي احدهم بآخر حتى يطرح عليه سؤال الاستفسار: لماذا وجهك عبوس لابس الجينكو وناصب جادر، فيضطر الآخر الى شرح اسباب بروز ملامح الحزن والكآبة على وجهه ، لتأخر انجاز معاملة الحصول على بيان ولادة لحفيده ، وخضوع حيهم السكني لساعات طويلة لنظام قطع التيار الكهربائي المبرمج ، وفشله في الحصول على راتبه التقاعدي لانعدام توفرالسيولة النقدية في مصرف يقع بمنطقة قريبة من سكنه ، والسبب الأخير إصابته بخيبة امل من اداء الساسة العراقيين الذين يطلون يوميا عبر شاشات الفضائيات بوجوه متجهمة تستعرض تفاصيل اندلاع الأزمات السياسية من دون الإشارة الى من اشعل فتيلها، لهذه الأسباب وغيرها اصبح الجينكو علامة فارقة للكثير من الوجوه .
مع وصول فريق المحققين الدوليين لكشف ملفات فساد بموجب مذكرة تفاهم بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة ، صدرت تصريحات تعبر عن اعتراض اصحاب وجوه الجينكو على الاستعانة بجهة دولية مستقلة لإنقاذ العراق من الفساد وحيتانه الكبار، يوم لا ينفع حزب وكتلة الا من ظهر بالوجه الابيض كأنه كيمر السدة حين يفضح الفريق الدولي المتورطين بسرقة المال العام .
وجهك كيمر السدة
[post-views]
نشر في: 22 أغسطس, 2016: 09:01 م