TOP

جريدة المدى > سينما > فيلم الهروب.. حين تمثل الكاميرا وجهة نظر البطل طيلة الفيلم

فيلم الهروب.. حين تمثل الكاميرا وجهة نظر البطل طيلة الفيلم

نشر في: 25 أغسطس, 2016: 12:01 ص

"الهروب" هو عنوان معبر لأحداث الفيلم ، وهو هروب ليس ككل هروب بل هروب من موت محقق ، انها مجزرة سبايكر التي راح ضحيتها 1400 شاب صغير التحقوا حديثا كطلاب في مدرسة القوة الجوية .الحكاية تبدأ  الحكاية بسماع صوت مرتبك لجندي من تلاميذ مدرسة القوة الجوي

"الهروب" هو عنوان معبر لأحداث الفيلم ، وهو هروب ليس ككل هروب بل هروب من موت محقق ، انها مجزرة سبايكر التي راح ضحيتها 1400 شاب صغير التحقوا حديثا كطلاب في مدرسة القوة الجوية .

الحكاية
تبدأ  الحكاية بسماع صوت مرتبك لجندي من تلاميذ مدرسة القوة الجوية ، يدعو الله لإنقاذه من محنته ، محنة الموت المحقق من مجزرة سبايكر التي شاهدنا الكثير من مقاطع الفيديو التي نشرتها داعش عنها ، لا وجود لبطل هنا ، الكاميرا هي التي تعبر عن وجهة نظر البطل ، الجري بمشقة بين طرقات وبساتين القرية القريبة من الحادث ، عناصر داعش يلاحقون طريدتهم ، مشددين على ذبحها حال الامساك بها ، اماكن عدة مر بها الطالب الجريح ، ولم تكف مطاردة عناصر داعش له ، يختبئ في زريبة حيوانات ، ومن ثم يتحرك نحو غرفة قريبة منها ، يسمع صوتين عاشقين يتغازلان ، ويتمنيان لو تزوجا بأقرب وقت ، هنا يقتحم داعش المكان ، ويسأل عن علاقتهما مع اطلاق سيل من الشتائم البذيئة بحقهما ، بسبب خوفهما يقول الشاب انها زوجته ، فيأمره قائد المجموعة بأن يطلق زوجته ، وبعد ذلك يأمر عناصره بإعدامه ، ليقوم هو باغتصاب الفتاة ، لكنه يفاجأ انها ما زالت باكرا ، وكأن مضاجعة المطلقة دون عدة لا تعتبر زنى ، فيأمر الفتاة بأن تغتسل وبأنها اصبحت زوجته وفق قاعدة نكاح الجهاد . يواصل الطالب الجريح رحلة الهرب بعد ان تدله الفتاة على مكان محطة القطار ، ليصل الى احد المستشفيات ويتصل بأهله من هاتف احد الشباب ، هنا تنتهي الحكاية ، لتظهر لنا بعض اللقطات الوثائقية ، وكتابة على الشاشة تذكر بفاجعة سبايكر وإهداء الى روح تلاميذ القاعدة الجوية .
سيناريو الفيلم الذي كتبه الروائي محمد حياوي ، اعان المخرج ذو الفقار المطيري كثيرا في عمله ، لان من الواضح جدا اتقان المبنى الحكائي للسيناريو ، من خلال تدفق الاحداث وتصاعدها ضمن الخط الدرامي الارسطي ، مع التصرف بذكاء في مفاصل هذا المبنى ، وجاءت المعالجة الفنية للمخرج وكادره غاية في الاقناع ، خصوصا وان اختيار ان تكون الكاميرا هي التي تعبر عن وجهة نظر البطل ليس بالعملية السهلة ابدا ، وتحتاج الى جهد كبير ، خصوصا من قبل مصور الفيلم وهو هنا المصور عماد مصطفى كذلك مساعده تمار ميثم ، وبقيت الكاميرا كذلك للنهاية ولم نشاهد وجه البطل ابدا ، وهي تجربة لا اعتقد ان احد من المخرجين الشباب قد جربها ، كذلك باقي الافلام العراقية ، واعتقد لو توفرت الامكانية للمخرج ولكادر عمله ، لكان بالإمكان ان يكون كل الفيلم عبارة عن ( one shoot) ، لكن هذا يحتاج طبعا الى تعديل في السيناريو ،وكذلك الى بذل جهد كبير من خلال الاصرار على الاعادة لأكثر من مرة لتحقيق الهدف ، كون وقت الفيلم عشرين دقيقة ومواقع التصوير مواقع ريفية صعبة ، لكن لو ارادوا تحقيق ذلك لحققوه وهو ليس بالأمر المستحيل ، ولكان الفيلم قد خرج الينا بصورة اخرى غاية في الروعة.
الفيلم السينمائي يحتاج الى مراجعة او مراجعات كثيرة قبل عرضه ، للوصول الى اكبر قدر من الجاهزية الفنية ، لكن هناك العديد من الاخطاء والتي استطيع وصف بعضها بالساذجة قد وقع الفيلم فيها ، بسبب عدم اهتمام دائرة السينما والمسرح وهي المنتجة للفيلم بذلك ، فالمنتج الفني هو الاستاذ قحطان عبد الجليل والمشرف هو الاستاذ اسماعيل الجبوري ، وكل كادر العمل مسؤولون عن اخطاء كان من المفترض ان لا تمر ، في نهاية الفيلم تظهر كتابة على الشاشة تقول في الـ12 من حزيران أغسطس 2014 ، تمكنت الخ ، هل من المعقول ان لا يعرف صانعو الفيلم والمشرفون عليه ان اسم شهر حزيران هو يونيو وليس اغسطس ، في مشهد اختباء البطل في زريبة الحيوانات ، يأتي احد الدواعش ويشعل سيكاره ويلقي عود الثقاب على بقايا القش فتحترق الزريبة ، والمعروف ان الدواعش لا يدخنون ، بل يعتبرونها جريمة يعاقبون عليها بالجلد ولو كان التبرير هو لفضح تناقضهم ، فهذا بعيد عن موضوعة الفيلم .
في مشهد اعتداء الامير الداعشي على الفتاة في الزريبة ، يندم الامير بعد معرفته انها باكر وليست زوجة الشخص الذي قتلوه قبل قليل ، وكأن الاعتداء على المطلقة هو امر شرعي ، ولان الفيلم يتعرض لبشاعة داعش فلا داعي لإظهار ندمه ، بل إظهار استهتاره .
المشهد قبل الاخير حين يصل البطل الى المستشفى ويفتح عينيه يشاهد امامه ممرضه تسأله عن حاله بجمل بسيطة جدا ، لا تصلح ان تصدر من ممرضة يفترض ان تعرف مسبقا انه مصاب وينزف ، وتنهي جملها ، بانها ستجلب له ابرة "أولفين" لتخفيف آلامه وهذا النوع من الحقن يستخدم للمفاصل والعظام ، الامر الذي افقد المشهد مصداقيته وعفويته.
المشهد الاخير هو خروج البطل من المستشفى ساحباً نفسه بتثاقل وهذا ما نستشعره من خلال تعب انفاسه ، لكن ما هو مبرر الخروج من المستشفى وهو النازف لدمه طيلة يوم سابق كامل ، هل فقط ليكتب رسالة الى اهله من خلال موبايل احد الشباب الواقفين بباب المستشفى ، لم يكن رسم نهاية الفيلم موفقة ، بل جاءت مترهلة مما افقد الفيلم جماليته التي امتدت على طول العشرين دقيقة وهي وقت الفيلم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram