TOP

جريدة المدى > عام > كيكوكتي.. كيكوكتي.. كواكتي

كيكوكتي.. كيكوكتي.. كواكتي

نشر في: 29 أغسطس, 2016: 12:01 ص

الكلمةانا .. حزين  ..أنا  وحيد انا منهوب  ..كأنما رد عليه أحدهم.. طبك مرضالإهداءالى المنولجست الخالد عزيز علي ورائد المربعات فاضل رشيد أصدقاء الطفولة.. المفقودةكان المقهى يضج بالشعب ..حليق الرأس..طويل الشعر .. شارب طويل مفتول..بلا شارب

الكلمة
انا .. حزين  ..أنا  وحيد انا منهوب  ..كأنما رد عليه أحدهم.. طبك مرض

الإهداء
الى المنولجست الخالد عزيز علي ورائد المربعات فاضل رشيد أصدقاء الطفولة.. المفقودة

كان المقهى يضج بالشعب ..حليق الرأس..طويل الشعر .. شارب طويل مفتول..بلا شارب .. بصاية وجراوية.. ببذلة وربطة عنق ..بدشداشة..بِشروال  ..مقهى للخرسان .. وآخر للعميان..وواحد للأسطوات: بناؤون ..صباغون ..عمال مطاعم .. لكن ما شدني في العام 2016 حين كان أحدهم وهو يقول لصاحبه وبصوت عذب لكنه غارق في اللوعة والألم ..كأنه كان يحتضر
_ لم أعد أحس بالحماسة لهذه الحياة ..كاني فقدت الرغبة فيها
_  لماذا ؟
_ لانني لا استطيع تحمل منظر القتل والدم وهتك الاعراض وقتل النساء والاطفال وكبار السن والشباب وحرق الاخضر واليابس  ..والنهب. والسلب.وهدم البيوت .. وتهجير الناس من مناطق سكناهم .. والازبال التي ملأت الشوارع والأزقة والساحات ..
_ وربما لأن بيتك في هيت استغله الدواعش كنادٍ لتجمعهم .. وهجروك وشردوك انت وعائلتك واستولوا على اموالك ومصدر رزقك.
 عدل  من جلسته وسحب نفسا طويلا من سيكارته وبدا مثل مهزوم:
_  ربما كان هذا واحدا من الأسباب لكن ياصديقي اسمعني جيدا أرجوك ..أنا  لم يعد يشرفني أن اعيش مع هذا النوع المخزي من البشر < ناس تاكل ناس> استنكف من العيش معهم .  تذكر ابو رتاج الرجل صاحب المبادئ والمحاضرات في بيوت الله كان قد سرقني وهرب مع عائلته الى بلجيكا ايام الهجرة الجماعية.
امتلأ  قلبي قيحا وألما وحزنا واحسستني مثل غريق يحتاج الى نسمة هواء طيبة .. كنت كمن يشهد حرائق بلدي ودخانها يملأ صدري ..
فنهضت من المقهى ورحت أسير في شارع  الرشيد ..وفي محلة جديد حسن باشا وصوت ذلك الطائر الغريب وهو يردد كيكوكتي..كيكوكتي.. كواكتي  .. هذا الصوت  كان مثل  شمعة بائسة  ....وكانت امي رضية حمودي جواد تقول عن هذا الطائر  أنه لايستطيع أن يعيش لوحده أبدا فهو يموت اذا عاش لوحده .. وهو يردد الكيكوكتي.. كواكتي ومعناها  << أنا حزين .. أنا وحيد.. انا منهوب ..في هذه الأعوام لم نعد نسمعه ..طفولتنا القديمة  كانت  مليئة بأصواته دون ان نفهم معناها  لكنها كانت تدفعنا الى الشعور بالوحشة  والانزعاج ..حين كنا صبيانا  لم تكن هناك  حلول وسط ..أما مقرف وأما  مفرح .. لكني والحق أقول ان صوته  اختلط  بل أمتزج  بالأناشيد الوطنية ..وأقوال الحكماء ..والوعاظ ..وأبواق السيارات ..وصافرات سيارات النجدة .. والإسعاف والكلاب السائبة والقطط الجائعة ..وصرنا صبية  نلتحق بالكشافة والمخيمات .. ونردد تلك الشعارات ..الشعب .. الوطن  ..  الحريه .. المساواة .. العدالة ..واهمها فلسطين عربية فلتسقط الصهيونية ..  والشعب .. ومنهم الرياضيون ..ويسمونهم الجمهور وفي الراديو .. المستمعون .. وفي التلفاز.. المشاهدون ..وفي الاسواق المتبضعون ..والذين يسافرون من الشعب لغرض المتعة يسمونهم .. السائحون ..ومن ضمنهم الكتاب والفنانون والنحاتون ومن تركناهم في المقهى ..بناؤون .. صباغون .. وموظفون .. ومتقاعدون .. ومرضى ..وربات بيوت .. وطلبة  المدارس والجامعات وروضة الاطفال ... وكاسبون وعاطلون عن العمل .. والراقصات ..واصحاب الدفوف .. ورعاة الاغنام ..والبدو الرحل .. والمزارعون والتجار الصغار..والصغار في احضان امهاتهم .. ودار المسنين.. ومقدمو البرامج .. والمنتجون  ..ورجال القوة الجوية والبحرية ..والشرطة ضباطا ومراتب .. والجيش بكل صنوفه..والاطباء والصيادلة ..وسوق هرج .. وبكل هرجه ومرجه   وبضمنهم جمهور الملاعب الدولية ملعب الشعب .. وملعب  كربلاء ..وجمهور ملعب الكشافة .. وملعب العوينة وملاعب المحافطات كل هؤلاء البشر لم يفطنو بعد  ان نوابهم  في برلمانهم ..ما زالو يضحكون عليهم ..واليوم كأنما اكتشفو الامر ..فراحو  يصيحون....وكأنهم ملايين من الحمام  يرددون  وبصوت واحد
كيكوكتي.. كيكوتي.. كواكتي  ...
ورضية حمودي جواد صرخت بي وهي تقول
_  ولا أحد يجرؤ ان يقول لهم < طبكم .. مرض >.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram