تزامناً مع إعلان لجنة الشباب والرياضة البرلمانية بلسان رئيسها جاسم محمد جعفر عن انعقاد اللقاء الأول بينه وبين أعضاء لجنة الخبراء المشكّلة مؤخراً لبحث أزمة المشاركة الخائبة للبعثة الأولمبية في دورة ريو، تصاعدت لغة الشكوك في أوساط إعلامية وجماهيرية بعدم جدوى دور اللجنتين وإنتفاء الحاجة له حتى قبل فتحهما ملف البعثة في الاجتماع المقبل.
لمصلحة مَنْ يتم ترويج مثل هذه القناعات المُسبقة برغم أن لجنة الخبراء لم تنتهِ من تسمية اعضائها رسمياً بدليل أن هناك اسماءً أخرى يَجري التباحث في ضمّها لاكتمال التوليفة الأكاديمية التي تطمح الرياضة البرلمانية وجودها بما تمتلكه من خبرة عميقة لتفكيك الأزمة والإيصاء باتخاذ إجراءات قابلة للتنفيذ وفق المرحلة الراهنة.
ما تسرّب الينا من مصادر تلك الشكوك أن هناك مستفيدين من الوضع الأولمبي سواء في مكتبه التنفيذي أم الاتحادات وحتى الأندية التي تراقب التخبّط والتمزّق والضعف لرسم أدوار جديدة في الانتخابات القادمة، قسم كبير من هؤلاء عدّوا مصارحة رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية رعد حمودي في ندوة المركز الوطني للشباب والرياضة خِتاماً حتمياً لقصّة تداعيات المشاركة المؤلمة والإخفاق الذريع في الألعاب الخمس، وبالتالي تمكّن الرجل من غلق أفواه الصحفيين ودفعهم لرفع أقلامهم باتجاه المنتخب الوطني في مواجهته الصعبة أمام استراليا غداً الخميس وقضايا أخرى غير تلك المهزلة التي يرون أنها اصبحت طي النسيان بعد فضّ الندوة !
قناعة بليدة حقاً لا يمكن الإيمان بها مطلقاً، فالحِساب الفني والمالي قد بدأ فعلاً تحت قبة البرلمان، وإذا ما أخذت لجنة الخبراء مساحتها المستحقة من التمدد في الأفكار والأدلة ذات العلاقة بتطويق الأزمة لتحديد المقصّرين من دون مراعاة مناصبهم وتاريخهم بموجب وقائع مستنبطة من صلاحياتهم وواجباتهم في البعثة، تكون اللجنة قد استوفتْ استحقاق تشكيلها أملاً بكتابة توصياتها بفترة وجيزة لتوضَع أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية كي تقوما بدورهما مثلما يقتضي الدستور العراقي لحماية المال ومراقبة حركته ومحاسبة من يُثبت هدره لينال الجزاء العادل لدى السلطة القضائية.
وإذا كانت شخصية رئيس اللجنة الأولمبية بهدوئه المعروف وحُسن علاقاته مع الجميع وميوله الى تضييق المشاكل مهما توسعت وغلق أبواب مكتبه التنفيذي أمام صراعات وتكتلات تمرّس البعض في لعب دور (الرئيس الخفي)، إذا كانت كل صفاته تلك لم تسعفه في تقنين انفعاله خلال الندوة ولجوئه لإنهاء كبته منذ ست سنوات بإعلان الهجوم على الاتحادات الخاملة والمزورة والمراوغة وتحوّله الى ديكتاتور في اتخاذ القرارات مستقبلاً ، فهذا لا يعفي لجنة الخبراء من تضييفه لبيان موقفه مما يحصل في البيت الأولمبي لاسيما أنه كشف ( بقصدٍ أو من دونه) عن خطورة استمرار المكتب التنفيذي وعدد كبير من الاتحادات اعترف انها ( بلا خُطط ، وانشطتها لا تُغني الرياضة وتوظَّف لأغراض انتخابية ،وتخشى أن تَضُمّ الخبراء، وتنفق الميزانية على موظفيها بنسبة 70%، وتشارك في بطولات وهمية وتحمل سلة الميداليات بواسطة التزوير ) فماذا بقي من عمل أولمبي مُنظّم ونظيف يُمكن أن يُعزز ثقة السلطات الثلاث بالمكتب التنفيذي للجنة الأولمبية ويمنعها من التدخل ليستمر حتى عام 2018؟
لماذا نعتقد أن شؤون العمل الأولمبي في العراق حِكراً على قيادته ولا يجوز الاقتراب منها أو توبيخها أو التصرّف معها بموجب قوانين البلاد إذا ما ثبُتَ انها غير جديرة بالحِفاظ على مصلحة الرياضة في البلد، لماذا لا نتأمّل ونتّعِض من مواقف شجاعة أقدَمتْ عليها شخصيات سياسية ورياضية حرصت على سمعة بلدانها ومصالح شعبها؟ رئيس جمهورية زيمبابوي روبرت موغابي أبلغ وزير الداخلية باقتياد 31 رياضياً الى السجن حال وصولهم المطار لفشلهم في ريو واضاعتهم الأموال المخصصة الى بناء المدارس وتطوير القطاع الصحي وطالبهم بالتوقيع على اعتبار المبلغ قرضاً واجبَ السداد ويُستقطع على مدى 10 سنوات، وذاك رئيس اللجنة الأولمبية الرومانية آلان بتراتش يقدم استقالته في نهاية العاب ريو مبرراً ذلك "من أجل ألا يَصطدِم تحليل الاستعدادات ونتائج الرياضيين بمعايير التدرّج الوظيفي" علماً أن رومانيا نالت خمس ميداليات ( ذهبية وفضية وثلاث برونزيات) ولم تكن ردة رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية عبدالله بن مساعد أقل تأثيراً من عقوبات الإصلاح المباشرة لمن ذكر آنفاً حيث قرر إعفاء رئيس اتحاد العاب القوى وحلّ مجلس إدارته لتواضع نتائج مشاركته في الأولمبياد.
سنبقى بانتظار ما تكشفه لنا لجنة الخبراء عبر لجنة الرياضة البرلمانية بخطوات عملية تأخذ بنظر الحسبان عدم إهمال أية معلومة اسهمت في الهزائم الأربع للاعبي الجودو والتجذيف ورفع الاثقال والملاكمة وما واجهه المنتخب الأولمبي لكرة القدم من مشاكل فنية وإدارية وهدر مالي على خمسة معسكرات مع عقود الأسبان الثلاثة وشجون أخرى ضمّنها الزميل عدنان لفتة موفد اتحاد الصحافة الرياضية في متواليته التوثيقية بعد العودة من ريو تارة وما صرّح به بعض الرياضيين تارة أخرى، لتكون التوصيات فاعلة حتى لو استلزم الأمر طلب استجواب أي شخص مسؤول في اللجنة الأولمبية الى قبّة البرلمان.
دعونا ننظر للأزمة من مصلحة تشذيب ما عَلِق في قمة وقاعدة الهرم الرياضي من أدران التخلف والفساد والتزوير التي استحكمت ونَخرَتْ أسس العمل الأولمبي منذ عام 2003 وآن الأوان لاستئصالها.
استجواب أولمبي
[post-views]
نشر في: 30 أغسطس, 2016: 04:12 م