شاءت قرعة تصفيات الدور الحاسم المؤهل الى مونديال روسيا 2018 أن تضع منتخبنا الوطني في مواجهة شقيقه السعودي في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثانية التي ستشكل ضغطاً كبيراً على الأسود لرد الإعتبار بعد الخسارة المستحقة بهدفين من المضيف الأسترالي الخميس الماضي، وفي المقابل سيدخل المنتخب السعودي ملعب (شاه علام) بدافع مضاعفة الرصيد عقب فوزه الصعب على ضيفه التايلاندي بهدف نظيف، وبذلك نترقب جولة مثيرة على مستوى الأفراد والمجموعة تليق بالمنتخبين العريقين على صعيد آسيا.
لم تعد فرصة المنافسة سانحة أمام منتخبنا إلا إذا بدأ أولاً باستئثارالنقاط الثلاث بعد غد بالطريقة التي تحفظ له حقّه بالذهاب بعيداً في طريق المونديال وليس التهيئة مبكراً لوداعه لاسيما أن جُلّ عناصره سبق أن واجهت السعودية في مناسبات مختلفة كان التحدي حاضراً لإثبات الجدارة من الطرفين بحُكم امتلاكهما أفضل العناصر الدولية، وتميُّز الدوري المحلي في البلدين بتخريجه خيرة الموهوبين ممن يصلحون للدفاع عن المهام الخارجية بمستوى فني راقٍ.
كما أن خسارة نقاط موقعة بيرث أمر وارد ولم يكن بعيداً عن تقييم المحللين لأداء وتحضيرات الأسود بعد تشتتهم بين رحلة الأولمبي من مطلع حزيران حتى أواخر آب الماضي، وبين التزامات انديتهم الأوروبية والأميركية، وقسم منهم لازموا بيوتهم بعد انتهاء دوري الكرة الممتاز، فحصل الإنهيار في الجولة الأولى نتيجة ضيق الوقت وليس لسبب آخر، أما الآن لا يمكن تبرير أي إخفاق في حال تمكّن الضيف السعودي من حسم لقاء كوالالمبور وزاد من نقاطه الى 6 ما يضاعف معاناة منتخبنا ويحضّه على معالجة موقفه قبل فوات الأوان.
المعلومات الواردة من مقر إقامة بعثة المنتخب تشير الى استقرار المدرب راضي شنيشل على تشكيل يتناسب وأهمية لقاء السعودية والمراكز المتقابلة حسب مهارة وإمكانية اللاعبين الأشقاء الذين يعانون أيضاً من انخفاض المستوى وعدم فاعلية خط الوسط وميولهم للعب الكرات العرضية مع بطء حركة المهاجمين وهي مؤشرات سلبية تضع منتخبنا أمام خيار إغتنام الفرصة للتسجيل المبكّر مع استمرار الضغط في ساحة الفريق السعودي بغية تعطيل دور الجانبين اللذين يشكلان مصدر قوته لبناء الهجمات.
ولن نبخس حق منتخب السعودية وما يخطط له المدرب الهولندي بيرت فان مارفيك الذي تتفاءل به الكرة السعودية مثل مواطنيه بينهاكر ( 1994 )، كويمان ( 2002) ، فاندرليم ( 2002 – 2004 ) وريكارد ( 2011 -2013 ) حيث تكيّفت كرتهم مع المدرسة الهولندية المؤثرة في اساليب اللعب المتنوعة وعلى وجه الخصوص التركيز على الجناحين، ومع ذلك فالأخطاء رافقت هؤلاء ومارفيك أيضاً الذي فاز بشقّ الأنفس على تايلاند ومن ركلة جزاء أثارت الجدل بين خبراء التحكيم ودعت الاتحاد التايلاندي لتقديم الشكوى ضد الحكيم الصيني فو مينج لدى الاتحاد الآسيوي!
نعم موقعة كوالالمبور تعد منعطفاً مهماً في رحلة التصفيات لمنتخبنا الوطني وليست نهاية المهمة فهناك جولات قادمة ، لكن لا نريد إصلاح شأن المنتخب على حساب جمالية العرض وإحترام المنافس والحرص على التمثيل المشرّف للكرة العربية أمام ملايين المشاهدين الذين ينظرون لكرتي العراق والسعودية بانهما مثيرتا الاهتمام بفنون لاعبيها واهدافها وسحر خططها وليس لأمور أخرى خارجة عن المستطيل الأخضر، فرسالة كوالالمبور تبقى من أهم الرسائل الاجتماعية المرتقبة في الزمن الحالي بأن كرة القدم قادرة أن تصلح ما أفسدته تداعيات شؤون الحياة في مجالات أخرى، وأن الشباب العربي هم سفراء المستقبل لقيادة الجماهير الى مرافئ السلام والمحبة ووحدة المصير.
سفراء فـي كوالالمبور
[post-views]
نشر في: 3 سبتمبر, 2016: 03:47 م