يبدو أن أبسط موجبات الحياة المدنية في البصرة باتت مستحيلة، في ظل حكومة لا تمت للعصر والتحضر والمدنية بشيء، وإلا ما معنى الموقف السلبي منها تجاه قناة البصرة الفضائية، النافذة اليتيمة التي يُطل البصريون منها على العالم، ما معنى تجاهل نداءات مديرها حيدر السعد، ما معنى محاولات نقل البعض من أعضاء كادرها الإعلامي الى وظائف لا علاقة لها بالإعلام، ما معنى التحجيم والتقليل من شأنها، وحجب التخصيصات المالية عن إدارتها، في وقت تنفق فيها المبالغ الطائلة على أتفه المشاريع، هل نذكّر بثمن تعليق آية الكرسي في المبنى الحكومي؟
لا نريد الخوض في تاريخ الصحف ووسائل الإعلام في البصرة الذي يمتد منذ أواخر العهد العثماني الى اليوم، لكننا نذكر أيضاً، بانَّ علاقة وحاجة البصريين الى وسائل الإعلام لم تكن قصيرة العهد، فهي تمتد فتتجاوز المئة سنة، لكننا نؤكد سوء فهم الحكومة المحلية لدور الإعلام، ولو كانت الحكومة هذه على قدر من المسؤولية والفطنة لعززت من شأن القناة عبر وسائل عدة، ليس أولها الدعم المالي وليس ثانيها دفع عجلة التحضر للامام وليس آخرها الفائدة والمنفعة لسكان المدينة بملايينها الثلاثة، وهنا ننصح بأن تولي الحكومة هذه أهمية كبرى لوجود القناة، ومن ثم التفكير بكيفية استقلالها ماديا عبر الاعلانات لتخفف العبء على خزينة المحافظة، هذا إذا كانت القناة تشكل همّاً مالياً عليها.
بدا واضحاً للبصرين أن إدارة القناة لم تستجب بشكل كامل، لمشيئة غالبية اعضاء الحكومة، المعروفة بإنحدارها من الأحزاب الاسلامية، والتي لا يروق لها النقد الموجّه عبر القناة لأدائها، لذا، فهي خائفة، مرعوبة من كل كلمة حق تنطلق من شاشتها، ذلك لأن جمهور المدينة لم يلمس خيراً، وعبر السنوات الماضية كلها من الحكومة هذه، ويعلم عن قرب ودراية حجم الإهمال والسوء الذي يكتنف عملها، ومَن يتجول في شوارعها، ويدخل اسواقها ويطلع على شبكة انهارها، ويستعلم عن مشاريعها في المجاري والصحة والتعليم أو يبحث في شان زراعتها وتخريب ثرواتها، من يدخل إحدى دوائرها ومؤسساتها الخدمية والأمنية، من تكون لها حاجة في إحد مراكز الشرطة او المرور أو أية جهة لها علاقة بأمن وحياة الناس سيقع على الأهوال، سيجد العجب العُجاب. ولأكثر من مرة كان نداؤنا: أنقذوا المدنية مما هي فيه. لكننا كمن يصرخ في وادٍ لا مجيب فيه.
قناة البصرة ليست منّة من الحكومة المحلية، فهي مما أقرته في جلساتها، وخصصت المبالغ الكبيرة لها، ونحن في البصرة وإن كنا نعرف الآلية المربكة التي رافق نشأتها، والعمل المرهق الذي قامت عليها، فضلاً عن الاخطاء التي رافقت فقرات العقد مع الشركة المنفذة، لكنَّ ذلك لا يعني شيئاً إزاء أهميتها اليوم، وضرورة وقوف الحكومة الى جانب كادرها البصري، الذي أطلق نداء الاستغاثة المدوي، دونما استجابة، إذ من غير المعقول أن نجد مدناً ومحافظات عراقية استطاعت حكوماتها المحلية أن توجد لها فضائيات ذات بث مستقر واداء معقول، بما يتناسب مع حجوم المدن تلك، دونما مضايقات أو تحجيم من قبل الحكومات هناك، لكن الغريب وغير المنطقي موقف الحكومة المحلية السلبي من قناة البصرة، هذه المدينة الاستثنائية، الغنية بثرواتها وانسانها.
وبذلك نقول كلمة: إذا كان من بين اعضاء الحكومة مَن لا يعي أهمية القناة هذه، ننصحه بتغيير مواقفه منها، وإذا كان من بين الإعلاميين داخل المبنى الحكومي مَن يعمل على تخريب المشروع هذا ننصحة أن يعدل عن ذلك، هو مشروع بصري بحق يقتضي منا الموقف النبيل المشرّف من سبيل إنجاحه.
قناة البصرة الفضائية تستغيث
[post-views]
نشر في: 3 سبتمبر, 2016: 09:01 م