كلماته طافت على سطح الأهوار، فلم نعد ندرك ما إذا كان الهور قد ترك أثره فيه، أم انه هو الذي امتزج بالأهوار؟ شاعر الأهوار الثائر مظفر النواب، تحدث عن المكان، وساكنيه، جسد وجعهم وابتساماتهم وصمتهم، عني بأغنية الهور، وكلماته وسجعه، جاءت أشعاره تارة متغزل

كلماته طافت على سطح الأهوار، فلم نعد ندرك ما إذا كان الهور قد ترك أثره فيه، أم انه هو الذي امتزج بالأهوار؟ شاعر الأهوار الثائر مظفر النواب، تحدث عن المكان، وساكنيه، جسد وجعهم وابتساماتهم وصمتهم، عني بأغنية الهور، وكلماته وسجعه، جاءت أشعاره تارة متغزلة، وأخرى باكية، تارة تشكو بحال المنطقة، وأخرى تثور على واقعها.
غنى الكثيرون اشعار النواب بحق الهور، وتغنى الكثير من أناسها بأشعاره التي لامست قاع تلك المنطقة، في هذه الأيام، وبمناسبة انضمام الاهوار إلى لائحة التراث العالمي، أقام منتدى بيتنا الثقافي جلسة لاستذكار النواب صباح يوم السبت الفائت، وحضر الجلسة كبار شعراء العراق الشعبيين، كما أحيا عدد من المطربين والموسيقيين أشعار النواب التي تغنت بالأهوار.
المطرب العراقي ستار الناصر افتتح الجلسة قائلاً "هذا مهرجاننا الأول في استذكار النواب وليته لا يكون الأخير، لدينا طموح كبير أن يكون هذا المهرجان أوسع لكن الوضع حجمنا للأسف."
ويضيف الناصر "أن سيرة النواب كبيرة لاتقف عند مدى معين أو حدّ فيكفي أنه الشاعر الانسان، الشاعر الثائر، صاحب القلب الصافي والصادق الذي وصل إلى العالمية لما يمكلة من قدرات وقوة أثبتها من خلال القصيدة."
الشاعر والمناضل الوطني ألفريد سمعان الذي لا يدري إن كانت هذه المرة الاخيرة التي يحضر خلالها استذكاراً لأحد الشعراء ذلك أن المرض بدأ يتغذى عليه، ويقول سمعان "من الصعب الحديث عن النواب، فأنا عرفته منذ عام 1959 حين بدأت رحلتي مع الشعر وكان النواب حريصا على أن يكون مبدعا لذلك لم يتكئ إلى أحد وعمل بجدية وثقة وحرص."
وأضاف سمعان "كنت شديد القلق والحرص عليه، أكثر من نفسي حتى، وكنت احاول حمايته من البعثيين." مؤكداً "أن النواب قدم للقصيدة العربية سواء أكانت شعبية أو غيرها الكثير وأصبح معروفا وهو يرافق الحركة السياسية بجرأة."
بدوره، ذكر شاعر القصيدة الشعبية عريان السيد خلف: "التقيت النواب في السجن بعد أن ألقت به السلطات الايرانية بيد البعثيين، كان أنيقاً وسيماً باسماً وكنا نستمع لأجمل ما يصدح به من اشعار، كان يحفزنا كثيراً لنكون أكثر اصرارا وقوة ."
ويستذكر خلف مواقفه مع النواب قائلاً "سألته ذات مرة لماذا يكرهوننا بهذا القدر؟ قال لا يكرهنا إلا الأراذل، ولا يحبنا إلا الأفاضل."
مواقف كثيرة جمعت الشاعرين عريان السيد خلف والنواب، بحكم الميول المشتركة، والهموم المشتركة، والكفاح الوطني المشترك، حيث يقول خلف "من المواقف التي اذكرها مع النواب أنه كتب لي مقدمة ديواني "صياد الهموم" والتي كادت أن تؤدي بي إلى السجن حين قرأها أحد الجلاوزة وأخبر ما جاء بها إلى السلطات قائلا ( هكذا يرى النواب عريان السيد خلف ) كان النواب شاعراً وانساناً ثائراً وحنوناً يمزج المتناقضات بشخصيته الوطنية الحقيقية ."
حضر الجلسة كل من الشاعر كاظم غيلان والفنان علي حافظ، وقرأوا قصائد من أشعار النواب التي قيلت بالأهوار، كما تخلل الجلسة تقديم عدد من الاغاني التي كتبها النواب للأهوار.