اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الدولة المستعصية

الدولة المستعصية

نشر في: 18 سبتمبر, 2016: 09:01 م

لماذا ، بعد أكثر من ثلاث عشرة سنة من إطاحة نظام صدام حسين، فشل خلفاؤه في إقامة الدولة التي وعدوا الشعب العراقي بإنشائها له، وهي الدولة الديمقراطية الفيدرالية المستقرة والمزدهرة، التي تعوّضه عما لحق به من ظلم واستبداد وحيف وخراب؟
بالطبع، ثلاث عشرة سنة ليست بالأمد القصير، فالتاريخ يخبرنا بأن الملك فيصل الأول أقام في غضون سنوات قليلة دولة حقيقية على أنقاض بلد ظلّ لنحو خمسة قرون ممزقاً الى ثلاث ولايات محتلة، ببنية اجتماعية متخلفة للغاية وباقتصاد بائس.
في العام 1921 تولّى فيصل بن الحسين عرش العراق وبعد أربع سنوات سنّ دستوراً وأنشأ مجلساً للنواب، وفي العام 1933 عندما مات الملك، وهو في الخمسين من العمر، كان قد خلّف دولة مكتملة الأركان، ببنية اجتماعية قطعت شوطا لا بأس به على طريق التحضر وباقتصاد مُعوّل عليه.
وفي خمس سنوات، أقام "الضباط الأحرار" الذين أطاحوا الحكم الملكي دولة تقدّمت مراتب عدة اجتماعياً واقتصادياً، ثم في عشر سنوات (1968 – 1978) وطّد البعثيون أركان دولة قوية.
وبعد ثلاث عشرة سنة، منذ 2003 حتى الآن، لم يزل العراقيون (الناس العاديون منهم) يكافحون بألم وحرقة ودم ودموع، للحفاظ على شبح دولة يكاد أن يتلاشى في أي لحظة، بل إن واقع الحال يقول بأن الدولة التي تركها لنا الملك فيصل الأول وخلفاؤه ماضية نحو التفتّت بعد صراعات أهلية دموية مديدة يمكن أن تعقب تحرير مدينة الموصل من داعش.
القابضون على السلطة يتحججون الآن، كما قبل عشر سنين، بأن الإرهاب هو الذي يحول دون وفائهم بوعودهم بإقامة دولة مستقرة ومزدهرة. كل العراقيين، من غير القابضين على السلطة والمستفيدين منها، يعرفون أن الحقيقة غير ذلك، فالفساد الإداري والمالي وصراعات القوى الحاكمة على السلطة والنفوذ والمال هي في المقام الأول ما يعيق إقامة الدولة، وأنه حتى لو تحررت الموصل الآن وأصبح الإرهاب شيئاً من الماضي، فإن الدولة الموعودة أو المأمولة، لن يكون لها وجود ولو بعد ثلاث عشرة سنة أخرى.
الطبقة الحاكمة غير مهتمّة ببناء كيان دولة حقيقية. هي مهتمّة ببناء كياناتها الحزبية والشخصية على حساب كيان الدولة. واحدة من العلامات المهمة على ذلك أن هذه القوى ودولتها لم تكلّف نفسها إنشاء مراكز مستقلة للأبحاث، يتولاها ويعمل فيها باحثون علميون في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة، تتعهد إعداد الأبحاث والدراسات المعمّقة في المشكلات التي تواجه الدولة والمجتمع وآفاق تطورها والحلول اللازمة لها والخيارات المتاحة أو، التي يمكن إتاحتها، أمام النخب السياسية والإدارية.
حتى أكثر الدول تحضّراً وتقدماً ورقيّاً وازدهاراً واستقراراً تهتم أعظم الاهتمام بهذا النوع من المراكز، لأنها معين الدولة والمجتمع في تيسير عملية التقدّم نحو المستقبل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سعيد فرحان

    لماذا ...؟ الجواب معروف للقاصي والداني وهو ان من ذكرتهم قبل كارثة 2003 كانوا رجال دولة وسياسيون وان اختلفنا معهم واختلفت توصيفاتهم على مستوى الخبرة والمهارة .اما الطبقة الحاكمة لما بعد النكبة من (العراقيين الاجانب )فهم عبارة عن لملوم من المغامرين الفراري

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram