في الوقت الذي يتزاحم أعضاء اتحاد كرة القدم على متابعة روزنامة مشاركة منتخباتنا الوطنية في مسابقاتها العربية والقارية وينهمك مجلسهم في اجتماعات استثنائية احياناً لبحث تشكيلات وفود الاتحاد وما أكثرها لأهداف لم تعد خافية، بل لا تتعدى الانسجام وتغيير الأجواء والاحتكاك، وسط كل ذلك أهمل الاتحاد واجبات مهمة ضمن دورته الانتخابية الحالية وتعامل معها كإسقاط فرض لتمشية الأيام حتى استكمال مدة الولاية حالها حال الولايات السابقة التي لم تترك وراءها غير اللغط والاتهامات والحقائق الناقصة!
لعل أكثر القضايا المثيرة للجدل في عمل اتحاد الكرة هي تطوير أداء الحكام، هذا الموضوع يمثل أحد مرتكزات النهوض بالكرة المحلية الى مصاف الدول المتقدّمة، فقضية الحكام تظل الشغل الشاغل للإعلام والجمهور منذ بداية الدوري حتى اسدال الستار عليه، فضلاً عن غياب الصفّارة العراقية عن الاحداث العالمية والأولمبية بالصورة التي تثير تساؤلات مشروعة عن ماهية إنجازات لجنة الحكام وأدوار الشخصيات المتنفذة فيها التي استمرأت التشبّث لسنينَ طوالٍ بأداء رتيب ونتائج عقيمة بدلالة مشاكل التحكيم الجمّة التي لم تلقَ أيَّ حلٍ شافٍ، بل واجهت أسرة التحكيم حالات امتعاض كثيرة كان أسوؤها انتفاضة أكثر من 20 حكماً يمثلون الدرجتين الممتازة والأولى اعتصموا عند بوابة الاتحاد مطالبين بحل لجنتهم واستحداث تشكيلة جديدة تنهض بواقعهم، ومع مرور الوقت تم تسوية الأزمة وعُلّقَتْ جميع طلبات المعتصمين على شماعة المداولات المتعاقبة ولم يستجد شيءٌ بعدها.
هل يراجع اتحاد الكرة سلبيات الموسم الماضي ويتخذ الاجراءات المناسبة لتفادي تكرارها؟ صراحة نشك في ذلك، فالاتحادات العربية تبحث على الدوام عن الأخطاء التي ترافق موسم الدوري ولعل مسألة الحكام من أهم المسائل ذات العلاقة باستباب الوضع في المدرجات أو زعزعته، وهذا ما فطِنَ اليه الاتحاد الإماراتي برغم أن عمله الاحترافي يشكل قفزة استثنائية في السنين الأخيرة بفعل تحديث اللجان والإرتقاء بمنافساته المحلية، فقد شرع للتعاقد مع الخبير البريطاني ستيفن بينت ليتسنّم مهمّته مديراً فنياً للحكام والاستفادة من خبرة 11 عام قاد خلالها عشرات المباريات في البريمرليغ قبل أن يعتزل عام 2010 ويضمّه (فيفا) خبيراً في دائرة الحكام الدولية، الأمر الذي سيخدم قضاة الملاعب الإماراتية ويُنمّي قدرات الشباب منهم ليتسلحوا بالثقافة والمقدرة، وسيُعزز وجود بينت من كفاءة الحكم الدولي للتواجد في كُبرى البطولات القارية والعالمية على غرار العالمي علي بو جسيم الذي شارك في ثلاث مونديالات أعوام 94 و98 و2002.
هكذا تعمل الاتحادات المُجدّة في خططها وسياساتها ولا تكلّ من المتابعة اليومية لمفردات مناهجها، فمشكلتنا الأزلية أننا نؤجّل معالجاتنا الى أن يحين الموسم، وهذه الظاهرة متوارثة نتيجة بقاء ذات الوجوه في الدورات الانتخابية منذ عام 2003 حتى الآن، وهي ظاهرة غير صحيحة مع تقديرنا لمن يحظى بثقة الهيئة العامة، فإدارة مفاصل اللعبة لابد أن تخضع للمراقبة والمحاسبة، فكم حكماً تعرّض الى التهديد والتسقيط وللإساءة الفعلية والاعتبارية؟ ما فائدة ملفات البروتوكولات التي حُفِظَتْ مع صور الذكريات في أدراج مكاتب الاتحاد؟ أليس من حق الحكام أن ينهلوا أفضل دورات الصقل على يد خبراء التحكيم في العالم ، ثم الى متى تستمر عملية مداراة المقصرين ومجاملة المخطئين في واجباتهم؟ تقولون لا، هاكم الدليل الأقرب من الجولة الأولى لمنافسات الدوري. اثنان من أبرز عناصر التحكيم خبرة ودراية لم يحمّلا الحكم الدولي واثق مدلل مسؤولية الإهمال في عدم اشهار الكارت الأحمر ضد اللاعب أمجد وليد أثناء تحليلهما حالة ضربه المتعمد لقحف رأس لاعب الشرطة إيهاب كاظم برغم اعترافهما بخطورة ذلك وربما يؤدي الى نزيف داخلي يُعرّض حياته الى الموت!
اتحاد الكرة مطالب بإجراءات حازمة للمحافظة على الصفّارة العراقية من أية إساءة تطالها وتطبّق أقسى العقوبات بحق اللاعبين أو المدربين أو الإداريين المتهوّرين، وفي الوقت نفسه يجب مُكافأة الحكم الناجح ومُحاسبة من يخفق في مهمته أو يتخلى عن مهمته وينشغل بالتصادم والتلاسن مع هذا أو ذاك، فالقضاء رمز للعدالة الانسانية وحكم كرة القدم يدافع عن حقوق تلك الرمزية في الملاعب.
صفّارة العـدل بلا صقـل
[post-views]
نشر في: 20 سبتمبر, 2016: 04:49 م