تعدد وسائل الاعلام في العراق لايشير بشكل مطلق الى اتساع حرية التعبير، خاصة ان حق الحصول على المعلومات، ينتظر تشريع قانون يوفرها لمن يحتاجها طبقا لماورد في الدستور، بوصفها حقا متاحا للجميع.
بعض وسائل الإعلام العراقية تدعي الاستقلالية واعتماد خطاب محايد بهدف عرض الحقائق امام الجمهور بعيدا عن الميول والاتجاهات، مع التمسك بثوابت نبذ العنف واشاعة السلم الأهلي ومواجهة كل مظاهر الانقسام المجتمعي. لكن من يتابع الفضائيات العراقية يصل الى قناعة اكيدة بانه يدخل الى "الحداد خانة" مجبرا ، وعليه ان يتحمل خطابا احاديا ، مضمونه الترويج لجهة سياسية على حساب اخرى، تنعكس تاثيراته بترسيخ التفرقة وتأجيج النعرات الطائفية والمذهبية.
هناك اكثر من عشر محطات فضائية محلية مدعومة من دولة جارة ، خصصت برامجها لنقل حالة الصراع السياسي السائدة في المشهد العراقي ، ليس لأغراض نزع فتيل الصراع ، وانما لتأجيجه ونقله الى الشارع . هذا النوع من الفضائيات يمكن وصفه بانه مصاب بمرض قصر النظر، يحتاج الى نظارات "جعب استكان" لتصحيح رؤية الاشياء بشكلها الطبيعي.
تعاطي الفضائيات مع قضية استجواب وزير المالية هوشيار زيباري، على سبيل المثال ، تحوّل الى مناسبة لكشف الخلاف بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان ، مع توجيه اتهامات الى المسؤولين في اربيل وصلت الى حد اتهامهم بالتعاون مع تنظيم داعش ! بصرف النظر عما سيسفر عنه الاستجواب في اطار الدور الرقابي للبرلمان. هنا يبرز السؤال ملحاً : لمصلحة من تحرص فضائيات حزبية على تأجيج الخلافات بين بغداد واربيل، فيما تتطلب المصلحة الوطنية العمل لتعزيز التعاون المشترك بين الطرفين لمواجهة الارهاب الداعشي وحل القضايا الشائكة سلميا ووديا؟
المصابون بضعف البصر بشيوع استخدام العدسات اللاصقة للرجال والنساء على حد سواء، تخلصوا من استخدام نظارات "جعب الاستكان" بفضل توفير عدسات حسب الطلب مستوردة من مناشئ معروفة بسمعتها الطيبة في مجال توفير افضل الخدمات للمصابين بقصر او بُعد النظر ، وغيرها من العلل ،فحققت العدسات اللاصقة انجازا تاريخيا كبيرا عندما جعلت عدسات "جعب الاستكان الثقيلة" تنقرض ، وينحسر استخدامها الا من قبل فئة قليلة من كبار السن.
في قصة قصيرة للكاتب الايطالي والمؤلف المسرحي لويجي بيراندللو، يتناول فيها رحلة شخص من قرية نائية الى المدينة لتصليح نظارته، حيث يصادفه مزارع لا يجيد القراءة والكتابة، ويسأله عن سبب ذهابه الى المدينة . وحين يخبره الرجل بانه ذاهب لتجديد نظارته لغرض مواصلة القراءة ، يطلب المزارع من الرجل ان يجلب له نظارة لاعتقاده بانها ستمنحه القدرة على القراءة .
الفضائيات العراقية ،الحزبية تحديدا، سواء ارتدت العدسات اللاصقة او جعب الاستكان فشلت في استقطاب اهتمام المشاهديدن ، فكان دورها يتلخص بإثارة الغبار في الأجواء العراقية ، فاصبحت احد عوامل تلوث البيئة.
الاداء الاعلامي المحلي، اثبت بالدليل القاطع ان بعض الفضائيات تعاني مشاكل في رؤية الاشياء بأشكالها واحجامها الحقيقية ، على الرغم من مزاعمها بأن نظرها ستة على ستة .
فضائيات "جعب استكان"
[post-views]
نشر في: 20 سبتمبر, 2016: 09:01 م