اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > منعت عوائل داعش من العودة منتظرة وعود التعويضات..الكرمة تحتضن أبناءها وتطالب بكشف مصير المختطَفين

منعت عوائل داعش من العودة منتظرة وعود التعويضات..الكرمة تحتضن أبناءها وتطالب بكشف مصير المختطَفين

نشر في: 25 سبتمبر, 2016: 12:01 ص

سنتان من الوجع والعوز قضتهما عائلة (ابو محمد) من منطقة الخيرات  بقضاء الكرمة في مخيم الصمود الخاص بإيواء النازحين بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على القضاء. منذ سنتين والعائلة تترقب يوم العودة لحظة بلحظة، وهاهي الفرحة تزف اليهم بعد تحرير الكرمة و

سنتان من الوجع والعوز قضتهما عائلة (ابو محمد) من منطقة الخيرات  بقضاء الكرمة في مخيم الصمود الخاص بإيواء النازحين بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على القضاء. منذ سنتين والعائلة تترقب يوم العودة لحظة بلحظة، وهاهي الفرحة تزف اليهم بعد تحرير الكرمة وانتشار القوات الأمنية واعلان السماح بعودة العوائل، وكانت عائلة أبو محمود من اوائل العوائل العائدة علها تجد ما ينسيها الأوجاع التي عاشتها في المخيم بخيمة لم تكن قادرة  ان تقيهم برد الشتاء ولا حرارة شمس الصيف اللاهبة .
ولكن كان للقدر قول آخر، فلم يكن بمقدور احد من العائلة ان يتصور حجم الدمار والخراب الذي حل بدارهم التي سويت مع الارض بما فيها من أثاث لتهطل دموع الجميع على خيبتهم اولا وعلى ذكرياتهم المعتقة بالبيت ثانيا، على مقربة منهم ثمة دور اخرى مهدمة بعضها بشكل تام وآخر مسّه بعض الخراب وثالث لحقت به اضرار متفرقة، بحيث لم يسلم اي بيت في المنطقة من اذى الحرب والإرهاب اللذين عبث بها كما عبث بمدن اخرى.

العودة الى المخيمات
 أبو محمد في حديث لـ(المدى) يصف الكرمة بأنها اشبه بمنطقة أشباح بعد أن تعرضت اكثر المنازل للتفجير والتدمير. وحرقت المزارع والبساتين. مضيفا: عندما سمعنا بخبر العوده الى الديار فرحنا واسرعت بإكمال الاجراءات الأمنية الخاصة بالعودة. متابعا: كانت الفرحة لا توصف حتى بعد أن صعدنا في الحافلة الخاصة بنقل النازحين، مستدركا: لكن عندما وصلنا كان الوضع مختلفا حين وجدت البيت عبارة عن بقايا حطام.
وتساءل أبو محمد كبقية من هدمت دورهم: اين سأسكن وعائلتي بعد ان ذهب وطننا الصغير البيت. مبينا انه سيعود الى المخيمات حتى يرى ماذا ستفعل الحكومة وهل سيتم تعويضهم او على الأقل مساعدتهم في إعادة بناء بيوتهم، مشددا على صعوبة العيش في المخيمات خاصة ونحن مقبلون على فصل الشتاء وأمطاره وبرده وسط نقص تام للخدمات.  

نقل المعلومات للجيش العراقي
خلال تجولنا بين النازحين العائدين لفت انتباهي ذلك الرجل الطاعن في السن وقد بان على وجهه تعب السنين ومرارتها، وجه حزين وعيون لم تتوقف عن البكاء. حاولت التقرب منه لمعرفة ماهي قصتة؟ وقد ناداه احد الاشخاص (أبو فرحان) لكني لم اجد للفرح شيئا في ملامحه او حديثه والذي ذكر فيه : عندما دخل داعش الى قضاء الكرمة كنت خائفا جدا على أبنائي خصوصا وانهم في سن المراهقه خشية الانجراف وراء تلك الفئة الضالة ان كان بالإغراء او بالتهديد. متابعا: الحمد لله استطعت أن احافظ عليهم من هذا الهول. مستدركا: لكن بعد فتره قصيرة قتل ابني الصغير ياسين على يد عناصر داعش وكانت تهمته انه يقوم بتوصيل معلومات للجيش العراقي وتبليغهم عن اماكن تواجدهم فقتلوه.

اختفاء بعد جسر بزيبز
يسترسل ابو فرحان: بعدها بفترة لا تقل عن شهرين توفيت ابنتي نتيجة مرضها بالسرطان وعدم وجود الأدوية او مقدرتي على تكملة العلاج في بغداد بسبب الحصار الذي فرض على المدينة.  مستطردا: بعدها حاولنا الخروج من قضاء الكرمة نحو الصقلاوية حيث قمت بتهريب احد ابنائي والذي وصل بعد ذلك الى جسر بزيبز، مستدركا: لكنه عندما عبر الجسر فقد ولحد الآن لا نعرف اين هو وما كان مصيره.
 لم يتبقَ من عائلة ابو فرحان سوى ولد واحد وزوجتة الطاعنة في السن بعد أن فقدت بصرها من البكاء والحسرة. صاحبنا ابو فرحان كان في طريق العودة الى داره الواقعة في قضاء الكرمة فازداد الامر سوءاً حين وجد بيته محترقا بشكل تام ولا يوجد اي شيء يمكنه التعويض خاصة بعد احتراق المزرعة واختفاء سيارة الحمل.  

عودة 1500 أسرة
كشفت آخر إحصائية أعدتها وزارة الهجرة والمهجرين، عن عدد العوائل النازحة التي عادت الى محافظة الانبار بعد تحرير نسبة كبيرة من مناطقها. وجاء في الإحصائية التي اطلعت عليها "المدى" أن أكثر من 40 ألف أسرة نازحة عادت الى قضاء الرمادي وأكثر من سبعة آلاف أسرة الى قضاء هيت، والى قضاء الكرمة بلغت الأسر العائدة أكثر من ثلاثة آلاف أسرة. مضيفة:  أن أكثر من 1500 أسرة عادت الى قضاء الرطبة ونحو ثلاثة آلاف أسرة الى قضاء الخالدية وأكثر من ألف أسرة الى قضاء حديثة.
وتؤكد احصائية وزارة الهجرة "هناك استمرار في عودة الأسر النازحة الى مناطق سكناها الأصلية المحررة في اقضية ونواحي محافظة الانبار وان الوزارة ستشمل هذه الأسر بالمساعدات الضرورية منها الغذائية والعينية والصحية وغيرها.

كرفانات بدل البيوت ؟
قائممقام قضاء الكرمة (احمد خلف الدليمي) بيّن لـ(المدى): ان المناطق اصبحت مؤمنة بالكامل وتم تنظيفها من العبوات الناسفة. مستدركا: لكن نواجه مشكلة كبرى وهي البيوت المهدمة اثناء العمليات العسكرية خصوصا أن العوائل تريد العودة وترفض البقاء في المخيمات بعد العناء التي عاشته طوال اشهر النزوح. مبينا انهم طالبوا مجلس ادارة المحافظة بتوفير كرفانات كبديل مؤقت لحل تلك المشكلة.
ونوه الدليمي الى انهم الان  في بداية عمل بهذا الشأن مع بعض منظمات المجتمع المدني. مضيفا: ان مسؤولية مجلس قضاء الكرمة في الوقت الحالي تتركز على توفير المستلزمات الضرورية للحياة كالماء والكهرباء والمواد الغذائية اضافة الى اعمال البلدية. داعيا الجهات المعنية الى ضرورة تقديم المساعدات الى القضاء وبشكل خاص الأدوية.
ولفت قائممقام قضاء الكرمة الى إن نسبة الدمار الذي خلفته العمليات الارهابية لتنظيم داعش في مناطق قضاء الكرمة بلغت 10 %. مبيناً ان آثار التدمير تمثلت في تفجير منازل المدنيين وتدمير المشاريع والخدمات والمباني الحكومية. مضيفا: ان اللجان الحكومية متواصلة بعملها في معالجة المخلفات الحربية وتفكيك العبوات الناسفة والمباني المفخخة.

ناحية بلا مجمعات ماء
وبشأن كيفية عودة النازحين وما ستقدمه الحكومة المحلية، بيّن مدير ناحية الخيرات محمد الجنابي في حديثه لـ(المدى) ان عملية عودة النازحين مستمرة على شكل وجبات ضمن قاطع مسؤولية ناحية الخيرات التابعة لقضاء الكرمة. مضيفا: ان الجهات المسؤولة بدأت عملها بالكشف وتقييم نسبة الأضرار في الدور كذلك احصاء الدور المهدمة بالكامل. عادا ان تلك هي الخطوة الاولى في عملية تعويض العوائل ومساعدتها على العودة والاستقرار.
وبين الجنابي: ان العمل مستمر بصيانة شبكات الكهرباء والمياه رغم تعرض مجمعات الماء الى اضرار كبيرة. لافتا الى تفعيل الشبكات الإروائية الخاصة بالمناطق الزراعية، اذ تعد الناحية من المناطق الزراعية المهمة التي تؤمن جزءا من سلة العاصمة الغذائية. مردفا: حاولنا ان نقوم بتشغيل بعض مجمعات الماء لكن الموضوع اكبر من امكانياتنا وبحاجه الى دعم كبير يتناسب مع حجم الاضرار. موضحا انهم قاموا بتوفير المياه عن طريق خزانات مياه صالحة للشرب تتكفل الجهات المعنية بتوفير سيارات متنقلة لتوزيعه على العوائل.

تفعيل الجانب الاستخباراتي
من جانب آخر اكدت القوات الأمنية جاهزية المناطق وتأمينها بالكامل، داعية المواطنين الى التعاون مع القوات الأمنية والتطوع في صفوف الحشد الشعبي الخاص بكل منطقة من اجل استتباب الأمن وعودة الحياة الى القضاء ونواحيه. الناطق الرسمي باسم لواء الكرمة الرائد نزار العبيدي بيّن بحديثه لـ(المدى) ان قضاء الكرمة اصبح مؤمنا بالكامل حيث تم تشكيل وحدات متكاملة من لواء الكرمة التابع الى هيئة الحشد الشعبي لتولي مهام حماية القضاء مع  الشرطة المحلية والجيش العراقي وفوج طوارئ الكرمة. داعيا المواطنين الى التعاون مع القوات الأمنية وتفعيل الجانب الاستخباراتي من خلال التبليغ عن اية حالة مشتبه بها .

ممنوع عودة عوائل الدواعش
وبشأن الإجرءات المتبعة في عملية عودة النازحين وكيف تم التعامل مع عوائل الدواعش ذكر العبيدي: ان الاجراءات سهلة ومبسطة لكل عائلة ترغب بالعودة الى بيتها. لافتا الى وجود بعض الضوابط التي تخضع لها العائلة التي ترغب بالعودة. مضيفا: ان لا يكون اي فرد من افراد العائلة قد انتمى الى داعش وان لايكون لديهم شخص مطلوب بقضية امنية. مبينا: ان هذا الامر يحرم كل افراد العائلة من العودة.
منظمات المجتمع المدني كانت حاضرة لدى توفير المساعدات للأسر العائده الى مناطقها خاصة المواد الغذائية والادوية التي يعاني القضاء من نقص حاد فيها بسبب تدمير اغلب المؤسسات الصحية. مواطنون طالبوا الحكومة والجهات المعنية بتوفير المساعدات لهم وتعويضهم بالسرعة الممكنة من اجل اعادة الحياة الى القضاء كما طالبوا القوات الأمنية بالتعاون مع الاهالي بشكل مناسب شاكين من بعض افراد تلك القوات وما يبدر منهم من تجاوزات على العوائل خاصة الرجال وامام مرأى ومسمع الاطفال والنساء كما طالبوا بكشف مصير المختطفين في جسر بزيبز.

كرفان طبي مؤقت
وزارة الصحة اعلنت عن نصبها كرفانا للمفرزة الطبية في مخيم عودة النازحين بقضاء الكرمة. وذكرت الوزارة في بيان صحفي ان الوزارة نصبت كرفانا للمفرزة الطبية بالقرب من مخيم عودة النازحين في الكرمة قرب سيطرة الصقور حيث تم تجهيز المفرزة الطبية بكرفان متكامل ليكون مقرا للمفرزة الطبية التي وجدت لغرض التعامل مع الحالات المرضية في صفوف العوائل العائدة من النزوح.
وبينت انه تم تزويد الكرفان بمختلف الادوية والمستلزمات الطبية وكافة الخدمات الخاصة به ليكون مقرا للمفرزة الطبية التي يكون الدوام فيها على شكل خفارات ولمدة 24 ساعة لتقدم افضل الخدمات للمواطنين العائدين من النزوح في مناطق الكرمة والصقلاوية والفلوجة. مشددة على الملاكات الطبية الموجودة في المفرزة الطبية على بذل كل الجهود من اجل تحقيق افضل خدمة صحية لتلك العوائل موكدة سعي الدائرة لتقديم كل ما بوسعها للارتقاء بالواقع الصحي للمحافظة.

حملة إعادة الاستقرار
رغم تحرير القضاء قبل عدة أشهر إلا أن عودة العوائل النازحة تأخرت كثيرا بسبب بعض المعرقلات الأمنية والسياسية، الا انه منذ اعلن مجلس الوزراء السماح بالعودة بدأت العوائل بالتدفق والعودة. عضو مجلس قضاء الكرمة (سعد الحلبوسي) اعلن ان حملة اعادة النازحين الى مناطقهم في مدينة الكرمة مستمرة وحسب الخطة المرسومة وبتعاون مع حكومة الانبار والقوات الأمنية والحشد العشائري. موضحا في تصريح صحفي ان عدد العوائل التي عادت إلى مركز قضاء الكرمة ونواحيها وصل لأكثر من 400 عائلة وان الأعداد في تزايد مستمر بشكل يومي من مخيمات عامرية الفلوجة.
واضاف ان الوصع الأمني والخدمي في تحسن وتم ايصال التيار الكهرباء والماء الى اغلب المناطق في المدينة. مطالبا جميع  المنظمات الاغاثية للمساهمة بحملة اعادة الاستقرار وتقديم الدعم للعوائل العائدة لقضاء الكرمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. اركان شمعون مقو

    تحياتي لدي تعليق بسيط حول عنوان التحقيق: ( لماذا نسبتم هذه العوائل المنكوبة النازحة الى داعش كأنها تابعة له ومنعت من العودة ). مع شكري وتقديري اخوكم اركان شمعون مقو مدير انتاج سابق في مؤسسة المدى

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram