TOP

جريدة المدى > عام > مؤتمر لمترجمي الادب الروسي يناقش مصير الرواية الروسية

مؤتمر لمترجمي الادب الروسي يناقش مصير الرواية الروسية

نشر في: 27 سبتمبر, 2016: 12:01 ص

خسر الروائي في روسيا معركته ودوره كعامل مؤثر على ميول المجتمع. ولم يعد للروايه تأثيرها الكاسح والمؤثر كما كانت في روسيا القيصرية. وانحسر حاليا الاهتمام بها، ولم تعد عنصراً مطلوباً اجتماعياً يجد فيه المتلقي المتعة الفنية ويحس عبرها بتطلعاته المنشودة،

خسر الروائي في روسيا معركته ودوره كعامل مؤثر على ميول المجتمع. ولم يعد للروايه تأثيرها الكاسح والمؤثر كما كانت في روسيا القيصرية. وانحسر حاليا الاهتمام بها، ولم تعد عنصراً مطلوباً اجتماعياً يجد فيه المتلقي المتعة الفنية ويحس عبرها بتطلعاته المنشودة، كما كانت عليه اعمال تولستوي او دستويفسكي ولا قبلهم بوشكين او جوجل تورجينبف ولابعدهم بولغاكوف وزيماتين شولوخوف وبلاتونوف ووو. انحسرت الرواية وغدت لها ادوار ثانوية وهامشية.

لم يعد هناك روائيون كبار ولا قراء نهمون، وهدأت الجبهات.ولكن هل هي نتائج مأساوية ؟  ولماذا بلغ الأمر الى هذه النتائج؟  واين يكمن السبب في ضعف الكتاب ووهن مواهبهم؟ هل في المجتمع الذي باتت لديه مشاغل ومتاعب وتطلعات اخرى:  اقتصادية واخلاقية ووجودية وايكولوجية؟. هذا جانب من الأسئلة التي اثيرت ونوقشت بحرارة وتباينت حولها الآراء خلال ورشة "العملية الأدبية في روسيا المعاصرة : موضوعات وافكار." التي اقيمت في اطار اعمال "المؤتمر الدولي لمترجمي الأعمال الأدبية الروسية" الذي اختتم اعماله مؤخرا في موسكو. وشارك في  الورشة عدد من الأدباء الروس المعاصرين المعروفين على الساحة الثقافية الروسية من بينهم الكسي فارلاموف والشيشاني كانتا ابراهيموف والقاصة صاعدة النجومية ماريا كوتشيرسكايا، وادارها الناقد يفغيني ريزنيتجسكي.
وتعددت القراءات في استكشاف السبب الحقيقي وراء ما يمكن اعتباره بداية لموت الروايه كنوع ادبي. هناك سبب وجيه يذهب الى ان الرواية تنهض وتغدو هامة ومطلوبة حينما تعارض وتقاوم. حينما تطرح رأياً مغايراً لتوجهات السلطة والمجتمع. حينما تدعو لطرح البديل. ولكن الآن ليس ما من شأنه ان يثير هواجس السلطات اويبعث الروع فيها. اصبح القاص حراً، بامكانه ان يطرح اية قضية من دون عواقب. وغابت الرقابة عنه وليس هناك من يحظر نشر اعماله او يأمر برفعها من المكتبات ويمنع بيعها في المخازن، ومن حقه ان يطرح أية  مسألة. والروائي يبدع برأيهم وينتج افضل واجمل حينما يتحدى، ويرسم تطلعات اغلبية السكان، لذلك ظهر المعارض سولجينيتسين برائعته الاولى "يوم من حياة ايفان دينيسوفتش" حينما كان معارضاً للسلطة السوفياتية، وكذلك كتاب مدرسة "النثر الريفي" ولفتت الانتباه اعمال ايتماتوف وغروسمان وقبلهم بولغاكوف وباسترناك وفوينوفيتش... وتظهر الآن اصوات خافتة هنا وهناك ولكنها لا تحرك المياه الآسنة وتحولها الى تيار، وانما تبقى هامشية.
وهناك ايضا اسباب اخرى لإهمال القارئ الروسي الرواية وتجاهل الروائي وكونه لم يعد مطلوباً. ان المطالب الاجتماعية غدت تتحقق بوسائل اخرى، وهناك ادوات اخرى اكثر فعالية للتعبير عنها، من دون تدخل البعد الجمالي فيها. ولم يعد الاديب في روسيا هو المنبر الوحيد الذي يعبر عن تطلعات الراي العام. لقد تغير الزمن. واختفت في زمننا الأسماء المؤثرة. كما لم يعد هناك وجود لدور نشر مستعد لنشر العمل الذي لا يحظى بعوائد ربحية، ولم يجد القاص الذي لا يجد له ناشراً حافزاً لمتابعة العمل الروائي الشاق. فهناك مشاغل أسهل.
ولكن ربما ان أ زمة الرواية والروائي لا تنحصر في روسيا، ربما ان الرواية تعايش في الحضارة المعاصرة انعطافاً . فالرواية انحسرت ايضا في فرنسا، ولم تعد هناك اسماء مثل جيد او مارلو او سارتر ولا حتى  ساغان او كامو ولا ليس في امريكا مثلا اصوات مثل مثل فوكنر ولا سالنجر او الدوس باسوس او همنغواي والاصوات المعاصرة مثل  بول اوستر او ريتشاد وايت لم يعد من يسمعها وكذلك في المانيا وحتى في عالما العربي. وظهرت الأعمال التي أشرت لموت الرواية بشكلها الكلاسيكي والأكثر حداثة، والكاتب بل والناقد ايضا. وهناك من يقول ان السيرة الذاتية راحت تشغل محل الرواية!
اذن فالقضية لا تمس وضع الروائي في روسيا وانما هي ظاهرة عالمية. هناك مؤشرات جدية على دخول فن الراوية عصراً جديداً. ربما هذا  إرهاص لظهور نوع جديد، بعد ان فشلت الرواية الجديدة التي نظر لها الآن روب جرييه والآن بورتيه وميشيل بوتور، في ان تكون البديل لها. وهناك مؤشرات متعددة لشكل الطابع الطابع الجديد.
ولم يتفاعل الروائي الروسي بصورة كاملة مع التطورات الهائلة التي شهدها فن الرواية في الغرب، ولم يتعرف او بالأحرى تجاهل الأفكار الجديدة بشأن الرواية. وهو يهمل عموماً منجزات البنيوية وغيرها من نظريات ما بعد الحداثة في الادب وفي الرواية على وجه الخصوص ( علما ان اعمال معظم رواد البنيوية في الادب ترجمت الى الروسية) ولم تجد افكار ومناهج ما بعد الحداثة ردودا تشجيعية في مؤسسات الثقافة الروسية من اجل تطويرها، ولم يتم الاعتراف بها كتيار ادبي ينبغي دراسه، بما في ذلك في المقررات التعليمية الرئيسية. وغالبا كما قال ممثلو المؤسسات الرسمية، انهم لا يعترفون بنمط ما بعد الحداثة في القصة والقصة القصيرة.
ان قضية انحسار الروائي والعمل الروائي عموماً لا يشمل وضع ومصير الرواية في روسيا وحدها، وانما هو في واقع الأمر انعطاف طال كافة الثقافات، وثمة مؤشرات على ظهور نوع ادبي نثري جديد، ينفي شكل الرواية كما نفى بروست وجيمس جويس وكافكا وفرجينيا ولف وفوكنر رواية القرن التاسع عشر. ان مؤشرات هذا النوع ظهرت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram