TOP

جريدة المدى > سينما > الجمهور ناقداً جمعياً.. انطباعات عن تلقي السينما في مهرجان دهوك السينمائي الرابع

الجمهور ناقداً جمعياً.. انطباعات عن تلقي السينما في مهرجان دهوك السينمائي الرابع

نشر في: 29 سبتمبر, 2016: 12:01 ص

لدورة رابعة على التوالي أحضر أيام مهرجان دهوك السينمائي، لهذه الدورة خصوصية عندي لا ترجع فقط الى الظرف المعيشي المادي الذي نعانيه جميعا، لكن كثافة حضوري لما عرض فيها ومجموعة الآراء التي تشاركت بها مع الحضور هي ماشكل لدي انطباعا معينا عن المهرجان عامة

لدورة رابعة على التوالي أحضر أيام مهرجان دهوك السينمائي، لهذه الدورة خصوصية عندي لا ترجع فقط الى الظرف المعيشي المادي الذي نعانيه جميعا، لكن كثافة حضوري لما عرض فيها ومجموعة الآراء التي تشاركت بها مع الحضور هي ماشكل لدي انطباعا معينا عن المهرجان عامة وعن عدد من الافلام بصورة خاصة وعن جمهور السينما في مدينة دهوك على وجه التحديد.

للأيام الممتدة بين التاسع والسادس عشر من شهر ايلول الجاري أقيم المهرجان في مدينة دهوك وفي قاعات أربع، ثلاث منها في (مازي مول) وهي قاعات سينما احترافية، والأخرى وهي القاعة الرئيسة في جامعة دهوك، شاهدت خلال المهرجان 48 فيلما متنوعة الهويات بين الكردي والعالمي، ومتنوعة التصنيف بين وثائقية وروائية، وبين قصيرة وطويلة. 24 فيلما هو عدد الأفلام الطويلة والبقية من الافلام القصيرة، استطعت من خلال هذه المشاهدات أن اكون وجهة نظر عامة عن السينما الكردية عموما من خلال ما عرض في هذه الدورة والدورة السابقة بسبب كثافة ما شاهدت، فضلا عن آرائي الخاصة ببعض الافلام.
اختلفت مستويات الحضور في ايام المهرجان مثلما اختلفت اعدادهم بين جلسة واخرى وبين يوم وآخر، واذا اخذنا بنظر الاعتبار ايام عيد الاضحى الذي صادف مع ايام المهرجان فإن الحضور بصورة عامة كان لافتا للنظر خاصة في جلسات الافلام الكردية الروائية أولا والوثائقية ثانيا، والتي حققت حضورا اكثر من الافلام العالمية بصورة عامة، اذ كان الحضور الأبرز والأكثر عددا للفيلمين الروائيين الطويلين (السنونوة/102 دقيقة) للمخرج مانو خليل و (بيت بلا سقف/ 92 دقيقة) للمخرجة سولين يوسف، اما الافلام الوثائقية فكان الحضور الابرز للفيلمين الوثائقيين (بيشمركة/ 92 دقيقة) للمخرج برنارد هنري و(الحلم الكردي/ 95 دقيقة) للمخرج كاي بهار، ولاننس الفيلم الاكثر شهرة في نسخة هذا العام من المهرجان فيلم الافتتاح (العاصفة السوداء/ 92 دقيقة) للمخرج حسين حسن، الذي احاط به الكثير من الاعتراضات والتحفظات فضلا عن ما رافقه من شائعات وتفسيرات خاطئة، في ما كتبه الاعلام حوله.
في الكثير من الجلسات يفتح باب النقاش مع المخرج/ المخرجين الموجودين في القاعة اثناء عرض الفيلم، وتركزت غالبية اراء وتعليقات الجمهور واستفساراتهم حول ما عرض امامهم من مشاهد تخص المجتمع الكردي او البيشمركة على وجه الخصوص، وغالبية الاسئلة وجهت للمخرجين لماذا ظهر في الفيلم هذا التصرف او قيلت هذه الجملة الحوارية بينما الحقيقة ليست هكذا والمجتمع ليس هكذا، وهذا يرجع الى طبيعة تلقي السينما وادراك ما يعرض فيها، فالمخرج يقدم رؤاه الخاصة بموضوع الفيلم من خلال ما يعرضه من مشاهد، وما يسجله من لقطات وحوارات، ورؤية المخرج مع ما هو موجود في نص السيناريو تتكاملان لتخرجان بما يحقق مصلحة الفيلم وما يوصل رسالته، لكن وعي الجمهور اقتصر على مقارنة الواقع بالافلام المعروضة مركزا على ما يقوله ويفعله الممثل في الفيلم، من غير انتباه إلى طبيعة الفن السينمائي الذي يقتضي وجود الخيال وتعديل الاحداث وصياغتها بطريقة تلائم الوسيط الذي ستنقل به الى المتلقي. فالافلام الروائية على وجه التحديد لها مجموعة من الخصائص والسمات ما يجعلها تختلف عما هو موجود في الواقع، والا لكانت صارت افلاما تسجيلية او وثائقية تنقل الحقائق كما هي، من اهم ما تتميز به الافلام الروائية القصيرة منها والطويلة هو توظيفها للخيال، فهي وان اخذت ثيمتها الاساسية من الواقع الا انها لا تستحضر كل جزئياته وتفاصيله الدقيقة كما هي وانما تضفي عليه لمسة من الخيال، فضلا عن قدرة السينما الروائية على تغيير الزمان والمكان والتلاعب بهما من خلال التنقل بين الصور المتتابعة حتى وان كان هذه التنقلات بلا تبرير او تفسير اذ ان الافلام الروائية هي كما هي النصوص الادبية تبنى من خلال الشخصيات والزمان والمكان والصراعات والحبكة ولكنها تبنى بوساطة الصور لا الكلمات، مع وجود الاخيرة من خلال ما يجري من حوارات داخل الفيلم، وهذا ما يميز السينما عن النص المكتوب فالتقطيعات التي تجري في الافلام السينمائية يستطيع المشاهد التماهي معها وفهمها ومتابعتها اكثر مما لو كانت مكتوبة في نص ما، وبهذا يخلق الفيلم الروائي عوالم جديدة يفترق بها عن العوالم الواقعية التي يأتي منها المشاهد ويتوقع أن يرى ما يشابهها لا بل ويطابقها.
لكننا لم نعدم وجود بعض الخلل في عدد من الافلام سواء في الصورة المقدمة أو بواقعية الاحداث ومنطقية جريانها في الفيلم، سواء ما اعترض عليه الفيلم لاسباب اجتماعية، وما لم يعترض عليه لاسباب فنية قد لا يدركها المتلقي، ففي فيلم (ارض المفقودين/10 دقائق) للمخرج هاوراز محمد نجد في احدى اللقطات الرجل العجوز الذي فقد اولاده وزوجته  ومازال متمسكا بصورتهم يأتي ليعلقها على الجدار في المقهى الحدودي، فيعلقها بدبوس واحد من الأعلى وواحد من الأسفل، ثم تقطع اللقطة، لتأتي اللقطة اللاحقة لها وفي المكان نفسه نجد ان الصورة معلقة بدبابيس من الأطراف تختلف عن التي وضعت لها في اللقطة السابقة، اذ نرى الصورة الفوتوغرفية وهي بؤرة اللقطة معلقة بدبابيس من الأطراف اي ليست التي وضعها الممثل الرجل العجوز، مع ان المشهد المفترض أن يكون مشهد راكور، وهذا الخلل الاخراجي ولو كان لا يقلل من قيمة الفيلم العامة وموضوعته الرئيسة، لكنه لا يشكل اي خلل او نقص عند المشاهد، لا بل قد لا يشاهد المتفرج الاعتيادي هذا الخلل في هذا الراكور، غير ان ما اثار اعتراض المشاهدين لقطة في فيلم (السنونوة) لمانو خليل اذ اعترض غالبية الحضور على مشهد ضرب البطلة الصحفية السويسرية (ميرا) التي تعود الى كردستان بحثا عن والدها و(رمو) الذي يرافقها في عمليات البحث، اذ رأى الجمهور ان في هذا التصرف اساءة لقوات الامن الكردية واساءة للبيشمركة عموما وانها تنقل صورة سيئة عنهم، ولاسيما وان الفيلم عرض وسيعرض في العديد من المهرجانات والمحافل العالمية، لكن كان للمخرج رأي ثان، اذ اجاب وهو على المسرح على هذه الاعتراضات بأنه بوصفه مخرجا له رؤيته الخاصة والتي قد تصل الى الحد الفانتازي فلا يجب الاعتراض على مثل هذه اللقطات لان من حق المخرج – على حد تعبير خليل- أن يجعل الحيوانات تطير أو حتى تتصرف يما ينافي الواقع انطلاقا من رؤيته الفانتازية، وقد لا اكون مع هذا المشهر لكن لاسباب اخرى مختلفة، هي أولا المحافظة على وحدة الفيلم ومنطقية بنائه صحيح ان للمخرج رؤيته الخاصة ومن الممكن ان تكون فنتازية او حتى لامعقولة لكن المفترض انها تحافظ على وحدة الفيلم، فالفيلم هنا يحاول ان ينقل قصة واقعية (ولا اقول حقيقية) وهذا النقل الواقعي يجب ان يستمر مع المشاهد المتعددة بالفيلم كله وان خالف الواقع فنبحث عن تبرير منطقي لما نراه من مخالفات، وفي هذا المشهد ومشاهد أخرى لا اجد أي تبرير منطقي لما ينقل المشهد، فضلا عن غياب التبرير المنطقي ايضا في مشهد آخر، فعندما تعود (ميرا) من منزل والدها وقد عرفت حقيقة من يكون تعود الى الفندق ولا يشير المخرج الى مرافقتها لرمو أو أحد ما فقط قطع ثم المشهد اللاحق تظهر فيه في الحمام وهي تغتسل، تخرج من الحمام لتفاجأ بوجود رمو في غرفتها الخاصه بالفندق وهو أمر لا اجده منطقيا أبدا، كان بإمكان المخرج اعطاء اشارة ما الى نوع من التواصل بينهما بعد لقطة اللقاء برسول والد ميرا ولو بصورة سريعة أو عابرة، وما يؤكد لي ان ميرا عادت الى الفندق من غير مرافقة رمو هي نظرة المفاجأة التي تعتلي وجهها وهي ترى رمو في غرفتها بعد خروجها من باب الحمام، فلايوجد أي فندق ليس في كردستان وحدها لكن بصورة عامة لايوجد فندق يسمح بدخول شخص غريب الى غرفة الزبون بدون معرفته!!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram