TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مصائرنا بين الكاستيلو وأُوبك

مصائرنا بين الكاستيلو وأُوبك

نشر في: 28 سبتمبر, 2016: 06:14 م

تستخدم الدول، صغيرة كانت أم كبيرة، ما لديها من أوراق لحماية أمنها القومي، والدفاع عن مصالحها، وأحياناً حماية أو توسيع نفوذها في محيطها الإقليمي.
هذه إحدى بديهيات العلاقات الدولية منذ دويلات المدن إلى عصرنا الحاضر، ولا يشذّ عن هذه القاعدة إلا الدول الناشئة، أو الدول الضعيفة التي لا تمتلك أوراقاً للعب، أو أنها تمتلك أوراقاً للعب، لكنها أوراقٌ لا تمنح هامشاً للمناورة.
فالعلاقات الدولية هي نوع من أنواع "البوكر السياسي"، نظراً لطبيعة الصراع والتوتر الذي يحكم علاقة أي دولة في محيطها الإقليمي والعالمي. وكلّ لعبة بحاجة إلى لاعبين، وخطة للعب، وأدوات للعب. وحسب توفر هذه العناصر الثلاثة ونوعيتها، يتحدد وزن وسمعة وسطوة كل دولة تريد ان تكون لها مكانة على المسرحين الدولي أو الإقليمي.
لكنّ التحولات التي شهدتها العلاقات الدولية بعد الحرب الباردة، منحتنا رؤية مغايرة لآليات اللعب على الصعيد الدولي، وكشفت لنا كيف يتم تحويل "الأوراق الضعيفة" إلى أوراق رابحة، شرط توفّر لاعبين يتمتعون بالحنكة والذكاء المطلوبين.
وفي ضوء ما تشهده المنطقة منذ 2003، يبدو العراق أكثر الاطراف بعثرة لأوراقه، وأعجزها عن التحول الى لاعب مؤثر حتى بالحدود الدنيا، رغم تمتعه بعلاقات إقليمية ودولية نادرا ما تتوفر لأي دولة.
للأسف، لم تستثمر حكومة العراق ورقتي محاربة الإرهاب والنفط للعب دور حقيقي في المنطقة، التي تعاني من استنزاف قلّ نظيره جراء الحروب التي تزامنت مع انهيار أسعار النفط منذ نهاية 2014.
فقد فضلت بغداد وضع جميع البيض في سلة التحالف الدولي، دون الالتفات الى إمكاناتها الذاتية التي أوقفت مدّ داعش، او التفكير بموازنة تأثير التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بالبحث عن حلفاء آخرين، وظهر ذلك جلياً عندما فرطت بـ"التحالف الرباعي".
بذلك خسرنا ورقة محاربة الإرهاب، وهي قضية عادلة ومؤثرة على الصعيد الدولي، وتحولت أراضينا، بفعل قصور الرؤية الرسمية، الى مجرد مسرح آخر للسباق الاميركي – الروسي من جهة، والسعودي – الإيراني من جهة أُخرى.
ورغم علاقاتها الإقليمية والدولية، فقد عجزت بغداد  عن أن تحذو حذو دمشق، المعزولة والمنهكة، في فرض خارطتها لتحرير أراضيها من الجماعات الإرهابية. فلم تستثمر بغداد تحرير تكريت، ولا الفلوجة ولا الرمادي ولا القيارة والشرقاط، كما استثمرت دمشق عملياتها في حلب، ومعركتها الساخنة للسيطرة على طريق "الكاستيلو"، الأمر الذي اضطر كيري للجلوس إلى طاولة التفاوض مع سيرغي لافروف.
لقد أدى تبديد ورقة الحرب على داعش والإرهاب الى أن ترتهن معركة تحرير الموصل الى الساعة الاميركية التي لن يدقّ ناقوسها، إلا بعد التفاهم مع بعض الاطراف الإقليمية، والتأكد من تأثيرات ذلك على سباقها مع موسكو بعيداً عن مصالحنا الوطنية.
 الحرب في السوق النفطية، هي ورقة أخرى لم يتمكن العراق من استثمارها لصالحه، وتعزيز مكانته في السوق المضطربة منذ عامين، رغم كونه ثاني مصدر داخل أسرة أُوبك، وصاحب ثاني احتياطي نفطي في العالم.
فطيلة العامين الماضيين، كانت تصريحات وزراء نفطنا حول أزمة انخفاض الاسعار لا تمنح الأمل، بل كانت تردد كلاماً فارغاً وهلامياً، في وقت كانت طهران والرياض تستخدمان هذه الورقة في صراعهما المستعر منذ بدء الازمة السورية عام 2011.
ومع كلّ ذلك، عجزت بغداد عن طرح مبادرة عراقية أو حتى إعلان موقف واضح بشأن المساعي التي تبذلها مجموعة أوبك منذ اجتماع الدوحة، في نيسان الماضي، وحتى الاجتماع الذي يعقد في الجزائر هذه الايام، لمعالجة نكسة النفط.
أمام حرب النفط وداعش، قبلت حكومة العبادي أن تلعب دور الكومبارس، وأحيانا المتفرّج على مصائرنا المتبدِّدة، بانتظار أن تُطلق الأطراف الكبرى الصافرة إيذاناً بانتهاء اللعبة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram