الفنتازيا في الموسيقى هي شكل غير مقيد بقواعد صارمة، يقرب من الارتجال استعمله الموسيقيون منذ القرن السادس عشر. هناك أمثلة رائعة لهذا الشكل من موسيقى كتبت للعود أو أدوات المفاتيح، وكتب باخ عددا منها للأورغن أو الهاربسيكورد (مثل الفنتازيا الكروماتية الش
الفنتازيا في الموسيقى هي شكل غير مقيد بقواعد صارمة، يقرب من الارتجال استعمله الموسيقيون منذ القرن السادس عشر. هناك أمثلة رائعة لهذا الشكل من موسيقى كتبت للعود أو أدوات المفاتيح، وكتب باخ عددا منها للأورغن أو الهاربسيكورد (مثل الفنتازيا الكروماتية الشهيرة) لكنه على الأغلب ربطها بشكل الفوغا وهو من أشد الأشكال الموسيقية تقييداً وصرامة من ناحية البناء، ولعله في ذلك أراد الوصول إلى حالة من التوازن. والتوازن هو المبتغى النهائي لكل أشكال الموسيقى كما نعرف.
استمر تقليد الفنتازيا لاحقاً عند موتسارت وهايدن حتى نصل العصر الرومانتيكي، الذى تميز بكسر القيود و حتى نصل العصر الرومانتيكي، الذى تميز بكسر القيود وإطلاق العنان للمخيلة. وهناك أمثلة كثيرة لهذا الشكل اخترت اليوم من بينها فنتازيا الانكليزي رالف فون ويليامز (1872 – 1958) التي كتبها على لحن لتوماس تاليس (1505 – 1585) الذي سيطر على المشهد الموسيقي الانكليزي سوية مع ويليام بيرد (1543 - 1623).
قدم العمل للمرة الأولى في 1910، وقد كتبه فون ويليامز استناداً إلى نشيد ديني لتاليس من مجموعة صدرت في 1567 ميلادية، وهو نشيد يبعث على التأمل لفرادة خطه اللحني والحلول البوليفونية الاستثنائية العابرة للعصور والمدارس الفنية التي استعملها المؤلف في البناء والنسيج الصوتي (بوليفوني تعني متعدد الأصوات). هذه الفرادة فرضت على موسيقار مطلع القرن العشرين نفسها ليؤلف هذا العمل الجميل.
درس فون ويليامز في كلية الموسيقى الملكية في لندن، ثم درس على يد الموسيقار الألماني ماكس بروخ في برلين وتعرف على موريس رافيل في باريس، حيث نلمس تأثير هذه العلاقة على عالم الأصوات الذي يميز فون ويليامز من ناحية الهارموني والتوزيع الاوركسترالي، إذ كان استعمال رافيل للأوركسترا طليعياً في وقته، ويكفي أن نذكر هنا توزيعه الاوركسترالي الرائع لعمل مودست موسورسكي "ليلة على الجبل الأقفر" الذي كتبه للبيانو. يعد فون ويليامز من أهم الموسيقيين الانكليز الذين تعاملوا مع الارث الموسيقي الانكليزي، بشقيه الشعبي والقديم، فقد عاد لينهل من التراث الموسيقي الانكليزي للقرنين السادس عشر والسابع عشر عندما كانت انكلترا في طليعة المشهد الموسيقي الأوروبي. وفي بحثه هذا عثر على لؤلؤة توماس تاليس التي حولها إلى عمل موسيقي رومانتيكي عصري.