اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > تضاريس ملوّنة.. معرض "طبيعة عراقيّة"..نفائس حنين النَفس إلى البريّة

تضاريس ملوّنة.. معرض "طبيعة عراقيّة"..نفائس حنين النَفس إلى البريّة

نشر في: 1 أكتوبر, 2016: 12:01 ص

بما يشابه غِلو سطوة ذلك الحنين الغريزيّ الطاغي للطبيعة الحُرة ومباهج ملاكات تلك الحياة الهائمة على سجية براءة تلقائيتها وعذوبة عفويتها-ربما- سطعت فكرة جمعية الفنّانين التشكيليين العراقيين على تعضيد إقامة عرض استثنائي رائق ومبهر،سعى طيّعاً محسوب الكفا

بما يشابه غِلو سطوة ذلك الحنين الغريزيّ الطاغي للطبيعة الحُرة ومباهج ملاكات تلك الحياة الهائمة على سجية براءة تلقائيتها وعذوبة عفويتها-ربما- سطعت فكرة جمعية الفنّانين التشكيليين العراقيين على تعضيد إقامة عرض استثنائي رائق ومبهر،سعى طيّعاً محسوب الكفاءة والقصد والرصد،كانت شهدته القاعة الكبرى لمبنى الجمعية في منطقة المنصور، مفتتح شهر أيلول هذا العام، تحت ثريا عنوان (تضاريس ملونة/ معرض طبيعة عراقيّة) بمشاركة خمسة وسبعين فنّاناً نَسجوا قرابة مائة لوحة زخرت بجمال وسحر فيوضات كيلها قدحاً ومدحاً تضامنياً مع ميراث وذخائر ما تحوي وتحمل أمنّا (الطبيعة)،أمنّا القديمة الرؤوم  التي أغرت من قبل جميع من تماسسوا بالرسم والتصوير تعبيراً وتهجيّاً واختباراً لحقيقة جوهر مواهبهم وزهو ما كانوا يضمرون من حبٍّ وولعِ امتنانٍ ودهشاتِ إعجاب وتثمين وتوثيق مقاصد في مقتبل خوض تحديد ملامح تجاربهم التشكيلية والفوتوغرافيّة تحت مصبات ومجريات مختلف المشارب و المآرب والاتجاهات و الاساليب.

ما يشد وينعش في رِهان معرض الجمعيّة هذا- فضلاً عن ثراء وذكاء ما حوى من مجمل أعمال-دقة وعي التنوّع في الفرز والاختيار وتفوّيض حمم التواصل ما بين الأجيال والتوضحيات التفاعليّة ما بين رهط من فنّانين أساتذة وكبار تجايلوا ونهلوا من ينابيع روّاد نهضة التشكيل العراقي، وفازوا بقطف لذة نّحت أسمائهم بارزة مطرزة في (ألبومات) نكهة وعُتق عراقة تلك النهضة التي قاد وعيها ولملّم تنويعات شذراتها (جواد سليم) و(فائق حسن)و(حافظ الدروبي)و(اسماعيل الشيخلي)ومن تكاثف معهم في تأسيس مدرسة بغداد ومجاوراتها التأويليّة والتحديثيّة،فما مشاركة الفنّان الكبير والتربويّ العتيد(سعد الطائي) في مد نبضات معرض (تضاريس ملوّنة) إلا تأكيد وتكامل لقوة وصلابة ذلك الجذر الذي تستقي منه-حتى اللحظة- تلك النهضة التنويريّة التي نفخ فيها رهط أكثر تحديثاً وتواصلاً ممن تلا وتتلّمذ على يد هؤلاء الأساتذة الذين درسوا الفن التشكيلي- بحيثيات تنويعاته- في أوربا،وجاءوا مُحملين بحمى ذلك الحنين لروح وحقيقة  حياة رائحة الشرق،وخواص نزق عوالم المدينة التي تتاخم -عادة- بهاء الطبيعة على حدود أطرافها وعمق بساتينها،كما حفلت مشاركات  عدد مهيب من الفنّانين أمثال (عاصم عبد الأمير/ فاخر محمد/ عبدالرحيم ياسر/ قاسم سبتي/ مؤيد محسن/ سلام جبار/حسام عبدالمحسن/ محمد الكناني/ موسى عباس/ وناظم حامد)وآخرين ممن تساموا بإفراد مساحات وفضاءات لتجاربهم الخاصة كُلاً بحسب دوافع توجهاته وفي ترصيف معاملات تجاربه في تضاريس ومسارات واقع تشكيلنا المعاصر ونفائس تلك التنويعات التي جادت بها هذه التجارب الراسخة،في (تضاريس ملوّنة)،فلم تبتعد بعيداً تسريبات الاحتفاء بموضوعيّة وغرضية هذا المعرض أعمال الفنّانين وصدق نواياهم عن نسق وبنيّة تلك الالتماعات التي برقت وسطعت من خلالها أسماؤهم،حيث زاوجت هذه الأعمال-رغم الحفاظ على السمة العامة والهدف الأسمى لغاية إقامة هذا المعرض- ما بين الواقع المحتمل والموجود عيانيّاً،وما بين حلميّة الواقع المتخيّل عبر فرض معادلة الاحتماء الإبداعي بقيمة الأسلوب والمنحى الذي يميّز الواحد منهم عن أسلوب الآخر.
لقد كانت جولات (فائق حسن) والراحل-بواقع حياة مبكرة،نسبيّاً- (محمد صبري)مع طلبة أكاديمية الفنون الجميلة في الأرياف والاماكن المفتوحة على مصراعيها في تنفس أنفاس الطبيعة القائمة عند أطراف ومقتربات بغداد وضواحيها-ثمنانينيات القرن الماضي- بمثابة تعريض وتعويض عن جُنح ما كانت ترتكبه المُدن من فرط وجود مصدات يومية وحواجز بصريّة أضحت تعيق النظر وتحدّ من مديات إمتدادات الشعور الحاني بالحريّة،أمام ما تمنحه البريّة وطبيعية الحياة فيها من بذخ وترف فطري- تلقائي فريد في قدرة التماهي وسعة مساحة إطلاق العنان للاختيار،وفي مهارة  فتح شهيّة عقول وعيون  وذائقة طلبة الفنون في تقصي ورصد جمال الطبيعة،وفي مدّ أواصر الخيال بخيالات مضافة ومضاعفة،من شأنها أن تُسهم وتُزيد من فعاليّة متعة الأحلام وتخريجات مخاضات ذلك التقريظ السببّي الذي تقتضيه مهام الرسّام الحقيقي القادر على فرض هيبة شخصيته الفنيّة حتى على مقدرات وتفاصيل ما تريد البوح به لوحاته،مع واجب التذكير بفرض معادلة تفضي بمعنى جوهر القول ؛بأن العَالم المتخيّل أو المتصوّر هو عَالم خالٍ تماما من الزوائد والعيوب،فيما يُلقي الواقع المحض بث وتوزيع تلك الزوائد أو العيوب-إن صحّ التعليل وتحدّدت التسميّة- تلك التي تعطي للمَشهد سببيّة واقعيته المفرطة،التي يحاول الفنّان على تجاوزها-قصداً إبداعياً- لصالح عالم اللوحة التي يبغي ويريد ويصرّ بالوصول إاليها.
يحلو ... لنا ... أن نحيي -هنا- ذكرى(جون كونستابل)الرسام الانكليزي الذي اقترن أسمه برسم الطبيعة منذ بدايات القرن الثامن عشر لكي نؤكد عمق صلة الوصل ما بين الرسّام وذخائر حنينه المخفي والمعلن للحياة عذبة... طريّة ...وخَضِلة،بل خالية من أي يباس أو جمود يغلف نبض ذلك الحنين المتكررّ التنوّع والإمتثال لحياة البريّة المطلقة بغية الحفول والإمتنان لكل ما يجعل من الأشياء ملكاً مشاعاً للجميع.
أضحى (كونستابل) من أعظم وأنبل المصوّريّن من الذين رسموا المناظر اليومية والحُرة وخاصة طبيعة الريف الانجليزي،فيما عُرف بين اقرانه بجديّة البحث خارج محددات المرسم طمعاً  بموضوعات يتوضأ فيها الضوء وتنساب الحركة نحو مبتغى الوصول إلى مراميه بغية الظفر بألوان نقيّة مختلفة ومتآلفة بالتجاور الممكن في الحصول والوصول على تأثير ذات منحى طبيعي يغالب الإقتراب من قدرة اللون الواحد حين يخرج إلى الطبيعة من أجل إجراء تعديلات ودراسة لأثير ما تهبه الشمس وما تجنيه حركة الريح على المناظر و الأشكال التي يرسمها،مرّكزاً سمات على الهدوء وبث دواعي السلام وخواص الفوز بالثروة الخضراء التي يمتلكها ذلك الريف،الأمر الذي حدا،بل أجبر أكاديمية الفنون اللندنيّة على الإحساس بتقصيرها بحق هذا الفنّان فاضطرت لمنحه عضويتها الكاملة في وقت متأخراً،قياساً بما انجره وأحياه هذا الفنّان المسحور بفضائل وعي فائق الضرورة والانفتاح على الحياة التي فَطِن وأراد حتى بعد وفاة زوجته بمرض السل عام/1829،فيما واصل رسم مناظر الطبيعة مرتدياً ملابس الحِداد حتى موته المفاجئ،بعد أن عكست أعماله حالة الحزن والتشاؤم التي ملكت ذائقته فانبرى يتقدّم باللون الأخضر المضيء في ثنايا أعماله تاركاً للوّن الأزرق والبني بمشتقاتها أن يفيض ويسيطر على عموم لوحاته اللاحقة، أتراني جئتُ أزج بذكر(كونستابل) عنوة ً في ذكر روافد معرض الجمعية الأثير والمثير الذي نحن بصدد التماثل مع جمال وجلال ما تم عرضهُ من تحفة أعمال وتعميد تجاربه بمياه فكرة أذكت فينا -مجدداً- ضرورة العودة لنبع البئر الأولى في حياة الرسم،وما عطاءات ذلك الفنان البريطاني الخالد إلأ عنواناً لمتعة وهيبة ذلك التذكير،وهو يجرجرني حبّاً وولعاً وتغنيّاً بنبل ثراء محافل الطبيعة وغِنى مباهجها،هائماً ... متلبساً بحنو وحزن هذا المقطع الرائق من قصيدة  للشاعر البرتغالي (فرناندو بيسوا) يقول فيه ؛
(حينما ينبت العشب فوق قبري
فليكن ذلك علامة على نيساني
بالكامل ....
الطبيعة ... لا تتذكّر... ولهذا هي
 جميلة.!!!).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram