اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > فوضى النفايات.. متى تنتهي ؟

فوضى النفايات.. متى تنتهي ؟

نشر في: 1 أكتوبر, 2016: 12:01 ص

اكثر من مرة كتب ابراهيم على جدار داره "الرجاء عدم رمي النفايات"، لكنه يفاجأ في اليوم الثاني بوجود أكوام منها، أبدل الرجاء بالشتائم لكن الحال ظل على ماعليه حتى انه اضطر الى السهر لساعات عله يعرف من يقوم برمي النفايات قرب جدار بيته الذي يتوسط تقاطع زقا

اكثر من مرة كتب ابراهيم على جدار داره "الرجاء عدم رمي النفايات"، لكنه يفاجأ في اليوم الثاني بوجود أكوام منها، أبدل الرجاء بالشتائم لكن الحال ظل على ماعليه حتى انه اضطر الى السهر لساعات عله يعرف من يقوم برمي النفايات قرب جدار بيته الذي يتوسط تقاطع زقاقين. في النهاية عمل بنصيحة جاره بوضع كاميرا مراقبة، وفعلا توصل الى معرفة الأشخاص الذين يقومون برمي النفايات. فيما استعان عدد آخر من الناس بصور لرموز دينية علها تردع المواطنين من رمي النفايات قربها كما حصل في مدينة الثورة الصدر والشعلة والغزالية وبغداد الجديدة لكنها لم تنجح بالحد من اكوام النفايات.  

25 % فقط
أكدت مجلة Plastics technology العالمية، حاجة العراق لمعالجة 31 ألف طن من النفايات الصلبة التي ينتجها يوميًا، في حين أوضحت أن القدرة على معالجة هذه النفايات في البلاد تبلغ 4 أطنان يوميًا. وذكرت المجلة أن هناك فجوة كبيرة جدًا بين النفايات المنتجة وبين قدرة السلطات المختصة على إدارتها والتعامل معها. وأضافت أن قدرات الإدارة التشغيلية والتقنية الحالية للتخلص من النفايات الصلبة في العراق تبلغ نحو 25٪ فقط من احتياجات البلاد. وبحسب المجلة، فإن هذه الفجوة الكبيرة تحتاج إلى شغل عن طريق إنشاء مصانع تستطيع التعامل مع هذه الكمية من النفايات وخصوصا البلاستيكية. مشيرة إلى المصنع الأخير الذي تم افتتاحه في البصرة الذي يحتوي على تقنية لإعادة تدوير النفايات البلاستيكية.

11 ألف طن من النفايات يومياً
أمانة بغداد بيّنت أن معدل النفايات التي تفرزها العاصمة بغداد يومياً يبلغ نحو 11 ألف طن، وأشارت إلى أن عمل المحطات المخصصة في الوقت الحالي يقتصر على كبسها فقط، وفيما عد مجلس محافظة بغداد أن حل ملف النفايات وتدويرها يكمن بإحالته إلى الاستثمار، شكك مختصون بإمكانية إيجاد حلول للملف بسبب "الفساد. وبحسب ما أعلنت عنه أمانة بغداد، في حزيران 2016، فإن حجم النفايات التي تقوم كوادرها بطمرها صحياً تبلغ 7000 طن يومياً، ما يعني أن نحو 5000 آلاف طن يجري طمرها يوميا بشكل غير صحي وفي مناطق عشوائية من دون إشراف من كوادر الأمانة أو دوائرها.
ويقول مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة في أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة في حديث لـ (المدى )، إن معدل النفايات التي تفرزها العاصمة بغداد حاليا يتراوح بين 10 - 11 ألف طن يوميا. مبينا: أن رفع هذه الكمية من النفايات يشكل عبئا كبيرا على ملاكات أمانة بغداد. مضيفا: أن أمانة بغداد تدرس في الوقت الحالي حلولا لمشاكل الطمر العشوائي للنفايات وعدم كفاية المواقع المخصصة للطمر، وتحاول تهيئة المعايير المحددة لوظائف كهذه لأهميتها وتأثيرها على الواقع البيئي لمدينة بغداد. مؤكدا أهمية إنشاء مواقع طمر نظامية مخصصة خارج المدينة، وتهيئة جميع المتطلبات البيئية فيها بما يؤمن التخلص من الإفرازات التي لا يمكن إعادة فرزها وتدويرها.
ويتابع عبد الزهرة أن أمانة بغداد أنجزت حتى الآن 11 محطة نموذجية لكبس النفايات، تمهيدا لنقلها إلى مواقع الطمر خارج العاصمة بواسطة الآليات المخصصة. مشيرا إلى أهمية تهيئة الموارد والبنى والمعدات والآليات ومعامل الفرز والتدوير، وبطاقة إنتاجية كافية وبموجب المعايير الدولية للاستفادة من المردود الاقتصادي للنفايات.

استرجاع المواد المفيدة
يمكن لمشروع تدوير النفايات ان يحقق جدوى فنية واقتصادية من خلال المواد الناتجة من مواد أولية ومركبات صناعية وحبيبات معدنية، كالكبريت والأملاح والزنك والمياه النقية، كما أن الغازات التركيبية الناتجة يمكن استخدامها لأغراض صناعية أو منزلية، أو في تشغيل المراجل البخارية الخاصة بإنتاج الطاقة الكهربائية، ويمكن الحصول على وقود حيوي لأغراض تشغيل المحطات الكهربائية الغازية.. الخ من استخدامات عديدة، الا ان هذا المشروع للأسف غير مفعل بشكل صحيح في البلاد التي تنتج كمية كبيرة من النفايات تتسبب بنقل الامراض وتلوث البيئة . التدريسي في قسم العلوم التطبيقية في الجامعة التكنولوجية جلال سعدون ذكر لـ(المدى): إن استمرار التلكؤ في معالجة ملف النفايات أمر يثير المخاوف البيئية والصحية، خاصة مع السعي إلى إعادة تشغيل المعامل الحكومية المتوقفة والتي ستزيد من حجم النفايات. محذرا  من أضرار بيئية كبيرة قد تؤدي إليها تلك المخلفات والنفايات. موضحا ان استرجاع المواد المفيدة من النفايات الصلبة يمكن أن يتم عن طريق الفرز المغناطيسي والهوائي، من خلال عزل النفايات حسب مكوناتها لإعادة تصنيعها بعد كبسها، فيما يمكن الاستفادة من فضلات الشحوم في صناعة الصابون والشموع. مشددا على ضرورة استثمار المخلفات الزراعية في صناعة الأسمدة.

للنفايات فساد ايضا
تتّجه البيئة في العراق نحو المزيد من التلوّث بسبب اعتماد طرق غير صحية للتخلص من النفايات اذ يعتمد الكثير على طريق بدائية في كيفية التخلص من النفايات بإلقاء النفايات والأوساخ في الأنهر والساحات العامّة حتى يكاد لايخلو زقاق في اي حي من اكوام النفايات التي تسببت بالكثير من المعضلات للمواطين امام عجز الجهات المعنية بمعالجة الموضوع الذي اخذ يتفاقم بشكل مخيف. البيئي (محمد عبد الرحمن) دعا الى بناء قاعدة بيانات واحصاءات كميات النفايات المطروحة وانواعها والخطر الذي تسببه. مردفا: مع ضرورة  نشر الوعي البلدي وثقافة التخلص وتدوير النفايات ابتداء من المدارس الابتدائية. مطالبا بايجاد حصة دراسية في كل المراحل تهتم بعلم البيئة لتوعية الاجيال بأهمية البيئة والمحافظة على نظافتها وحمايتها.
وبشأن الاستفادة من تدوير النفايات واستخدامها في الصناعة كمواد اولية او في الزراعة كسماد شكك البيئي عبد الرحمن بإمكانية حسم هذا الملف النفايات بشكل صحيح اذ كان من خلال مؤسسات الدولة او الاستثمار. عازيا ذلك إلى حجم الفساد الكبير الذي نخر كل مفاصل الدولة. منوها الى العقبات الادارية والاجراءات الروتينة في ترويج معاملة تقاعد فكيف الحال مع هكذا ملف يمكن ان يدر مليارات الدولارات. مشددا على ضرورة الاستفادة من كميات النفايات التي تقدر بآلاف الأطنان وجعلها مفيدة بدل الضرر الذي تسببه.  

حتى النفايات ياحكومة!!
حسب ما يتوفر من معلومات فإن موازنات امانة ومحافظة بغداد لاتتضمن اية تخصيصات مالية لانشاء معامل لتدوير النفايات، اذ يقتصر العمل الان على الجهد الذاتي للدوائر المعنية والتي يشكو اغلب المتعاقدين معهم بالأجر اليومي من تاخر تسليم أجورهم. ولما لهذا الملف من اهمية اقتصادية وتأثير على البيئة والصحة العامة اخذ البعض من اعضاء مجلس النواب والمجالس المحلية الى طرح المشروع الى الاستثمار . يقول عضو مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي في حديث لـ(المدى) إن إدارة ملف النفايات في العاصمة بغداد ضعيف وروتيني وبحاجة إلى التطوير. مبينا أن مجلس المحافظة مستمر بالتنسيق مع أمانة بغداد لإيجاد حلول سريعة لهذا الملف، من خلال اجتماعات مستمرة بين الجانبين. مؤكدا أن حل الإشكالات في ملف النفايات بحسب خطة المجلس يتمثل بإحالته للاستثمار، على غرار الدول المجاورة. لافتا الى أن المجلس صوت خلال الفترة السابقة على إحالة الملف برمته للاستثمار بتوصية من لجنة البيئة.

الكوليرا على الأبواب
اعلانات في اغلب وسائل الإعلام تدعو وزارة الصحة الى اتخاذ الاجراءات والتدابير لدراء مخاطر (الكوليرا) التي غالبا ما تنشط في هكذا انواء جوية معتدلة، اضافة الى تكاثر النفايات وتراكمها اضافة الى امراض وبائية اخرى . اذ يبين الاختصاصي في الامراض التنفسية (الدكتور عادل حسين) ان حرق النفايات المستمر، وبالطريقة العشوائية التي نشاهدها في بعض المناطق خاصة الشعبية يدخل العديد من السموم الى الجهاز التنفسي. مبينا ان اكثر هذه السموم خطرا هي أرسنيك، بلوم، الزرنيخ، الرصاص، وغيرها من السموم والمعادن التي تلوث الهواء.  واسترسل اخصائي الامراض التنفسية: في العام الماضي شهد العراق اصابات عديدة بمرض الكوليرا خاصة ان احد اسبابه التلوث اضافة الى مرض الطاعون الخطير. داعيا الى ضرورة اتخاذ الاجراءات والتدابير الصحية اللازمة خاصة في المرحلة الحالية التي تشهد نشاط انواع عديدة من الفيروسات والبكتريا. متسائلا: عن الكيفية التي يتم التخلص به من النفايات الطبية والصناعية التي يرمى الكثير منها في الانهار. منوها الى مايشهده نهر دجلة من تلوث خطير يهدد الصحة العامة. لافتا الى أن حرق النفايات عشوائيا خصوصا التي تحتوي البلاستيك، يتسبب بمشكلات واخطار صحّية، خصوصا السرطانية التي تطاول مختلف أعضاء الجسم وليس الرئتين فقط.

كابوس الأمراض والأوبئة
تعد البيئة العراقية الحالية افضل مكان لنمو مختلف الاوبئة والأمراض لعدم وجود روادع صحية ومعالجات علمية للحد من التلوث الذي تعد النفايات احد اهم اركانه لما تحمله من مخاطر وسموم، الدكتور لؤي نوري بين انه بالامكان ان نصاب بعشرات الامراض اذ لم تتم معالجة النفايات بطريقة علمية وصحية. متابعا:  نحن معرّضون للإصابة بالتهابات في العيون والتهابات جلدية ومشاكل تنفسية ناهيك عن الكابوس الاخطر الذي يلاحقنا: السرطانات. مشيرا الى الجانب الاخر من تلوث مياه الشرب التي تعاني هي الاخرى من النفايات خاصة ايام المطر وتكسر بعض انابيب نقل المياه واختلاطها بالنفايات والمياه الثقيلة.
واستطرد نوري: كما ان انسداد مجاري المياه الصحية نتيجة تراكم النفايات سيتسبب بتكون المستنقعات التي تساعد هي الاخرى بنمو الطفيليات وتكوين بيئة حاضنة للقوارض والحشرات خاصة التي تنتقل الى البيوت عن طريق فتحات المجاري. موضحا: كما ان المطامر والمكبات العشوائية خاصة المنتشرة على اطراف العاصمة بغداد لا تتوفر فيها المعايير الصحية ان كانت بطريقة الطمر او المعالجة. لافتا الى ان مواقع تحدوير النفايات التي انشئت مؤخرا لم تؤدِ ما كان يؤمل منها.

لامكان آخر غير المطمر
رغم عديد الامراض والاوبئة التي تسببها النفايات، الا ان الكثير من العوائل تعتاش عليها ان كان بالتجوال بين المناطق السكنية او في اماكن الطمر المنتشرة، خاصة في اطراف العاصمة بغداد اذ تشكو تلك العوائل من الامراض والمشكلات الصحية الكثيرة، اطفال بعمر الورد بدلا من ان يدخلوا المدارس ويلهوا في متنزهات وحدائق تجدهم يقضون يومهم بنبش النفايات واستخراج ما يجدونه ملائما للبيع. (ابو سجاد) يسكن قرب احد المطامر الصحية قرب منطقة المعامل بين انه يعاني من مشكلات صحية عديدة خاصة بالتنفس بسبب استنشاقه الدائم للدخان المتصاعد من حرق النفايات. متابعا: كما يعاني اطفاله الاربعة من مشكلات وامراض جلدية. عازيا سبب سكنه قرب المطمر لعمله مع جميع افراد عائلته بالنفايات وعزل ما ينفع منها وبيعها الى محال جمع البلاستيك.  
الامر لايقتصر على عائلة ابو سجاد وحده فالشاب (منتظر شاكر) يسكن مع والدته في كوخ جمع اركانه من علب الصفيح يذكر انه لم يجد عملا غير هذا. مبينا ان والدته مصابة بعدة امراض ولاتقوى على فعل شيء. منوها الى اصابته هو الاخر بامراض تنفسية وجلدية. فيما بين زميله حسن انه وجد نفسه وسط اكوام النفايات منذ صغره اذ ولد يتيما للاب الذي قضى بحادث سير عام 2000. متابعا انه يعمل في هذا المطمر منذ ساعات الفجر الاولى وحتى المساء. موضحا انه سبق وان اصيب بمرض الجرب الذي تطلب علاجه وقتا ومالا. ورغم ان الطبيب منعه من التواجد في اماكن رمي النفايات والعمل به الا انه عاد اليه بسبب غياب فرص العمل، مثلما بيّن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram