دفع جنود بريطانيون، في البصرة، الطفل أحمد جبار كريم، إلى قناة مياه آسنة لإغراقه، مع سبق الإصرار والترصد.
بُعيد سقوط نظام صدام حسين والمدينة تعمها فوضى عارمة، في شهر أيار/مايو 2003، ألقت مجموعة جنود بريطانيون القبض على عدد من العراقيين كانوا يقومون بعمليات نهب، حسب صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وقالت الصحيفة إن الجنود الأربعة المتورطين فيما حدث لم تتم إدانتهم بالقتل عند محاكمتهم.
بينما اكتفى القاضي السير جورج نيومان بالقول: "إن الصبي عومل بشكل غير قانوني".
معنى كلام القاضي هو وجوب محاكمة الصبي البصري على ضوء الوقائع والأدلة لمعرفة ما إذا كان مذنباً أم بريئاً.
في الحالين، الإدانة والتبرئة، هما في عهدة سلطة الاحتلال البريطانية، وهي المسؤولة عن حمايته وسلامته.
وذكر تحقيق قضائي، كُشف عنه الأسبوع الماضي، أن القوات البريطانية تركت الصبي "بمفرده ليغرق" في قناة المياه القذرة بعد القبض عليه. وقال نيومان، وهو قاض سابق في المحكمة العليا، بعد الاطلاع على الأدلة من عشرات الشهود بينهم قادة وأفراد ومدنيون، إن الصبي "عومل بشكل غير قانوني".
وكان بين من أدلوا بشهادتهم في القضية عياد سالم حنون، وهو عامل في أحد المصانع كان محتجزاً مع الصبي واثنين آخرين، بالقرب من مستشفى البصرة العام.
ويقول حنون "انطلقت العربة المدرعة، وكان جنديان بريطانيان خلال الرحلة يجلسان أمامنا واستمرا في ضربنا وركلنا بأحذيتهم. وتوقفت العربة اسفل جسر الزبير، وفك الجنديان قيودنا وراحا يصرخان فينا للنزول إلى النهر".
ويقول حنون إن المتهمين الآخرين سبحا عبر النهر قبل أن ينزل هو وأحمد إليه.ويضيف "لم يكن أحمد يعرف السباحة ولم أكن أنا سباحاً جيّداً، لذلك توسلنا الجنود... لكنهم لم يستمعوا إلينا ودفعونا إلى الماء تحت تهديد السلاح".ويقول حنون إنه كان يدفع الماء برجليه، بينما كان أحمد يغطس ويطفو.ويقول حنون إنه رأى أحد الجنود يخلع ملابسه واعتقد أنه كان يهم بإنقاذ أحمد، لكن الجندي تلقى أمراً بالانصراف".
ويستطرد حنون قائلاً إن أحمد غطس ولم يظهر بعد ذلك، وإن والده وجد جثته في النهر بعد يومين.
وقال الدفاع عن الجنود الأربعة إن حنون ليس شاهداً يعتد به، لما جاء في اختلاف في شهاداته التي قدمها خلال فترات متفاوتة على مدار أعوام عدة.لكن السير نيومان قال عام 2016 إن شهادته كانت "صالحة بالقدر الكافي للأخذ بها".
وتوصل القاضي السابق إلى أن الظروف التي مات فيها أحمد "ما كان لها أن تحدث".وقال القاضي في تقريره إن الجنود "ألقوا القبض عليه للسرقة وأرغموه على النزول إلى القناة ثم تركوه ليغرق".
****
"ما كان للظروف التي مات فيها أحمد، الطفل البصري، غريقاً أن تحدث". هذه خلاصة ما توصل إليه قاضي صاحبة الجلالة بشأن جريمة جنود صاحبة الجلالة.
لا أم أحمد ولا أبو أحمد، ولا أحمد نفسه يعرف اسم صاحبة الجلالة. كل الذي بعرفه أحمد أنه كان ينزل ويطفو في الماء مع آخر أنفاسه وهو في أشد حالاته يأساً.
كل الذي يعرفه أحمد أن ثمة من أخبره بأن ابنه أُغرق، مع سبق الإصرار والترصد، في تلك النقطة من قناة المياه الآسنة ليكتشف جثة الغريق بعد يومين. كل الذي تعرفه أم أحمد أنها فقدت أعز ما لديها: ابنها بعد جريمة قتل سجلت ضد مجهول معلوم.
كل الذي نعرفه نحن: إن للحرب مستويات عدة، كل مستوى يخفي ما تحته حتى تحين لحظة ظهوره بالمصادفة المحض.
إغراق طفل بصري
[post-views]
نشر في: 3 أكتوبر, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 1
عزيز سالم
بالأمس تظاهر أهالي البصرة أستنكاراً للغزو التركي لشمال العراق، فهل تظاهروا في عام 2003 أستنكاراً للغزو البريطاني والامريكي للعراق بضمنه البصرة؟