في ظل تعثر المشاريع الحكومية نتيجة سوء الادارة وهيمنة مافيات الفساد، تشهد البلاد تناميا واضحا في أنشطة القطاع الخاص. ومع أنه( القطاع الخاص) لم يغامر مغامرات كبيرة في مشاريع تحتية واضحة، مثل الكهرباء والصناعات وشبكات الصرف الصحي وغيرها، وظل أسير المشاريع الاستهلاكية البسيطة، التي تتعامل مع حاجيات المواطن اليومية، إلا أن ذلك، ولا شك، سدَّ شاغرا كبيراً، بما غيّر وحسّن من حياة الناس، وتدخل في تهذيب آلية التبضع ومجاراة حركة العصر في السرعة والتنظيم، وبما ينسجم مع الحياة العصرية التي ينشدها.
وضمن الحراك الاستثماري هذا، كانت حكومة البصرة المحلية وهيئة الاستثمار فيها، قد وقعت قبل يومين، خمسة مشاريع استثمارية لصالح القطاع الخاص، تبلغ كلفتها الاجمالية 64 مليون دولار، منها أكبر مجمع تجاري (مول) في العراق بكلفة 37 مليون دولار، على مساحة كبيرة من متنزه الخورة، وسط المدينة، فيما تباينت أهمية المشاريع الاربعة الاخرى بين مركز تخصصي لطب وجراحة العيون ومجمع رياضي وترفيهي ومختبر هندسي.
وبغض النظر عن اهمية المشاريع هذه، نلاحظ أن المشاريع هذه لم تستطع في أهميتها أن تتجاوز الحدود الاستهلاكية للمواطن. كذلك نجد أن مواقع انشائها ظلت حبيسة الرقعة الجغرافية الضيقة، داخل المدينة، إذ لم تراع الجهة القائمة على التخطيط أهمية سحب مشاريع كهذه، الى اماكن خارج حدود المدينة القديمة الى فضاءات اوسع، بما يشجع على حركة البناء والتوسع والسكن هناك، من أجل تخفيف الزحمة التي يعاني منها المواطن، فضلاً عن استقطاعها لأكبر حيز من المساحة الخضراء المخصصة ضمن حاجة المواطن هذا للتنزه والتمتع بالطبيعة. الحصة الخضراء، أو الحدائق العامة التي بدأت تتآكل ويُتجاوز عليها من قبل الجميع، منذ العام 2003 الى اليوم، ولا يعلم سكان المدينة بملايينها الثلاثة لماذا تصرُّ الحكومة المحلية على إقامة المشاريع هذه داخل حدودها الضيقة فيما تتسع وتترامى الصحراء من حولها.
ظل الارتجال وغياب التخطيط حائلاً دون تنفيذ مشاريع مهمة في عموم العراق، وفي البصرة ساهمت التقاطعات السياسية والمصالح الحزبية وكذلك الوسائل الدنيئة في الاستحواذ على الأموال بالباطن، ساهمت في تعطيل تنفيذ أو إرباك وتحجيم بل وشل حركة الاستثمار الحقيقية في عموم المدينة، وبات معظم ما ينفذ ويعمل عليه من مشاريع لا يتجاوز في أهميته الحاجة اليومية للمستهلك فيما أهملت المشاريع ذات الأهمية المباشرة في حياته، حيث لم نشهد حراكاً في قطاع الصناعة ومثل حلم تبددت فكرة البصرة عاصمة العراق الاقتصادية، التي نودي بها لأغراض سياسية ذات يوم، وخرجت من كونها صاحبة المعامل الصناعية الكبرى، أو الثقيلة(تصفية النفط، الاسمدة، الغاز، البتروكيمياويات، الحديد والصلب، الورق..) الى مدينة تستورد حتى علب المناديل الورقية من جاراتها الشرقية والجنوبية.
خمسة مشاريع استثمارية في البصرة .. لكن !!
نشر في: 4 أكتوبر, 2016: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)