اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تُحفة النُّظّار في غرائب العراق

تُحفة النُّظّار في غرائب العراق

نشر في: 5 أكتوبر, 2016: 06:41 م

ali.H@almadapaper.net

 سُئل الروائي إرنست همنغواي  يوماً ما هي الرسالة التي تريد أن توصلها من خلال رواياتك ، فأجاب ساخراً كعادته : " عندما تكون لديّ رسالة ، فإنني أذهب  بها إلى مركز البريد " ، أُتابع كقارئ منذ سنوات القاصّة الكبيرة لطفية الدليمي ، التي لاتزال تدهشنا كل يوم ، برسائلها الأدبية الممتعة ،  لاتذهب إلى صناديق البريد ، وإنما إلى عقول وقلوب قرّاء  يتابعون حروفها المضيئة بالمعرفة والصدق ، تعيش عالمها الخاص ، متقاعدة براتب متواضع ، لها جمهوريتها المتعففة ، ترفض الوقوف أمام دكاكين السياسة ، فهي تمضي ليلها ونهارها تجمع مادة لكتاب جديد ، ، وإذ أرادت أن تُسحرنا جميعاً ،  وضعت على غلاف كتاب جديد عبارة " رواية "  ، بينما الصفحات تذكّرنا بأن ما نقرأه أوسع من رواية وأكبر من خيال الأدب ، هي الحياة في أقصى وصف لها ، ورغم أنّ البعض يصرّ  على أن الحقيقة لا تُقرأ في الكتب ، لكني أُحيلكم إلى روايتها أو " شهادتها  " الأخيرة "عشّاق وفونوغراف وأزمنة" التي تشير بوضوح قلّ نظيره الى هذا الخراب العراقي الذي يحاصرنا منذ عقود ، في فن يجمع بين الفكر والحكاية والتاريخ ، سيرة واقعية ، فصل صغير من فصول الحياة أكثر من كونها عملاً متخيّلاً ، ولاننا نعشق فنون الخيال ، وحكايات الأساطير، فقد أستغربنا الخبر الذي نشرته الوكالات عن قرار أصدره الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ، قرّر فيه  تقليص الامتيازات الممنوحة لرؤساء الجمهورية السابقين ، للحدّ من الإنفاق العام، حيث كانت الدولة  تضع  تحت تصرّف الرؤساء السابقين خمسة  معاونين واثنين من موظفّي الأمن ، والسيد هولاند يريد أن يخفّض العدد إلى أربعة أشخاص فقط .هذا الخبر كلّ ما فيه حقيقيّ، لكننا لانصدّقه ونعتبره ضرباً من  الخيال ، ولستُ أدري إن كان أعضاء لجنة الإصلاح البرلمانية ، قد اطّلعوا  على هذا الخبر أم سيعتبرونه نوعاً من أنواع الخرافة ،  لأنهم يعرفون جيداً أنّ السيد نوري المالكي الذي لايملك منصباً رسميّاً ، يرافقه 750 عنصر حماية ، وأقل من هذا الرقم بخمسين يرافقون أُسامة النجيفي ، وأكثر منهم بثلاثة آلاف يرابطون عند رئيس الجمهورية ، أما قادة الكتل ، فالأرقام تتجاوز المخيّلة ، وماذا عن النواب ؟ الوقائع تقول إنّ لكلّ نائب أربعين شخصاً يحمونه من الفضوليين أمثالنا ، والوزراء يمكن أن تواصل العدَّ حتى الصباح !
منذ أشهر ونحن نتابع أخبار التقشّف، وأخبرنا كبار المسؤولين أنّ هناك بعض المشاكل، لم تبقَ مليارات تُصرف على مهرجانات المصالحة المستدامة، الحكومة تضيق صدراً بسبب انخفاض أسعار النفط ، وليس بسبب نهب ثروات البلاد.
كتب ابن بطوطة "تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، ليقدِّم لمن بعده دروساً وعبر عن حياة الشعوب التي صدّعتُ رؤوسكم بها ، وكنت أتمنّى لو عاش عصرنا ، ليكتب سِفره الجديد " تحفة النُّظّار في غرائب العراق " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. كمال يلدو

    التقاطة رائعة استاذ علي . شكراً لجرأتك ولقلمك الساحر.

  2. د عادل على

    التاريخ يحدثنا ان الايديولوجية التى طبقها الحزب النازى والحزب الفاشى الايطالى وحزب البعث العربى الاشتراكى هى ان الفن والموسيقى و الكتابة الحرة ان تكون تحت الرقابه فى المانيا وايطاليا والعراق--- الكتابه والقراءة غداء العقل والقلب والروح ----

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

 علي حسين مرت قبل أيام الذكرى السابعة والعشرين لرحيل شاعر العراق الأكبر محمد مهدي الجواهري، الرمز الوطني الذي أرخ للبلاد وأحداثها فكان هو العراق لساناً ودماً وكياناً.. صاحب يوم الشهيد وآمنت بالحسين وقلبي...
علي حسين

قناديل: عالَمٌ من غير أحزاب

 لطفية الدليمي ما يحصلُ بين الحزبين العتيديْن في الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات الامريكية 2024 أمرٌ أبعد من فنتازيا جامحة. هل كنّا نتوقّعُ قبل عقدين مثلاً أن يخاطب رئيسٌ أمريكي رئيساً امريكياً سابقاً...
لطفية الدليمي

قناطر: العراقيون لا يتظاهرون!!

طالب عبد العزيز أمرٌ غريبٌ جداً، هو خلو شوارع البلدان العربية كالعراق وسوريا ومصر وليبيا وغيرها من التظاهرات المنددة بما يجري في غزة ولبنان والمنطقة بعامة، من انتهاكات، وتجاوزات، صهيونية وأمريكية، فيما شوارع العالم...
طالب عبد العزيز

تعديل قانون الأحوال الشخصية.. من منظور سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح تذكير(في 23 تشرين الثاني 2013 انجز وزير العدل السيد حسن الشمري مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي جاء امتثالاً لمرجعه السياسي والفقهي السيد اليعقوبي المحترم، مع ان المسؤولية تفرض عليه...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram