رفع منتخبنا الوطني سقف الآمال في تصفيات كأس العالم ، ونفضَ غبار الكسل عن صفوفه لاسيما بعد أن قدّم عرضاً ممتعاً في موقعة سايتاما ليكون موضع ثقة الجميع في إمكانية عودته للمنافسة ، متخذاً من مباراة اليوم مع تايلاند دفعة معنوية جديدة تقوده ليرسم طريقه الآمن صوب نهائيات المونديال.
نقدّر باهتمام بالغ سعي المدرب راضي شنيشل للتعبير عن مكنوناته الفنية في كيفية فكّ العقدة التايلاندية التي سبق أن استعصَتْ على المدرب يحيى علوان ولم يتمكّن من تحقيق الفوز حيث تعادل مرتين بالنتيجة ذاتها (2-2) لاسيما أننا أهدينا الاصدقاء فرصة تعديل النتيجة في الدقيقتين 80و83 أثناء المباراة الأولى، ونجونا من الهزيمة بمساعدة لاعبهم كورنويت نارمويست الذي سجل خطأ في مرماه بعد ان تقدموا مرتين في الدقيقتين (39 و 86) ما يعني وجوب الحذر من مفاجآتهم في ظل احلامهم التي كبرت ولم تعد ترضى بالمشاكسة في الأدوار الاولى فقط من التصفيات برغم فقرهم التاريخي على مستوى البطولة وقضائهم العقود الأولى من بزوغ كرتهم تحت مطرقة مهاجمي آسيا بلا رحمة!
بمعية شنيشل لاعبون أشدّاء يقاسموننا الطموح ببدء رحلة الأمل اليوم وجُلّ تفكيرهم إهداء ثلاث نقاط مستحقة لمن صبر على آلامهم وجدد ثقته بهم ولم ييأس من قدراتهم التي غلبتها ظروف التحضير مرة وصفارة بعض الحكام مرات عدة ، وهذه المرّة لا تُقبل أعذارهم قط، فالحسم مطلوب للاطمئنان على سلامة خطوات الملاك التدريبي وجاهزية لاعبيه بأنّ ما حصل أمام اليابان لم يكن استثناءً، بل ترجمة واقعية لحلول فنية مستخلصة من دروس مباراتي استراليا والسعودية اللتين خسرنا فيهما أربع نقاط مضمونة وفقاً لمعطيات ما جرى في بيرث وكوالالمبور.
صراحة ما أن يلتقي شخصان مهمان يشجعان منتخبنا الوطني إلا ويشكلان على المدرب راضي شنيشل عدم قدرته حتى الآن على صناعة قوة هجومية تشعر المنافس بالرعب وتفرض عليه التراجع في ساحته كلما بادرنا الى الهجوم، وهي بالفعل مشكلة كبيرة من النادر أن تعاني منتخباتنا ضعف الفاعلية في الأمام بحكم أن كرتنا عُرفت من خلال مطارقها الهجومية منذ حقبتي الجلادين علي كاظم وحسين سعيد (السبعينية والثمانينية) الى زمن السفاح يونس محمود، ولا اعتقد أن شنيشل يعجز عن إيجاد توليفة منسجمة في اسلوبيها الدفاعي والهجومي على صعيد الأداء الجماعي أو إيلاء الثقة بمهاجمين صريحين يتلقيان المساندة لخلخلة تكتّل المنافس قرب مرماه على أمل ان ينجحا في هز الشباك التايلاندية وينعشا التفاؤل في نفوس بقية زملائهما على أكمال المشوار بلا قلق.
ولا تكمن مشكلتنا في تحرّك المهاجمين ومدى تنسيقهما لإضفاء طابع الدهاء على تحركاتهما والهروب من الرقابة، بل في بطء مساندة علي عدنان الذي نعوّل على قوته البدنية واحترافيته في معاودة التمركز كمدافع يسار ومنح ضرغام اسماعيل حريته في تهديد المنافس عبر طلعاته الهجومية وصناعة الفرص لامتلاكه السرعة والمراوغة والجرأة في اقتحام منطقة الجزاء من دون تهوّر مثلما يمتاز بلياقة بدنية متوازنة لتوزيع الجهد لاسيما في تراجعه للتغطية ومساندة زملائه في خط الدفاع بعكس عدنان الذي يشعر بالارهاق في الشوط الثاني نتيجة استنزافه طاقته سلبياً في أغلب الأحيان.حقاً إنها جولة المصير في تحديد مسار الأسود أما في الاستمرار باتجاه روسيا من خلال كسب ثلاث نقاط أولى في حصيلة التباري الصعب ضمن المجموعة منذ السادس من أيلول الماضي، أو أن يتخذهم المنافسون على بطاقتي التأهل محطة لزيادة النقاط والاهداف وتفادي الخسارة والتعادل ليضمنوا فارقاً مناسباً يحسم بلوغهم نهائيات المونديال ، وبكل تأكيد أسودنا لن يرضوا بهكذا دور هزيل وسيكون ردهم في باص كافياً لإزالة الشك بحظوظهم وإنهاء التهكّم بأهليتهم مدرباً ولاعبين.