بالقرب من المدخل المؤدي الى مقر مجلس القضاء الأعلى داخل المنطقة الخضراء ، تجمع عشرات المراجعين من ذوي المحتجزين والموقوفين ، الجميع ينتظر الدخول الى مبنى الساعة لتقديم طلبات تتعلق بتطبيق مواد قانون العفو العام ، او البحث عن مفقودين من ضحايا العنف الطائفي في السنوات السابقة . اكثر المراجعين يبحثون عن تعويضات جراء احتجاز ابنائهم لسنوات امضوها في مراكز التوقيف ، ثم تم اطلاق سراحهم ، اعتقلوا اثناء تنفيذ عمليات دهم وتفتيش في احياء متفرقة من لعاصمة بتهمة اربعة ارهاب.
صباح كل يوم تنطلق حافلات صغيرة من احياء الدورة وابو غريب والغزالية والعامرية ، تنقل المراجعين الى الحارثية ، في مكان التجمع تحت جسر الطريق السريع ، وخلال ساعات الانتظار الطويلة، يتحول المكان الى مسرح في الهواء الطلق لعرض احداث ووقائع يسردها كبار السن من الرجال والنساء ، فيما يتنقل اشخاص اخرون يعرضون خدماتهم لأصحاب الطلبات لإنجازها مقابل مبلغ محدد من المال يتفق عليه الطرفان يدفع بالدولار .
"حديث الساعة" غائب عن وسائل الاعلام ، فلا احد يغامر من اصحاب الطلبات للأدلاء بحديث صحفي لعرض مشكلته . السلطة القضائية فتحت الباب امام الراغبين في الحصول على تعويضات لكن اجراءات التنفيذ طويلة ، يمكن الاطلاع على تفاصيلها حين يعرض صاحب الطلب شروطها ومتطلباتها ، مع التاكيد ان الدستور العراقي، نص في احدى مواده على انجاز التحقيق مع الموقوفين خلال ثلاثة ايام ، في حال اثبات التهمة ، تتم احالته الى المحاكم لتصدر بحقه العقوبة القضائية .
(ام شاكر) تجاوزت السبعين من عمرها لها في "حديث الساعة" قصة تتعلق باعتقال ابنها منذ ست سنوات وهو معيل اسرة كبيرة هُجرت من منطقة سكنها في عرب جبور لرفض الأبناء التعاون مع تنظيم القاعدة وقتذاك ، مشهد اخر تعرضه ارملة تبحث عن مصير زوجها المفقود ، زودت بكتب الى دائرة الطب العدلي ، مع نشر اعلان في صحيفتين محليتين ، تدعو الزوج مجهول محل الاقامة الى مراجعة محكمة الاحوال الشخصية لاثبات وجوده حيا خلال ثلاثين يوما من تاريخ نشر الاعلان ، اما اغرب المشاهد المعروضة في الهواء الطلق تحت جسر الحارثية فيجسد آلية الحصول على التعويض ، يستطيع الموقوف وهو داخل مركز الاحتجاز ان يقدم شكوى ضد ضابط التحقيق ، والشخص المسؤول عن اعتقاله ، ثم روح اشتري بعقلك حلاوة.
القوى السياسية ممثلة المكون السُني ابدت رغبتها في تمرير مشروع قانون "ضحايا العدالة"، الاسم وحده فيه من اللبس ما يثير التساؤل والاستفسار ، ربما لهذا السبب رفضت اطراف مشاركة في الحكومة تمريره بدعوى انصاف المدانين بارتكاب جرائم ارهابية فاندرج ضمن مشاريع القوانين الاخرى تنتظر الساعة الرحمانية لتحقيق الاتفاق والتوافق بين رؤساء الكتل النيابية حفظهم الله ورعاهم وسدد خطاهم ، لكي ينصفوا المتضررين من الاعتقال التعسفي.