بدأ الموسم الكروي ولا شيء يُوحي بأن هناك بوادرَ لظهور فكرٍ إداري جديد لقيادة أغلب الأندية بعد سنين من الهفوات والنكبات التي كانت السمة البارزة في العمل والتخطيط غير المثمر والعقيم، بل والبدائي لحد الملل والإستغراب!
رداء الروتين الذي لا يريد اصحاب الشأن خلعه والانطلاق نحو البحث عن أسرار التطوّر والاحتراف في التعامل مع أدوات الارتقاء بالواقع المزري لانديتهم من بُنى تحتية وملاعب بائسة مروراً بدهاء التصرّف العقلاني في تأمين الموارد المالية ومحاولة توظيفها وفق المتطلبات الضرورية البعيدة عن الإسراف وآفة الاستحواذ والانتفاع غير الشرعي منها وصولاً الى كيفية إعداد فرقهم الكروية علمياً من خلال الوقوف على ملاك تدريبي وإداري يمتلك رؤية فنية بعيدة المدى ومنهاج مبرمج ومدروس يكون أساس في اختياره ومنحه الثقة للعمل وضمان الاستقرار وإن تعثّرت النتائج في بعض المباريات.
البداية كانت مثيرة في عناوين التخبّط والفوضى وخاصة في سرعة الإطاحة بالمدربين، نادي السماوة أول مَن بادر بتغيير مدربه المصري محمد علوش "اضطرارياً" بعدما رافق إعداد الفريق منذ الموسم الماضي استجابة لطلب استقالته من المهمة مع أول مباراة وسرعان ما دخل ناديا النجف وزاخو السباق من خلال إقالة كل من هاتف شمران وعصام حمد، وبالطبع فإن كل تلك الأسماء لم تكن غريبة أو مجهولة الإمكانية، وبالتالي فإن الاختيار لابد أن يكون قد تمّ وفق رؤية تعبّر عن قدرة الأندية في انتقاء الملاكات التدريبية بما يخدم مسيرة فرقها وتطوّرها فإن حصل الاخفاق فإنه سيصيب إدارات الأندية أولاً ويثبت عن قصور واضح في حنكتها وعدم قدرتها على ايجاد العناصر التدريبية الكفوءة أو إن هناك أسباباً جوهرية أخرى لا يريد أحد الاعتراف بها وهي ما زالت بعيدة عن عقول لا تتجرّأ على اصلاح الخلل وتبتعد عن مهزلة الاختباء وراء ستار مسرحية (المدرب الضحية)!
لم نجد في بيانات الأندية أية إشارة عن اسباب تغيير الملاكات التدريبية غير ذرائع الإخفاق برغم أن الدوري لا زال في مراحله الأولية كما إن الوقت الذي مُنح للمدربين لا يمكن أن يكون كافياً لتجسيد رؤيتهم أو تطبيق أفكارهم من قبل اللاعبين ولو أن الإقرار على سبب الاخفاق كان مقترناً بأداء كل الاطراف لكان الأجدر أن تستعرض تلك الأندية جوانب مسؤوليتها التي لازالت بذمتها منذ سنوات من توفير الملاعب الصالحة ونوعية اللاعبين الذين تم اختيارهم وتسخير كل الامكانيات الإدارية والمالية والإيفاء بالتزاماتها بلا تلكوء ومنح الحرية في العمل للملاك التدريبي من دون تدخّل وفق اتفاق قانوني مُلزم عند ذلك يمكن أن نقف على الجهة الحقيقية التي لابد أن يتم الإطاحة بها انتصاراً لمصلحة وسمعة النادي!
الدوري العام يُنذر بالكثير من المفاجآت ليس على صعيد النتائج، بل على مستوى الأداء الإداري والمزاجي للاندية المشاركة بعد أن اصبحت الإقالة هي المخرج الوحيد الذي تلجأ اليه بعض الإدارات للهروب من مسؤولية الفشل في الإعداد والتخطيط وهناك الكثير من بوادر ستظهر في قادم الأيام ستزيد من غلّة الضحايا من المدربين وتنعكس على أداء اللاعبين بعد أن يقعوا في مأزق تعدّد الأفكار واختلاف النهج التكتيكي للملاكات التدريبية المتعاقبة عليهم.
باختصار .. لا يمكن أن نقفز على الحقائق الدامغة في تراجع الكرة العراقية من دون أن نوجّه سِهام التشخيص والتحليل والبحث الدقيق عن الاسباب والدوافع لتصيب حواضن الإخفاق التي تتحكّم في رسم الخط البياني لإنتاج المواهب وترسيخ سياسة الأداء المتطوّر للفرق المشاركة في الدوري العام الذي يمثل الشريان الرئيس في رفد المنتخبات الوطنية بكل فئاتها.
فوضى الإطاحة بالمدربين
[post-views]
نشر في: 14 أكتوبر, 2016: 09:01 م