اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ليس الحسين صورة حمراء على ثوبك

ليس الحسين صورة حمراء على ثوبك

نشر في: 15 أكتوبر, 2016: 09:01 م

غالباً ما ينصحنا أصدقاؤنا بتجنب الخوض في (المحظور) دينياً، او ما يسميّه البعض بالخطوط الحمر، وتركه لأنه يثير حفظية الدهماء، مع يقيننا بأن ما نعاني منه، وما اوصلنا الى المآل الخطير في العيش، وما نعاني منه، كبلاد تفتقد أبسط مقومات الحياة لا يقع خارج المحظور هذا.
لم تعد صفحاتنا على الفيسبوك حيزاً للتنزه ولقتل الوقت، ابداً. هي حياتنا مجتمعة في صورة، أو لنقل هي ما يدور حولنا من فواجع وآلام ومسرات ايضاً، وما نتحسسه عن قرب. لذا، لا ينبغي قراءة الصورة المنشورة، والتي يتداولها المئات والآلاف من العراقيين خلال الساعة والساعتين  قراءة عابرة.
بالأمس، انتشرت صورة لطفلة بعمر ثلاثة أشهر، وقد شجَّ أحدهم رأسها، وظهرت وهي تغرق بدمائها، ثوب الطفولة الابيض كان أحمر بقسوة. الصورة كانت صادمة، وواضح انها استهْجنت من غالبية المعلقين، شيء جميل، أن نجد أن الذين رفضوا المشهد كانوا الاكثرية، هنالك ترجيح واضح للعقل، وهناك رفض صريح للخرافة وأعمال العنف، التي تمارس على أنها شعائر، وما هي من الشعائر بشيء، هناك مرجعية دينية ترفض ولدينا واقع اجتماعي يرفض أيضاً، وهناك فرصة للتصحيح. ما علينا سوى إيجاد  التأطير القانوني لذلك.
في بلادنا التي لم تمارس السياسة فيها بالشكل الصحيح، هناك من ما زال يعتقد بأن السياسة تعمل وتتقرر بحسب رغبات الجماهير، في تسفيه بيّن للعقل، وفي إغفال واضح لإعمال الفكر في التوجيه، ولأن السياسة لدينا لم تدخل مختبر الحكم بناء على تدرج وظيفي، ولم يخض سياسيونا معتركها بوصفها حلبة صراع فكري وممارسة ميدانية، فقد ظلت عملاً من اعمال الحظ، وانتجت لنا زعامات ورئاسة كتل ووزراء وبرلمانيين ما أطلق عليهم مجتمعين بسياسيي الصدفة، أولئك الذين جعلوا من السياسة في العراق واحدة من أكبر مهازل التاريخ الانساني، في ظل غياب واضح للمنهج وفي فوضى أغرقت البلاد في مستنقع الجهل والظلام.
أن تتحول الممارسة الدينية إلى تحقير واضح للعقل فتلك هي المهزلة بعينها، أن تترك الناس تفعل ما بدا لها، من قبيح ووضيع الافعال باسم الدين، باسم الشعائر ، باسم الحسين ، لهو الخراب لا شبيهه، أن تصمت الحكومة عن ذلك كله، وهي تعلم بفداحته على الدين والطائفة، لهو الفساد لا نقيضه، أن تتراجع القيم والمثل العليا التي نادى بها المصلحون والقادة الانسانيون وأمام الكاميرات وتنقله الشاشات للعالم على أنه من أفعال التدين والولاءات لهو السخف لا غيره. ما يتذمر منه عقلاء الطائفة وما يستقبحه الوجدان المحب ويرفضه العقل ويأباه الضمير ويحزُّ في الروح حري بأن يُلفت نظر الحكومة الى تشريع قانون يؤطر ممارسة الشعائر بما يجعل من العاشوراء محط قبول ورضا، لا موضع نفور ورفض.
لو سألتَ أيَّ مطبّر عن سبب اختياره للون الابيض في التطبير لقال لك بأن الدم سيكون واضحاً عليه، أريد أن أري العالم ولائي للحسين، هو اعتقاد خاطئ بكل تاكيد، الحسين لا ينظر للصورة الحمراء في ثوبك، هو مع اللون الابيض الذي عليه روحك ونفسك يا اخي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. علي العراقي

    تحياتي استاذ طالب اصبت وقلت الذي في نفوسنا وضمائرنا وعقولنا ...ولكن لاحياة ولاحياء لمن تنادي ...!!

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram