أهي مأثرة جديدة للسيد سليم الجبوري، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين في العراق الذي أصبح على نحو غير متوقّع رئيساً لمجلس النواب في صفقة فاسدة لتمرير "الولاية الثالثة" التي لم تحصل، إذ تواطأ مع آخرين على إقحام مباغت لفقرة حول منع الخمور في قانون واردات البلديات مستعجلاً التصويت عليها ورافضاً أيّة مداخلات أو اعتراضات بشأنها؟
ربما كان الدافع أنّ هذه الخطوة المنتهِكة لأحكام للدستور ستعزِّز رصيد هذا القيادي الإخواني الذي تُشكِّل سيرته الذاتية والسياسية " لغزاً " من الألغاز الكثيرة في العراق الجديد المتخم بأصحاب السوابق والفساد المُركَّب. وقد تابع العراقيون بعض جوانب هذه السيرة، منذ الصفقة التي عقدها مع السيد نوري المالكي وخيّرته بين فتح ملفّاته وتحمُّل ما يترتب عليها من مساءلة قضائية يصعُب الإفلات من عواقبها، أو دعم مشروع الولاية الثالثة وتربّع رئاسة البرلمان! وليس أقلّ من ذلك " تواطؤاً " مسرحية الفصل الواحد القصير جداً ، التي شهدت رفع الحصانة عنه ومثوله أمام القضاء وعودته "بريئاً " ليمارس مهامّ منصبه رئيساً للبرلمان في سابقة لم تحصل في أيّ دولة أو عهدٍ أو قضية ولو تمثلت في أتفه دعوى "مدنية " وليس جنائية جاء ذكرها في كتب القانون والقضاء .
والجبوري الذي فوجئ الرأي العام لأول مرة بأنه يَشغَل مركز نائب المرشد (الأمين) العام للحزب الإسلامي الإخواني، لم يعد يبالي أو يتوخّى الحذر وهو يكشف برنامجه وتوجّهاته الإخوانية لهدم أيّ أساسٍ أو مبنىً ، مهما كان واهياً، لإعادة بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي صارت شعار كلّ عراقية وعراقي وطني شريف ودعمٍ علني من المرجعية الدينية في النجف، بل وإجهاض محاولات الإصلاح والالتفاف عليها .
وإذ يسجّل الجبوري وحلفاؤه "مأثرتهم" الجديدة، يتناسى هو أنّ الحزب الإخواني " الأُم " في مصر بعد اغتصابه السلطة لم يُجرّد المصريين من حقوقهم المدنية حتى في المفردة المتعلقة بالمشروبات الكحولية، ومع ذلك ثارت ملايين المصريين عليه وأزاحته عن السلطة لتُطوى صفحة التآمر الدولي الذي كان يهدف إلى دفع العالم العربي والإسلامي إلى غياهب ظلمات الجهالة والانحطاط .
ومهما حاول المصوّتون على القانون القندهاري إظهار المسألة كممارسة دستورية اعتيادية، فإن طابعها الإيحائي الفكري والسياسي لجمهور الدواعش وورثتهم، لا يمكن أن يغيب عن العراقيين، خصوصاً وهو يتزامن مع هبّتهم الوطنية لتجريف الإرهاب التكفيري وتحرير الموصل من شرور داعش، وهي لحظة تاريخية فارقة يريد الجبوري وحلفاؤه من شاكلة محمود الحسن إشعار أيتام داعش الذين يتباكون على سقوط "دولتهم الخرافية" بأنّ فكر وممارسات البغدادي إذ تتوارى في الموصل، فإنها ستسود العراق كلَّه بقوّة القانون!
إنّ البرلمان العتيد، الذي أصبح أسير جوقتين من نفس الفصيل والطينة - الإصلاحيين الذين يتناوب على قيادتهم مشعان وعالية نصيف وحنان الفتلاوي وصلاح عبد الرزاق ومحمود الحسن من جهة ، ونائب المرشد العراقي من جهة أُخرى - يتأنّى ويتروّى كثيراً في إقرار قانون الجنسية المزدوجة، ريثما ينجح سليم الجبوري وأركان كتلة المالكي في البرلمان بالالتفاف عليه، واستثناء أعضاء البرلمان والوزراء من أحكامه المُلزمة، فيما يعاجل لتشريع قانون منع الخمور!
صار لزاماً الآن على كلّ القوى الحيّة في المجتمع، بغضّ النظر عن المواقع والمسؤوليّات والانتماءات، التحرّك بكلّ الوسائل الديمقراطية لفضح ما يُراد تكريسه على الضدّ من تطلّعات الشعب ونضالاته الهادفة لتحقيق الإصلاح السياسي والإداري والمالي وإحداث تغيير حقيقي في حياة الناس، وربما يتطلّب هذا في ما يتطلّب إزاحة نائب المرشد من رئاسة البرلمان وفضح دوافعه ومَن يسانده من خلف الستار .
القانون " المُغفَّل" الذي مرّره نائب المرشد وحلفاؤه ليس سوى خطوة أُخرى للإجهاز على الحريّات المدنية والحقوق الفردية والالتفاف على الدستور، من أضعف نقطة تتعلّق بحقّ مكوّنات عراقية مُتجاوز عليها. ولن نستبعد أن يأتي القانون لصالح توسيع ظاهرة تعاطي المخدرات بأنواعها التي تُشكِّل آفة تُعرِّض مستقبل وحياة الشباب إلى مخاطر مدمّرة تفوق ما تشكّله المشروبات الكحولية من أضرار جانبية لا ترقى بأقصى حالاتها إلى مستوى المخدّرات.
ليسقطْ حكمُ المرشد.. العراقي
[post-views]
نشر في: 23 أكتوبر, 2016: 05:58 م
جميع التعليقات 4
علي عبد علي
اهنأ المدى على هذا المقال، لقد آن الاوان لكي تبدأ مؤسسة المدى بقيادة الاغلبية الصامتة من هذا الشعب المغيب من قبل اوباش الاحزاب الدينية و سرقاتهم العملاقة لثروات البلد. انها الفرصة الاخيرة لاعادة الحياة لما تبقى من شرفاء في هذا البلد المخنوق من قبل الاسلام
ahmad al hamad
بعد التحيه اتمنى ان لايتم التركيز على (الاقليات ) حيث ان الواقع يشير الى ان الكثير من العراقيين يشربون الخمور وهي جزء من حريتهم الشخصيه وبالذات في الوسط والجنوب..الكمارك تبين كمية الاستهلاك. يجب ان يتم التركيز على ان هذه الفقره هي خارجه عن سياق القانون
محمد علي محيي الدين
الهدفمن وراء القانون الاجهاض على الحريات وتقوية الاقتصاد الايراني واقتصاد حزب الله فايران كما يعلم الجميع تنتشر فيها المخدرات بكثرة وغالبية الايرانيين بما فيهم المرشد العام يتعاطون الترياك علنا وتخدير الشعب يؤدي لاستحماره فيما تشير الاحصائيات الى ان حزب ا
سالم حسون
ذكر النائب صليوة في حديث له أن هذه الفقرة لم تكن موجودة في القراءة الاولى وأنها أقحمت بصورة مباغتة في القراءة الثانية لقانون البلديات في غفلة من بقية النواب ، كما أن عدد المصوتين على القانون لم يتجاوز الخمسين نائباً.