TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تغيير القدر

تغيير القدر

نشر في: 24 أكتوبر, 2016: 09:01 م

قد يضيع أحدنا حياته في اقتراحات لتغييرها ، ففي اثناء الليل وخلال فترات الأرق يحدِّث نفسه قائلا :غدا سأحطم كل شيء او أغير ...وعندما يستيقظ من نومه في الصباح ، يجد نفسه مايزال متمسكا بما عاهد نفسه عليه ولكن ما ان يفرغ من تناول الافطار حتى يجد نفسه مثقلا بهموم ومتاعب وخطط يومه فيرجىء التغيير الى اليوم التالي ويستمر الامر لسنوات و سنوات من دون ان يتغير شيء سوى لون الشعر وطبيعة البشرة واستقامة الجسم وفجأة ، يكتشف المرء ان المرآة تضع امامه وجها مليئا بالتجاعيد وشعرا اشيب وظهرا مقوسا وبرغم ذلك يظل يرقد في فراشه ويحلم قبل ان تتلقفه اذرع النوم بتغيير خارطة حياته وخط سيره ..
يحدث هذا مع أغلبنا فنلقي بلائمتنا واحمالنا على القدر ..ولأجل هذا السبب نفسه نحن عاجزون تماما عن تغيير اقدارنا ..هناك اصلا من يعجز حتى عن الحلم بالتغيير او ان يصحو ذات يوم  ليتمطى في سريره ويتثاءب ويفوز بساعات نوم اخرى...انه الكادح الفقير الذي يتذكر حالا ان اسرته تنتظر اجرته اليومية لتأمين يومها وان عليه ان يؤجل مراجعة طبيب او شراء سلعة كمالية لبيته او اسرته حتى يجمع قيمتها من اجرته طوال الاسبوع ، لذا ينفض عنه غطاءه البالي ويستعد لبدء منهاجه اليومي .. وتمر الايام وتظل اجرته اليومية اسيرة متطلبات يومه ، وتمر السنوات ولا يجد فرصة لتغيير خارطة حياته ..
مؤخراً ، تجاوز عدد الاحزاب السياسية التي تم تسجيلها في دائرة شؤون الاحزاب والتنظيمات السياسية المئة حزب ، وقد يكون ذلك ، اذا تمت الانتخابات بشفافية ، فرصة للتغيير الذي ننشدُه ..وقتها ، سنصحو من نومنا على أمل جديد بتغير خارطة يومنا ، وان تصبح الاحلام حقيقة بازاحة من وقف ، بأسم الديمقراطية ، في طريق استقرار العراق وتقدمه وظهور وجوه اكثر قبولا وأيدٍ اكثر نظافة ، لكن المطلوب في هذه الحالة من الشعب ان يثبت قدرته على تقرير مصيره او على الاقل مقاومة صعوبة الظرف الذي يعيشه ، لكن حقيقة ما يحدث هو ان اغلب العراقيين يحلمون بحيازة حصة اكبر من الاصوات لشريحة ما وليس لعراقي مخلص ،وحين تتحول العملية من اختيار اصوات مخلصة وذات شعور وطني الى اختيار اصوات تؤكدها مفاهيم تخدش مستقبل العراق كالطائفية والعرقية وغير ذلك ، فلن تنجح الانتخابات!
لكن محاولة المرء المشاركة في فعل جماهيري متجاوزاً كل مثالبه افضل من عدم المحاولة واليأس الكامل ، وما دمنا على قيد الحياة ،يجب ان نحاول ، فقد لا تبقى الاشياء على ما هي عليه وتصبح الاحلام المستحيلة ممكنة التحقيق! ليس امامنا خيار إذن اذا كنا ننوي احداث تغيير في خط حياتنا اكثر من مجرد الاستسلام للنوم والاحلام ، او الرضوخ لسلطة عمل كادح لا تكفي اجرته اليومية للعيش باكتفاء ، فالتغيير الحقيقي سيحدث حين نتجرد عن دعم الاشخاص او الاحزاب ، مهما تعددت وتنوعت مناشئها ، ما لم يكن ماضيها ومسيرتها تعد بشيء افضل ، والا نلقي بلائمتنا واحمالنا على القدر ، عسى ان ننجح في تغيير قدرنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram