2-4
في عمود الأسبوع الماضي تحدثت عن الموظف اليوناني المدني الذي يشرف على معسكر كارا تيبه، وكيف أن هذا المشرف على المعسكر أخبرنا وهو يجيب على سؤالي، لماذا غير مسموح لي الحديث مع اللاجئين، بأنه يفعل ذلك في الحقيقة حرصاً على مزاج المهاجرين، انهم صيام، في شهر رمضان ويجب تركهم مرتاحين، اللاجئون السوريون والعراقيون الذين التقيت بهم عند بوابة المعسكر، أخبروني غير ذلك، قالوا وهم يسخرون من الموظف، عن أي صيام يتحدث هذا الرجل؟ عدد الصائمين في المعسكر قليل، من يصوم تحت هذه الظروف غير الإنسانية؟ أنها إدارة المعسكر التي تحجب علينا الأكل بحجة أننا صيام، قالوا لي، أنهم لا يريدونكم أن تعرفوا الحقيقة؟
وما هي الحقيقة؟
قائمة الشكاوى التي يقدمها اللاجئون طويلة: ففضلاً عن أنهم ظلوا عالقين هنا، لا هم مقيمون في اليونان ولا هم مطرودون إلى البلدان التي جاءوا منها، انهم يعيشون تحت شروط أقل ما يقال عنها انها شروط إنسانية. في لسبوس مثلاً هناك معسكران. كارا تيبه ومويرا. الأول صغير، للحالات الخاصة، والثاني كبير للحالات العامة. أغلب الذين يقيمون في المعسكر الأول هم سوريون وعراقيون، وهم: إما عائلات بعدد كبير من الأطفال، أغلبهم ينتظر لم شمله مع أفراد عائلة أخرى وصلوا قبلهم إلى أوروبا، أو مرضى أو لاجئون تحت سن الرشد، قاصرون، القسم الأكبر منهم أجروا معهم مقابلة وينتظرون تسفيرهم، إلى أين؟ لا يعرفون. ولكي يتابعوا أوراقهم الرسمية، أو المثول لإجراء مقابلات جديدة، عليهم الذهاب إلى المعسكر الكبير، يعني دفع أجرة التاكسي من جيوبهم، لكن مهما كانت شكوى سكان المعسكر الصغير، شروط عيشهم البائسة أو سوء وجبات الأكل التي يحصلون عليها، كل يوم معكرونية، إلا أنهم مقارنة بزملائهم المقيمين في المعسكر الكبير، يعيشون شروطاً أفضل، أنهم على الأقل يخرجون ويدخلون المعسكر بحرية. على عكس ما يحدث في معسكر مويرا.
مويرا، المعسكر الذي أطلقوا عليه غوانتانامو، هو معسكر كبير، يقدر عدد ساكنيه بين ثلاثة إلى أربعة آلاف لاجئ، يؤوي أغلب أولئك الذين ألقى عليهم القبض خفر السواحل، بالمعنى الرسمي، انهم ينتظرون ترحيلهم إلى تركيا. لكن أغلب الذين يجلسون فيه، يقولون، أنهم عالقون هنا منذ أربعة شهور، وسعيد الحظ من يُسمح له بالخروج والدخول للمعسكر بحرية، على الأقل في الشهرين الأولين، وقبل أن يتم تزويده بورقة تصريح تسمح لهم بالتجول في الجزيرة فقط، يخضع اللاجئ للإقامة الجبرية، مباشرة بعد أخذ بصمات أصابعه، غير مسموح له بمغادرة المعسكر، حتى في حالة مرضه، المعسكر الذي يحميه جدار عال مزود بأسلاك شائكة وكهربائية، يضم سكاناً من مختلف الجنسيات: سوريون، عراقيون، إيرانيون، باكستانيون، أفغان، مصريون، جزائريون ومغاربة، أرتيريون وأفارقة بلدان أخرى، ينتظرون مقابلاتهم، وفي حالة رفض لجوئهم، يوضعون في التوقيف، لمدة ستين يوماً، في هذه المدة من حقهم مرة واحدة الاستئناف، ومن يوافق على استئنافه يُسمح له بمغادرة السجن، له الحق بالتجول في الجزيرة إلى حين ترحيله، وهم هؤلاء الذين ينتظرون ترحيلهم الذين يشكو منهم سكان الجزيرة، شباب أغلبهم قادم من شمال أفريقيا، الجزائر والمغرب، يائسون من وضعهم، يعرفون أنه سيُرحلون، ينظمون، حسب إدعاء الناس، هجمات منظمة على المحال، يكسرون أبوابها او يحطمون زجاجها لسرقتها، شخصياً لم أر حادثة بعيني، لكن أستطيع تخيل ذلك، فمن سيُرحل، من هو ديسبيرادو، يحاول استرداد ولو جزء من المبلغ الذي دفعه للمهربين، من غير المهم كيف، من غير المهم أن الأبرياء هم من يدفع الثمن.
يتبع
في زيارة آخر حصون أوروبا
[post-views]
نشر في: 25 أكتوبر, 2016: 09:01 م