على ما اذكر في المربد الخامس ونحن نهم بالدخول الى صالة الفندق، واذا بفصيل من الانضباط العسكري يقوم بتفتيش حقائب المدعوين للمهرجان الشعري الاكبر في العراق، والذي استقبل في ذاك العام مدعوين من المنفى، كانت الحقائب تمر على اكثر من عنصر امني حيث يعبثون ب
على ما اذكر في المربد الخامس ونحن نهم بالدخول الى صالة الفندق، واذا بفصيل من الانضباط العسكري يقوم بتفتيش حقائب المدعوين للمهرجان الشعري الاكبر في العراق، والذي استقبل في ذاك العام مدعوين من المنفى، كانت الحقائب تمر على اكثر من عنصر امني حيث يعبثون بأمتعة الأدباء. وبالرغم من كم الاعتراضات والامتعاضات من المدعوين على طريقة الاستقبال الهمجية ،مثلما وصفها احد الشعراء، الا ان الضابط المسؤول قال :هي اوامر من السلطات. انتهت حملة التفتيش على الخمور (الثقافية) مع مصادرة حرية البعض من الادباء ورفض آخرين المشاركة بالمهرجان اذ قرروا العودة الى مدنهم، لحظتها اتفق الادباء انهم لايستهدفون الخمرة بل يستهدفون الحياة والجمال والشعر والثقافة وفعلا اقنعوا الزملاء ممن قرر المقاطعة بالمشاركة الفاعلة بالمهرجان.
أركيلة عشّارية
المشاركة بالمربد لاتكتمل الا بزيارة العشار وشط العرب وتمثال السياب والتسكع على الكورنيش. ذات جلسة كنت بصحة بعض الاصدقاء ممن يدخنون الاركيلة تلبية لدعوة احد الاصدقاء البصريين، حيث قصدنا احد المقاهي على كورنيش شط العرب، وبعد الجلوس والتحية جاء عامل المقهى لاخذ الطلبات ،كانت اربع اكواب شاي وثلاث اراكيل للزملاء، الذين استغربوا من طرح عامل المقهى على الطاولة المجاورة حين اجابه احد الشباب: (بدون)، توقعت ان الامر له علاقة بقضية البدون في الكويت لكن الذي تبين ان الاركيلة بدون (مخدرات) اذ بين صديقنا البصري انذاك ان اغلب المقاهي تقدم انواعا بدائية من المخدرات. بعد عودتنا الى الفندق كان مسؤول الانضباط العسكري يجلس في الصالة الرئيسية، حدثته عن المخدرات والاركيلة وخطرها، لم يرد بشيء سوى: حين تأتينا اوامر نتحرك عليهم، لكن احد مرافقيه (الملتحين) قال: بوية العرك محرم بالقرآن والمخدرات ما مذكورة بالتحريم.
4000 متعاطٍ جلّهم من الشباب
تفاخر الحكومة المحلية في البصرة بأنها شرعت أهم قانون منذ توليها مهامها بعد العام 2008 ألا وهو منع بيع وتداول المشروبات الكحولية في أسواق المدينة، معطية الاذن لفتح الباب واسعا أمام تجارة أخطر واكثر ضررا الا وهي تجارة المخدرات والحبوب المخدرة، ورغم اختلاف الأرقام والاحصائيات التي تعلنها الدوائر المختصة الا انها تشير الى علامات خطر اخذ يستفحل وينمو بشكل كبير تقابله امكانيات محدودة ان كانت بالحد منه او مكافحته ومعالجته ودرء اسباب انتشاره. مصدر في شرطة البصرة بين ان هناك قرابة 4000 مدمن مخدرات في البصرة بعضهم دخل مصحات معالجة واخر في الاعتقال. موضحا: ان تجارة المخدرات رائجة في البصرة بشكل كبير. مؤكدا: ان اغلب المتعاطين لها من الشباب والمراهقين ممن تنحصر اعمارهم بين (16 -25) عاما.
وما ادارك ما الكرستال
لسهولة الحصول عليها ورخص اسعارها وبسبب منع الخمور بقوانين من السلطات المحلية ادمن الكثير من الشباب على انواع عدة من المخدرات فمنهم على الحشيشة واخر على الحبوب المخدرة وثالث على الترياق ..الخ من انواع انتهت بالأخطر الذي يسمى (الكرستال) وهـو أخطـر مخـدر في العالم، فبالإضافـة لنتائجـه الصحية كباقي المخدرات، يمتـاز عنها ،حسب مختصون في المخدرات، يحصـل الإدمـان عليه من الجرعـة الأولى، بخلاف باقي المخدرات التي تحتاج لعدة جرعـات، ويُعتبـر إدمانـه بدرجـة عاليـة جداً أضعاف الهيروين والكوكائين. اضافة الى رخص ثمنـه، وإمكانيـة تصنيعه يدوياً دون الحاجة لشرائه من موزعي المخدرات، فكل ما يحتاجه الشخص هو ملح صخري، وحمض بطارية السيارة، و… و… وانترنت. ويمكنهُ فعل ذلك داخل منزله خلال ساعات، دون الحاجة لزراعة الماريوانا أو الخشخاش والانتظار شهوراً، وبدولارات قليلة يستطيع المدمن تأمين حاجته أياماً وهذا ما يحصل في البصرة هذه الايام، علما ان الجرعة الواحدة منه تدوم فتـرة تأثيـرها الطويلة من 12 ساعة إلى 3 أيـام تبعاً للجرعة.
العاطلون عن العمل والمخدرات
قائد شرطة البصرة اللواء عبد الكريم المياحي ذكر في مؤتمر صحافي: إن قوات الأمن ألقت القبض على أكثر من ألف شخص من متعاطي ومروجي المخدرات، معظمهم من شريحة الشباب من أعمار العشرين إلى خمسة وأربعين عاماً، والغالبية منهم عاطلون عن العمل وقسم قليل من النساء، بواقع عشرين امرأة.
واشار المياحي: الى العديد من الأسباب التي أدت إلى تفاقم تناول المخدرات والادمان عليها. منوها: الى تفشي البطالة وضعف مراقبة الحدود في البصرة قياساً بدول الجوار بالإضافة إلى سهولة وجود المواد المصنعة لبعض أنواع المخدرات كمادة الكريستال. لافتا: الى تسجيل أعلى نسبة في تعاطٍي المخدرات مقارنة مع الأعوام السابقة. مؤكدا: ضبط أكثر من 83 كيلوغراماً من الكريستال والحشيشة واعتقال نحو 780 متهماً.
سهولة تصنيع الكرستال
واوضح مدير شرطة البصرة: ان السيطرة على انتشار المخدرات والحد منها خاصة "مادة الكرستال" المخدرة صعب جدا بسبب سرعة تصنيعها، حيث تم القبض على عصابة تمكنت من انتاج "15 كيلو غرام" من مادة الكرستال خلال يومين في مختبر بسيط وبمواد متوفرة في الاسواق. مشددا: انفتاح الحدود ووقوع المحافظة على خط نقل المخدرات بين دول الجوار، جعلها مرتعا لانتشار المواد المخدرة في المحافظة وازدياد في نسبة المتعاطين لها من الشباب. مؤكدا على: "مادة الكرستال" التي تعتبر مادة كيميائية سهلة التصنيع من مواد محلية موجودة في الاسواق.
معامل تصنيع محلية
وليس ببعيد عن هذا الشأن كشف مصدر أمني في محافظة البصرة قبل ايام أن القوات الأمنية تمكنت من اعتقال عصابة للاتجار بالمخدرات. مبينا: أن قوة أمنية داهمت أحد المعامل المصنعة للمواد المخدرة في مدينة البصرة، واعتقلت اثنين من العراقيين واثنين آخرين من جنسيات أجنبية. موضحا: ان المواد المستخدمة في المعمل هي عبارة عن حبوب من مادة الكريستال المستخدمة في صناعة المخدرات.
ولفت المصدر إلى: أن القوات الأمنية تنفذ بشكل شبه يومي حملات مداهمة واعتقال على مخابئ التجار والمتعاطين. منوها: أن القسم الأكبر من المواد المخدرة تدخل إلى البصرة عن طريق دول الجوار، ولكن في الفترة الأخيرة بدأ تجار المخدرات بتصنيعها محليا وبادوات بسيطة وميسر الحصول الامر الذي زاد من صعوبة القضاء عليها.
الخمرة أسلم من المخدرات
باتفاق الباحثين والمختصين بالشان الاجتماعي العراقي ورغم ان البلد ظل ممرا لتجارة المخدرات بين دول الجوار لعقودا طويلة، لم يسمع عن العراقيين بأنهم متعاطو او مدمنو مخدرات باستثناء بعض الحالات التي كانت تحصل في السجون من خلال ادخال انواع ميعنة من الحبوب المخدرة. وظلوا مؤمنين بأن الخمرة أفضل واسلم من المخدرات، التي تحول المتعاطي الى شخص يائس مهزوم خائر القوى وضعيف البنية.
د. ايهم اليونس اختصاص معالجة وتاهيل نفسي بيّن ان اخطر انواع المخدرات في الوقت الحاضر ما يعرف بـ(الكرستال) وهو عقار مخدر امريكي الصنع والترويج. موضحا: انه بعد عدة جرعـات، يفقد المتعاطي القدرة على التركيز وتصاب خلايا الذاكرة الامر الذي يجعله عرضة لمرض الزهايمر، اضافة الى اضطراب ضغط الدم وتسارع ضربات القلب. متابعا: ثم تظهر تقرّحات تشبه حب الشباب على الجلد نتيجة الحك مع جفاف البشرة، وآلام شديدة في المعدة وتشنجات عامة وصداع مزمن، تؤدي مجتمعة الى شـيخوخة مبكرة جداً. لافتا: الى فقدان الشهية، والشحوب المصاحب بتعرق غزير، وجفاف الفم، وصرير الأسنان الدائم ثم فقــدانها بالكامل. ومع الجرعات المزمنة قد يصاب المدمن بجلطة قلبية أو دماغية تؤدي للموت.
العدوانية والاجرام
وبشأن طرق التعاطـي بين اليونس: ان الكرستال ويؤخذ عن طريق الاستنشاق على شكل بودرة بيضاء، او الحقن بالوريد، او التدخين باستنشاق الأبخرة الناتجة عن الاحتراق المباشر له، أو التحاميل الشرجية أو المهبلية. مبينا: انه في غضون دقائق يشعر المتعاطي بفورة نشاط وارتياح تصل الى 72 ساعة. موضحا: انه يعطي ولساعات طويلة إحساسا بطاقة جسدية كبيرة، فرط نشاط، شعور بالثقة بالنفس ثم يتحول تدريجيا الى العدوانيـة ورغبة جامحة بارتكـاب الأعمـال الإجراميـة، خاصّـة القتـل وبطرق غير طبيعيــة، التخريب وطاقة جنسية تدفع للاغتصـاب حتى ضمن الأسـرة .مؤكدا: عندما ينتهـي مفعـول الجرعـة، تنقلب الأعراض، فيُصاب بالخمول والصداع والاكتئـاب والرغبـة بالانتحـار، ويبحثُ المُتعاطي عن جرعة ثانية تزيل هذه الحالة.
اعتداءات جنسية
بشان الاعتداءات الجنسية التي يسببها الكرستال والذي يباع على انه منشط جنسي للكثير من الاشخاص ذكر احد ضباط مكتب مكافحة اجرام البصرة ان الكثير من المتعاطين والمدمنين على المخدرات وخاصة الكرستال سجلت عليهم دعاوى اغتصاب واعتداء جنسي على محرماتهم. مبينا: انه بسبب القوة التي يعطيها هذا المخدر للمتناول تدفعه للاعتداء على من بقربه لما يسببه من تهيؤات. لافتا الى: ان انتشار الكرستال مؤخر في البصرة وبكميات كبيرة نتيجة تصنيعها من قبل بعض التجار.
المؤهل النفسي سالم المطوري بين ان الكثير من المتعاطين الذي يدخلون مركز التاهيل يعانون من عقد جنسية. منوها: ان البعض منهم تم الاعتداء عليه خاصة من هم بعمر المراهقة. وبشان الادمان على الخمور، بين المطوري الى حد الان لم يشكل الادمان على الخمور اي خطر ان كان في البصرة او العراق. لافتا الى: سهولة معالجة اية حالة ادمان نتيجة المشرويات الكحولية التي تترك اثرها على الشخص فقط عكس الادمان على المخدرات.
المخدرات تسبب نزاعات عشائرية
الى ذلك، كشفت اللجنة العليا لحل النزاعات العشائرية في البصرة ان مانسبته 60% من النزاعات العشائرية في المحافظة تأتي بسبب انتشار تعاطي المخدرات بين اوساط المجتمع البصري .وقال رئيس اللجنة الشيخ يعرب المحمداوي: ان اللجنة وصلت الى قناعة بأن اغلب حالة القتل التي تحدث في المحافظة وتسبب نزاعات العشائرية يتسبب بها اشخاص يتعاطون المخدرات. مشيرة الى: ان تجارة المخدرات اخذت بالانتشار في المدارس والمعاهد والكليات حتى انتقلت الى القرى والارياف في المحافظة .
وحمل رئيس اللجنة العليا لحل النزاعات العشائرية الحكومة المحلية والمركزية والدوائر الصحية مسؤولية انتشار تعاطي المخدرات في المحافظة جراء تقصيرها بانشاء مراكز لعلاج متعاطي المخدرات وغياب حملات التثقيف والتوعية .مبينا: ان انتشار تعاطي المخدرات في المحافظة تقف وراءه مافيات كبيرة ويتم ادخالها عبر منافذ البصرة.
المحافظة تعترف: البطالة من اسباب تفشي المخدرات
تزخر محافظة البصرة بحقول النفط الغنية ومنها حقل الرميلة وحقول الشعيبة وحقل غرب القرنة وحقول مجنون، كما انها الميناء والممر البحري الوحيد للعراق وبسبب اتساع ظاهرة تعاطي المخدرات والتي اخذت تهدد السلم الاهلي في المحافظة تم عقد مؤتمر حول هذه الظاهرة حضره عدد من المسؤولين وقيادات أمنية وأطباء واكاديميون وتربويون وشخصيات اجتماعية اخرى اذ بين محافظ البصرة ماجد المنصوري: أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تفاقم هذه الظاهرة، منها تفشي البطالة وضعف الحدود العراقية في البصرة قياسيا بدول الجوار بالإضافة إلى سهولة وجود المواد المصنعة لبعض أنواع المخدرات كنوع الكريستال، حيث يمكن تصنيع هذا النوع محليا من خلال شراء بعض المواد لتحضير تلك المادة. مؤكدا اعتقال عدد من المتعاطين والمتاجرين من كافة الشرائح. منوها: ان معظمهم من شريحة الشباب ومن أعمار العشرين الى خمسة وأربعين عاما، والغالبية هم من الكسبة العاطلين عن العمل، وقسم قليل من النساء.
كرستال وحشيشة وترياك
وبحسب ما اعلنه قائد شرطة البصرة، اللواء عبدالكريم المياحي في المؤتمر الوطني السابع الذي نظمه سفراء النوايا الحسنة للصحة النفسية وحقوق الإنسان والسلام حول تعاطي وإدمان المخدرات الأسباب والحلول والعلاج الذي عقد 5 ايار 2016: انه تم ضبط (7,850) كيلو غرام من الحشيشة و4,200 كلغ من الكرستال و279,921 حبة من الحبوب المخدرة، ما بين 15 نيسان 2014 و15 نيسان 2015، كما تم إلقاء القبض على 448 شخصا متهما بين متاجر ومتعاطٍ خلال العام المنصرم، 187 منهم تم حكمهم والباقي قيد التحقيق. وأضاف المياحي أنه خلال فترة تسلمه الملف الأمني في البصرة وخلال الفترة من 17/10/2015 و 4/5/2016 تم ضبط 57 كيلوغرام حشيشة و2638 كلغ من الكرستال و6 كيلو ترياك و 99927 حبة مخدرة وتم إلقاء القبض على 409 شخص متهم تم الحكم على 163 منهم.
اتفاق تجار مخدرات وجماعات متشددة
البصرة التي تعد بوابة العراق ومنفذه البحري والتجاري الوحيد والتي كانت يوما ما تضاهي المدن الاوروبية ان كان بالتحضر او الحريات الشخصية وبشكل خاص دور السينما والملاهي والبارات والحانات تحولت اليوم الى مدنية صحراوية تنتشر فيها الجريمة والقتل والمخدرات والدعارة وكل الآفات الاخرى التي تفتك بالمجمتع، نسب تناول المخدارات المتصاعدة باتت تثير المخاوف والقلق اذ كان عند المسؤولين الذي يمنعون دخول الخمور او عند الاهالي الذي يخافون على ابنائهم. مؤشرات تعاطي المخدرات التي ارتفعت ما بين عامي 2007 وحتى 2011 انخفضت عام2012 بشكل ملحوظ والسبب اعادة افتتاح بعض محال ومخازن بيع الخمور والمشروبات الروحية التي تعرض الكثير منها الى استهدف بالعبوات الناسفة ان كان من قبل الجماعات الدينية المتشددة او تجار المخدرات المرتبطين بتلك الجماعات. لتعود نسب التعاطي والمتجارة بالارتفاع وبشكل قياسي الامر الذي يستدعي وقفة حقيقية.
