كان يجب ان يكون ادوارد سنودن في اهتمام اوليفر ستون ، وسنودن الملاحق في الولايات المتحدة واللاجئ في روسيا ، وهو المستشار السابق للاستخبارات الأميركية، والذي سرب وثائق عن المراقبة تخص هذه الوكالة..
ويعد أوليفر ستون أحد أهم الأسماء في صناعة الفيلم الآن بحصوله على ثلاث من جوائز الأوسكار، مرتان كأفضل مخرج ومرة كأفضل سيناريست، وعرف عنه خروجه على السائد وتمرده على سطوة الخطاب الهوليوودي منذ انطلاقته بدايات سبعينات القرن الماضي بسبب ليبراليته ووقوفه ضد مواقف الإدارة الرسمية خاصة بشقها الجمهوري، المتتبع لمسيرة ستون السينمائية عبر ما يقرب من أربعة عقود، يتلمس اشتغاله فيما يعرف بسينما القضية، من خلال معالجته طبقاً لوجهة نظره وموقفه السياسي من كثير من القضايا الكبرى في التاريخ السياسي الأمريكي المعاصر، النظرة المغايرة لخلفيات حرب فيتنام، كانت موضوعاً لفيلمين هما (بلاتون) و(ولد في الرابع من تموز) اللذين نال عنهما أوسكاري أفضل مخرج، وتداعيات اغتيال جون كيندي بقراءة تخالف التقرير الرسمي للحادث في فيلم (جي أف كي) واستقالة ريتشارد نيكسون على خلفية فضيحة ووتر غيت في فيلم (نيكسون) وليس انتهاءً بفيلم (مركز التجارة العالمي) الذي يتناول جانباً من أحداث اعتداء 11/ أيلول يتعلق ببطولات رجال الانقاذ بعد الحادثة، وحتى في تناوله سير الشخصيات السياسية المعاصرة- هو الموضوع المفضل لعدد من أفلامه- التي قدمها بغير الصورة النمطية التي درجت المؤسسة الرسمية الأمريكية على تقديمها، كما مع أفلامه الوثائقية عن ياسر عرفات وفيدل كاسترو، في فيلم "دبليو" تعاطى ستون مع شخصية بوش بأسلوب كوميدي يصل احياناً الى حد السخرية، واللقطات التي يستهل بها الفيلم وتكرر اكثر من مرة على مدار ساعتين -مدة عرض الفيلم- والتي تظهر عشق بوش للعبة البيسبول وبأوضاع مختلفة، تبدو كافية لرسم ملامح عامة لما تبدو عليه مسيرة الرجل، منذ طريقة حياته العابثة في شبابه، وانتهاء بأسلوبه كسياسي ورئيس لأكبر دولة في العالم.
ومثل عادته باخراج فيلم عن شخصية اشكالية، فإن ستون اشبع قضية سنودن بالكثير من البحث والتقصي رغم انه اهتم بها أولاً على الصعيد الشخصي، مثل الكثيرين من الأشخاص في العالم. ودفع به فضوله السياسي إلى لقاء الرجل ومحاولة إدراك الأسباب التي جعلته يختار فضح تصرفات أجهزة الاستخبارات وبالتالي فقدانه عمله وتعرضه لحكم القضاء .
يقول ستون :"أردت التحدث معه لإرضاء فضولي السياسي كمواطن وليس من أجل تصوير فيلم عنه. لقد تبلورت فكرة الفيلم بعدما التقيته تسع مرات وبقيت حائراً أسأل نفسي عما إذا كنت قد التقيت بطلاً معاصراً ضحى بكل شيء عزيز عليه لإيصال الحقيقة الأميركية إلى العالم كله، أم التقيت رجلاً متهوراً لم يكن على دراية بأبعاد تصرفاته؟ وهذا السؤال وحده في رأيي استحق كتابة سيناريو."
زار اوليفر ستون سنودن في منفاه في روسيا اكثر من 9 مرات قبل ان يقرر صنع فيلم لينضم للافلام الوثاقية عنه .. واكان افضلها فيلم المخرجة لورا بويتراس (المواطن الرابع) الذي نال الاوسكار كافضل فيلم وثائقي عام 2015.
ولأن ستون صنع افلاما تناولت الشخصيات الجدلية في عالمنا فإنه القاسم المشترك بينها "تجمعهم هو في الحقيقة بسيط جداً ولا يتعدى كونهم قد قاموا بتصرفات في فترة ما من حياتهم، كل واحد على طريقته، أدخلتهم التاريخ كل واحد على طريقته أيضاً. وأنا لا أضع نيكسون على مستوى الإسكندر مثلاً، لا من حيث الذكاء ولا القدرة على الإنجاز ولا الجاذبية التي تصنع شعبية الزعيم في فترة ما من حياته. أما إدوارد سنودن فلا شك في أنه سيدخل التاريخ أيضاً في شكل مختلف، لكن بالغ الأهمية."
ستون والـ (CIA)
[post-views]
نشر في: 26 أكتوبر, 2016: 04:28 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...