adnan.h@almadapaper.net
انتهت أمس عشرة أيام منذ أن انطلقت معركة تحرير الموصل، بيدَ أنّ قوات الجيش والشرطة العراقية لم تدخل بعد إلى المدينة، ولا يبدو أنها ستُنجز مهمّة تحرير المدينة في غضون الأيام العشرة المقبلة.
هذا التأخر، أو التأخير، له ما يبرّره، ففي الموصل الآن ما يزيد على مليون وربع المليون نسمة، ولابدّ للقوات العراقية وقوات التحالف الدولي المسانِدة أن تأخذ في اعتبارها حياة هؤلاء البشر ومصير ممتلكاتهم، فمن غير المعقول أن يُسعى إلى تحرير المدينة على حساب حياة أهلها.
تحرير الموصل سيكون نقطة حاسمة في الحرب ضد التنظيم الإرهابي، لكنّه لن يكون نهاية المطاف، فثمة مناطق واسعة في محافظة نينوى لم تزل تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، وهي امتداد لمناطق سيطرته ما وراء الحدود في سوريا. هناك أيضاً الجيوب الأخرى للتنظيم في محافظات صلاح الدين وديالى وكركوك والأنبار، فضلاً عن خلاياه النائمة التي لا يقتصر وجودها على هذه المحافظات وإنما حتى في العاصمة بغداد وغيرها. هذا كله يعني أن مهمّة تحرير البلاد بالكامل وتأمينها من الخطر الإرهابي ليس من المُقدّر لها أن تُنجَز قبل نهاية العام المقبل في أحسن الأحوال.
الآن مرّ أكثر من سنتين منذ أن شرعت القوّات العراقية بهجومها المضاد لردّ داعش وتحرير المناطق التي يحتلها بدءاً بمناطق حزام العاصمة. وإذا مضت الأمور بالوتيرة الحاليّة فإن حرب التحرير ستستغرق ما يزيد على ثلاث سنوات. المفارقة أنّ داعش لم يحتج إلّا إلى بضعة أيام ليجتاح كلّ هذه المناطق التي تشكّل ثلث مساحة البلاد، فيما قوات الحكومة العراقية، ومعها قوات البيشمركة والحشد الشعبي والحشد العشائري وقوات التحالف المساندة التي تلعب دوراً حيوياً في هذه الحرب، ستحتاج الى ثلاث سنوات أو أكثر للتحرير، برغم أنها جميعاً تبلو بلاءً حسناً في القتال.
تفسير هذه المفارقة يكمن في أنّ القوات المسلحة العراقية التي كانت قائمة يوم دخل داعش مدينة الموصل لم تفعل شيئاً للوقوف في وجه القوة الغازية التي وجدت كل الطرق سالكة للوصول إلى مشارف العاصمة بغداد.
لا توجد قوات مسلحة في العالم لا تدافع عن نفسها في الأقل ولا تُشاغل العدو لترتيب انسحاب آمن لها، والمثال العراقي ربما كان فريداً من نوعه. بالطبع السرّ وراء هذا يكمن في أنّ المؤسسة العسكرية والأمنية القائمة يومذاك كانت منهكة بالفساد الإداري والمالي الواصل حتى إلى قلبها. كما يكمن السرّ في أنّ تلك القوات لابدّ أن تلقّت من قياداتها الأوامر بعدم القتال، وقد شهدنا بأمّ العين عبر شاشات التلفزيون كيف كانت تلك القوات وقياداتها تُلقي بأسلحتها أرضاً وتترك معدّاتها وذخائرها للعدو ومعسكراتها، بل إنها لم تدافع عن متدربيها الأغرار في معسكر سبايكر وسواه، فتركتهم لمصيرهم الذي انتهى بمجازر رهيبة ارتكبها التنظيم الإرهابي.
رئيس الوزراء حيدر العبادي أعلن في حزيران الماضي عن أنّ "الكلفة الهائلة للحرب التي فُرِضت على العراق استنزفت نسبة كبيرة من موارده المالية". مصادر حكومية تؤكد أنّ هذه الكلفة بلغت حتى الآن 300 مليار دولار.
السؤال المُمضّ المركّب: برقبة مَنْ هذه الكلفة الأُسطورية في الخسائر البشرية والمادية؟ وبرقبة مَن العواقب الأخرى الكارثية، النفسية والاجتماعية؟.. مَنْ يتوجّب عليه أن يدفع التعويض عنها للشعب العراقي؟
جميع التعليقات 1
محمد سعيد
التساؤلات التي اثارها الكاتب ... برقبه من هذه الكلفة الأسطورية البشرية والمادية؟ برقبه من العواقب الأخرى الكارثية النفسية والاجتماعية ؟ من يتوجب ان يدفع التعويض عنها للشعب العراقي ؟ تساؤلات حقه قد اكون عاجزا عن الإجابة عنها لكن استخدام ا