موقف الحكومة العراقية الرسمي تجاه التواجد العسكري التركي في معسكر بعشيقة ، اقتصر على التنديد ، واللجوء الى مجلس الامن لاصدار قرار لصالح بغداد ، فيما دعت الجامعة العربية انقرة الى سحب قواتها واحترام سيادة العراق . اما الموقف السياسي المحلي كعادته في التعاطي مع القضايا المتعلقة بدول الجوار فخضع الى حسابات المصالح والولاء ، فهناك قوى سياسية اشترطت اتخاذ "مواقف ثورية" ضد تركيا حين يصدر تنديد بالتدخل الايراني في الشأن العراقي مع استعداد للتوسط وحسم المشكلة وديا خدمة لمصالح الطرفين لتفادي التصعيد والابتعاد عن التلويح باستخدام السلاح . مقابل هذا الموقف ارتفعت اصوات اصحاب التصريحات النارية من نوع خارق حارق ، محذرة الرئيس التركي من المساس بالسيادة الوطنية ، على الرغم من وجود وحدات من قوات جيش بلاده منذ سنوات في الاراضي العراقية.
معركة تحرير الموصل حققت تقدما عسكريا ملحوظا لاستعادة المدينة من سيطرة تنظيم داعش ، لكنها لم تحفز زعماء سياسيين لبلورة موقف وطني تجاه تركيا ، لقناعتهم بان الكرة الآن في حوزة الحكومة ووزارة الخارجية المنشغلة في البحث عن توفير مستلزمات الوضوء لوفودها المشاركة في مؤتمرات دولية، تقام في الدول الاوربية لمساعدة النازحين والحصول على دعم مالي لإعمار المدن المحررة من سيطرة تنظيم داعش .
أصدقاء تركيا من الساسة العراقيين فشلوا في تحقيق استجابة أنقرة لمطالب بغداد ، لكنهم اثبتوا ولاءهم المطلق لاردوغان ، تجاهلوا تصريحاته الاستفزاية حتى عدوها سحابة صيف لا تفسد للود قضية في منطقة تشهد حروبا ونزاعات مسلحة.
أصدقاء اردوغان يحملون في جيناتهم الوراثية حنينا للزمن العثماني لديهم استعداد كامل لإعادة الطرابيش الى رؤوس العراقيين، والتخلي نهائيا عن الجراويات والعمائم ، حتى قال احدهم لاصدقائه المقربين ، بانه لولا الحياء لارتدى الطربوش ليجعله رمزاً وطنيا جديرا بالتقدير والاحترام وحتى التقديس .
ملك العراق الراحل فيصل الاول يعود له الفضل الكبير في استخدام السيدارة وعرفت باسمه الفيصلية ، فكانت علامة فارقة للافندية ، من موظفين ورجال الدولة ، ساسة العراق وقتذاك واكبوا الموضة فتخلوا عن طرابيشهم لصالح السيدارة ، حتى دخلت في الاغاني( ياحلو يابو سيدارة متيمك سويله جارة) للتعبير عن رسوخها وشيوع استخدامها ، وتقبلها بوصفها جزءا من متطلبات تحقيق الاناقة، ثم الانضمام الى شريحة الافندية.
بعد مرورعشرات السنين على دخول السيدارة الى العراق ، هناك من يرغب في اعادة الطربوش المنقرض بتبني مواقف سياسية تنظر الى تركيا الجارة الصديقة ، بانها سوف تقضي على تنظيم داعش ، وتشارك في ضمان استقرار امن المنطقة .من يدعي انه اكثر من غيره في امتلاكه وصف رجل الدولة امامه شوط كبير لاقناع العراقيين على ارتداء الطرابيش ، المهمة صعبة جدا ، وتوجيه نداء" تطربشوا ياعباد الله" ليس كافيا وحده للتخلي عن الجراويات والعكل والعمائم بكل انواعها ، أما الافندية في حال الاستجابة للدعوة مجبرين مذعنين لقرارات حزبية ، فستواجههم مشكلة اختيار الطربوش الاحمر او الاخضر أو اللموني لدعم برنامج تنظيمهم السياسي، تطربشوا ياعباد الله فالنصر والقضاء على داعش سيكون على يد المتطربشين.
"تطربشوا" ياعباد الله
[post-views]
نشر في: 1 نوفمبر, 2016: 09:01 م