أخيراً اقتنع مجلس النواب بأنّ المخدّرات تشكّل خطراً عظيماً على الصحة الشخصيّة لمتعاطيها وعلى الحياة الاجتماعية في العراق الذي غدا غاية وممرّاً لتجارة المخدّرات، فشرّع أول من أمس قانوناً يقضي بتحريم تعاطي المخدّرات والاتّجار بها.
هذا القانون تأخّر المجلس في سنّه أمداً طويلاً، فهو مطروح منذ ست سنوات على المجلس الذي لم يقدّم أي مبرّر أو مسوّغ لتعطيل تشريع القانون كلّ هذه المدة، فيما تفشّى تعاطيها في المدن الكبرى وزحف منها إلى الكثير من البلدات والقرى، والاتجار بالجملة والمُفرَّق بها صار شبه علني تتعهده عصابات اخترق البعض منها الأجهزة الأمنية والإدارية، والكثير من العراقيين يعرفون الآن كيف تدخل المخدرات إلى البلاد عبر حدودها الشرقية بشكل خاص وكيف تتوزع في الداخل أو تمرّ "ترانزيت" إلى الجيران.
الجلسة التي مرّر فيها البرلمان القانون بُثّت وقائعها عبر عدد من محطّات التلفزيون، وهذا إجراء معتاد مع الجلسات البرلمانية جميعاً باستثناء السريّة منها، لكن شذّت عن هذه القاعدة جلسة السبت 22 الشهر الماضي التي شرّع فيها المجلس قانون واردات البلديات، وهو قانون دسّ فيه بعض الأعضاء المتزمّتين دينياً، بتواطؤ مع رئيس المجلس، فقرة في اللحظة الاخيرة تحرّم شرب الخمور والاتجار بها، في إجراء خالف قواعد النظام الداخلي للمجلس وانتهك أحكام الدستور الذي يُلزم الدولة بكفالة الحقوق والحريات الخاصة والعامة.
إدارة البرلمان تذرّعت بحجّة واهية مثيرة للسخرية لتبرير عدم بثّ جلسة قانون البلديات .. الحجّة تقول إنه "صيانةً لحرمة شهر محرّم" تقرّر عدم البث ،لأن الكلام في الجلسة قد تطرّق إلى الخمور!
بالطبع هذه ذريعة متهافتة ،لأنّ المجلس نفسه لم يجد حرجاً في مناقشة أمر الخمور وتحريمها في شهر محرّم. كما أنّ الفقرة المضافة خلسة الى قانون البلديات بشأن تحريم الخمور جرى نقاش عام بشأنها في طول البلاد وعرضها، وكانت محلّ احتجاجات واسعة النطاق في مختلف مناطق العراق منذ 22 الشهر الماضي حتى اليوم، فلماذا لم يأخذ المجلس في الاعتبار حرمة شهر محرّم عند دسّ فقرة تحريم الخمور؟ ولماذا أباح المجلس لنفسه الحقّ في انتهاك حرمة شهر صفر بتشريعه قانوناً يحرّم المخدرات؟ .. أليست المخدرات محرمة ودرجة تحريمها في مستوى درجة تحريم الخمور؟ وإذا كان تداول موضوع المخدرات المحرّمة كالخمور لا يرتقي الى مستوى انتهاك حرمة شهر حرام، هو صفر، فلِمَ رفَع المجلس الخمور إلى مستوى انتهاك حرمة شهر حرام هو شهر محرّم؟
الحقيقة أنّ وراء عدم بثّ جلسة تحريم الخمور هو أن النصاب فيها لم يكن مكتملاً، وأن تشريع قانون واردات البلديات كان فيه انتهاك سافر لقواعد النظام الداخلي لمجلس النواب، فضلاً عن مخالفته لأحكام الدستور.
إذا كان هذا الكلام غير صحيح فلتأمر رئاسة مجلس النواب ببثّ وقائع جلسة 22 الشهر الماضي لنشهد كيف جرت عملية التصويت على القانون السيّئ ذاك.
برلماننا.. جلسة حرام وجلسة حلال
[post-views]
نشر في: 2 نوفمبر, 2016: 06:30 م
جميع التعليقات 2
ييلماز جاويد
وكأنك يا عدنان تطالب سليماً بنزع ملابسه وكشف عورته .. بالله عليك : هل هذا طلب معقول ؟ هل يأمر سليم بنشر وقائع تلك الجلسة على العامة ؟ أتحدّاه أن يفعل .
كمال يلدو
شكرا لك .ضربة في محلها ....لكن الجهة المقابلة صماء