TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خطاب سليم للعبادي.. لا يكفي وحده !

خطاب سليم للعبادي.. لا يكفي وحده !

نشر في: 6 نوفمبر, 2016: 06:00 م

 

adnan.h@almadapaper.net

يُحسن صنعاً ويفعل خيراً رئيس الوزراء حيدر العبادي باستغلال أي مناسبة كلام لتوجيه رسائل اطمئنان إلى أهالي الموصل وسائر المدن والمناطق التي تتقدم نحوها القوات المسلحة العراقية لتحريرها من قبضة داعش، بمن فيهم عائلات عناصر التنظيم الإرهابي، بيد أن هذا وحده، على أهميته، لا يكفي خصوصاً بعدما تصمت المدافع.
غير بعيد عن الموصل، حيث تدور المعارك الشرسة، جال العبادي في الأيام الأخيرة في عدد من المناطق المحرّرة للتوّ، وخاطب سكان المدينة المنكوبة بالاحتلال وفظائع داعش بأنهم سيكونون في أمان وأن مهمة القوات العراقية المحاربة هي تحريرهم. وفي حديث متلفز بُثّ مساء الأربعاء الماضي أكد العبادي أن حكومته لا تأخذ البريء بجريرة المذنب، مطمئناً أفراد العائلات التي ينتمي إليها عناصر داعش بأنهم لا يُحاسبون عن الجرائم التي ارتكبها هؤلاء العناصر.   
هذا الخطاب المنزوعة منه روح الكراهية والانتقام مهم للغاية ..هو يجعل عناصر داعش مكشوفي الظهر ويوقفهم على أرض رخوة، فضلاً عن أنه يتوافق مع أحكام الدستور والشرائع الوطنية والدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
لكن، بعدما تتحرر الموصل وسائر المناطق المحتلة وتعود لتنعم بالسلام ويُردّ داعش الى من صدّروه إلينا، ثمة حاجة لكلام آخر يتعيّن على السيد العبادي وحكومته أن ينطقا به.. هو كلام الاعتذار باسم الدولة العراقية عمّا حلّ بأهل الموصل وسواهم وسائر العراقيين الذين كابدوا الويلات والنكبات في الثلاثين شهراً الماضية.
 ما كان لداعش أن يحتلّ الموصل وسواها وصولاً الى مشارف العاصمة بغداد، وما كان له أن يرتكب جرائمه الجماعية الوحشية ويتسبّب في كل هذا الدمار، وما كان سيجرّ الدولة العراقية الى حرب مكلفة للغاية وهي في أسوأ أوقاتها وحالاتها، لو لم تكن هذه الدولة وحكوماتها السابقة قد انتهجت سياسات خرقاء وفّرت البيئة الملائمة لاجتياح داعش، من المعاملة السيئة لسكان المناطق الغربية إلى نشر الفساد داخل المؤسسة العسكرية والأمنية ما جعلها تفرّ من ساحة المعركة حتى قبل نشوب القتال.
اعتذار الدولة العراقية وحكومة العبادي استحقاق متوجّب، فمن الواجبات الأساس للدولة والحكومة توفير الأمن والسلام والاستقرار وشروط الحياة الإنسانية الأخرى لمواطنيهما. وبالطبع فإن الاعتذار استحقاق متوجب أيضاً على كل القوى والأشخاص الذين قدّموا أنفسهم، ويقدمونها إلى اليوم، بوصفهم الممثلين عن سُنّة العراق وجميع سكان المناطق الغربية، واختاروا أن يضللوا "جمهورهم" بالخطاب الطائفي المشحون بروح الكراهية والانتقام.
أما الاستحقاق الآخر المتوجب بعد إنجاز عملية التحرير من داعش، وهو فتح ملف المسؤولية عن الاحتلال الداعشي، المُغلق بحجّة  "كلّ شيء من أجل المعركة" الآن أو "لا صوت يعلو على صوت المعركة"، فالكلام فيه يحين في وقت آخر.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. محمد سعيد

    الاعتذار , يحصل فقط عندما يتم فتح ملف المسؤولين عن الاحتلال الداعشي وحسبما اشار له الكاتب في مقاله المحكم , ,أي بكلمات اخري واضحه لابد من تقديم المسؤول الاول عن الجيش والحكومة آنذاك وهو حزب الدعوة الاسلامي الحاكم, ويمثله في المقام الاول ال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram