لم تأخذ أفلام السيرة في السينما العربية الحيز الذي تستحق ، أو الذي يوازي الحيز الذي اخذته السينما العالمية .فغالبا ماتصطدم افلام السيرة الذاتية بالجانب الاجتماعي او السياسي بخضوعها للرقابة مثلا.. فكثير من الشخصيات التي يمكن ان تكون مادة لفيلم او رواية لايكون هناك اجماع عليها، وحتى في حال تناولها فإن هذا التناول يكون ناقصاً ولانقول مشوهاً، كما حصل للكثير من الشخصيات التاريخية المشهورة ، والتي غالبا ماتقدم كشخصيات لاتعاني أي نقص في سيرتها، شخصيات خارقة للعادة تقترب من الاسطورة في مزاياها.
وباعتبار ان السينما المصرية هي السينما الأقدم والأعرق انتاجا عربيا، فإن هذا النوع من الأفلام يبدو كثيرا بالقياس الى مثيلاتها من باقي السينمات.
فظهرت أفلام سيرة ذاتية تناولت حياة شخصيات سياسية وفنية ، كما في فيلم عن حياة الرئيس عبد الناصر، وآخر عن حياة السادات، كما ظهرت حياة عبد الحليم حافظ في فيلم سينمائي، لم يحظ بالنجاح المطلوب؛ لكن السمة المشتركة انها تنحو نحو الكمال في تقديمها للشخصية التي تطرحها، وهذا ما يجعلها منافية للسيرة الحقيقية، ، ونقل جوانب اخرى لكونها لاتتلاءم مع نهج صانعيها ، فتكون الشخصية بعيدة عن حقيقتها، وبالتالي تفسد روح التشويق والمشاهدة .
ومن ابرز افلام السيرة التي قدمتها السينما المصرية هو فيلم "الناصر صلاح الدين": 1963 . إخراج: يوسف شاهين .. وعلى الرغم من ان الفيلم يتناول الحرب بين المسلمين والصليبيين فينتصر صلاح الدين على ملك القدس ويتم توقيع معاهدة سلام بينهما، إلا أن قائد الجيش الصليبي رينول يقوم بذبح جماعة من الحجاج الذاهبين إلى مكة، فيقرر صلاح الدين الانتقام منه، لكنه وجنوده يتحصنون في موقع ستراتيجي من الصعب مهاجمته، لهذا يرسل صلاح الدين مجموعة من الفدائيين لتدمير خزانات المياه، ما يجبر الصليبيين على الخروج من مخابئهم، فتدور معركة ينتصر فيها المسلمون. ولكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد، وستعقب هذه المعركة معارك أخرى ضارية.
الفيلم عن الحروب الصليبية ، الا انه يلقي الضوء على سيرة بطل هذه الحرب صلاح الدين الايوبي ، وهو من اهم افلام السيرة والافلام التاريخية التي قدمتها السينما العربية.
والفيلم الاخر هو فيلم (قاهر الظلام) للمخرج عاطف سالم عن السيرة الذاتية للأديب طه حسين.. تناول المخرج سيرة الفتى الفقير من صعيد مصر والمولود فى محافظة المنيا، حرمه الفقر والجهل نور البصر، انه طه حسين طفل صغير يفقد بصره نتيجة للجهل الذى تفشى في المجتمع، لكنه تعلم كيف يتجاوز محنة البصر المفقود، وكيف استعاض عن ذلك بالسمع، وكيف واصل قفزات النجاح في الكتاب وحتى دخول الأزهر وقدراته على اجتياز دراسة الأزهر وما صاحبها من مشكلات، حتى تم ترشيحه لدراسة الأدب في مدينة مونبليه الفرنسية ضمن بعثة حكومية، يسافر إلى هناك مع أخيه الذي يرعاه ومصاعب التغلب على الظروف المعاكسة. هناك، يتعرف على رفيقة عمره الفرنسية سوزان التي ربطت الصداقة بينهما والتي تساعده في القراءة. في دراسته لتحضير درجة الدكتوراه، تنمو بينهما قصة حب، ثم يتزوجها بعد أن يحصل على شهادته. وفي القاهرة، يعين طه حسين أستاذا في الجامعة ثم عميدا... لكن الفيلم اغفل جانبا في حياة هذا الرجل والمتعلق بانجازاته الادبية ومعاركه الفكرية ، ولم يمنح المرحلة التاريخية التي برز بها الاهتمام الذي تستحق.
فيلم "سلطانة الطرب" عن سيرة حياة الفنانة منيرة المهدية اخراج حسن الإمام عانى الأمر نفسه، فقد صاغ حسن الإمام قصة افتراضية عن حياتها ولم يتطرق الى بروزها كأهم مطربة في زمنها قبل مجيء ام كلثوم.