الشاعر الراحل عبد اللطيف الراشد ،كان يؤكد ان نتيجة 1+1=3 على الرغم من اعترافه بأنها تخالف المنطق والحقيقة ، إلا أنه كان يصرّ على صحتها، ودليل الإثبات لديه الكثير من الظواهر السائدة خارج إطار المعقول والمألوف، ولديه كامل الاستعداد لتشخيصها. أصدقاء الشاعر والمقربون منه، يبدون دعمهم لوجهة نظره الحسابية ، لاسيما أنه اعتمدها في نظم قصائده ليتحدى النقاد والمتابعين للمشهد الشعري وقتذاك، لتأكيد حضوره كشاعر تخطى مرحلة ما بعدالحداثة . قناعة الراحل الراشد بصحة النتيجة الحسابية استندت إلى حقيقة لطالما رددها تعبيراً عن تحمله أعباء معاناة مريرة من الفقر المدقع في بلد، يوصف بأنه يمتلك ثروة نفطية هائلة، تمنح الفرد الواحد من شعبه فرصة العيش برخاء، بحصوله على دخل شهري ثابت ،لكن من تولى مسؤولية السلطة على مدى أكثر من نصف قرن، قلب المعادلة رأساً على عقب بارتكاب الحماقات ، فضلا عن شكواه المستمرة من تعامل محرري الصفحات الثقافية في زمن مضى مع قصائده، فهي لا تجد طريقها إلى النشر، في حين تكون الصفحات مفتوحة و كريمة جدا مع آخرين.
الشاعر عبد اللطيف الراشد ادرجه الموت في ملفات النسيان ، او ربما انقذه من معاناة مريرة رافتقه طوال مشوار عمره القصير، أبّنه اتحاد الأدباء بتعليق لافتة سوداء على جدار مقره في ساحة الاندلس ، اما اصدقاء وزملاء الشاعر الراحل فاكتفوا باطلاق عبارات الاسف ثم توجهوا الى طاولاتهم ، سيستفز مشاعرهم كرسي شاغر في احدى زواية القاعة، لطالما شغله الراشد واتخذه قاعدة انطلاق الى عالم واسع ، اختزل بقبر انزوى هو الاخر في مكان مقفر بمقبرة وادي السلام. بتقاطع الرغبات الشخصية المشروعة مع الواقع المرير بكل ما يحمل من بشاعة واستهانة بالإنسان ، تتبدد الاحلام والتمنيات حتى يصبح التأبين بلافتة سوداء على جدار مبنى اتحاد الادباء الاستحقاق الوحيد لشاعرعزف على وتر الحياة اناشيد احزانه. البيئة العراقية منذ احتدام الصراع السياسي على السلطة ، تركت جروحا في نفوس آلاف الحالمين بمستقبل واعد فغادروا البلاد ليستقروا في المنافي، ومنهم من حصل على امتياز دفنه في مقبرة الغرباء.
الشاعر المعروف ابراهيم البهرزي المقيم في مدينة بعقوبة ، خرج من سجنه قبل ثلاثة اشهر ينتظر عودته الى عمله في دائرة صحة ديالى ، حصل على كتاب من الدائرة القانونية بوزارة الصحة والبيئة بتاريخ الثامن من ايلول الماضي يقضي باعادته الى وظيفته ، البهرزي في رسالة الى احد اصدقائه في بغداد قال ( لي خدمة ٣٤ سنة وانا دون راتب منذ عام لم يبق شيء من مدخرات البيت الا وبعته لا احب الشكوى ولكن هذا حقي) هل من استجابة لدى المسؤولين ، ان كانوا من رجال الدولة للاستماع الى صوت البهرزي . البيئة العراقية فيها متسع كبير للافتات التأبين ، وهذه المرة للأحياء ، اما الموتى فادرجوا في ملفات النسيان باستثناء من شملوا بالاهتمام الرسمي لتاريخهم الجهادي في الأحزاب المتنفذة . صوت البهرزي موجه الى" النبلاء" من المسؤولين لمساعدته في العودة الى وظيفته ، والشاعر لايريد اكثر من حقه ، اين حقي ؟؟؟
*التفت الي يا نهر ديالى
انا الولد الذي نادى
لم يسمعني غير الثعلب في هذا الليل
صديقي هذا الثعلب
كان يتبعك حتى الاستدارة ويعود
هذه طريقتنا في احترام العابرين.
*من قصيدة "الغريق الأبدي" للبهرزي
تأبين الأحياء
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2016: 09:01 م