adnan.h@almadapaper.net
ماالذي يعنيه أن ينظرمجلس النواب في مشروع قانون ويناقشه بدل المرّة مرّتين ويحدّد موعداً لإقراره من دون علم الحكومة في بلد يُلزم دستورها، بحسب حكم للمحكمة الاتحادية التي تمارس صلاحيات المحكمة الدستورية، بوجوب خروج مشاريع القوانين من السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء) وبالقبول المسبق لهذه السلطة بما يقترحه البرلمان من مشاريع قوانين؟
يوم انطلقت الحركة الاحتجاجية الشعبية الأكبر في تاريخ العراق (تموز من العام الماضي وتتواصل حتى اليوم) تقدّمت حكومة حيدر العبادي بحزمة إصلاحات قبل بها مجلس النواب في الحال بالإجماع، بل قدّم من جانبه حزمة مكمّلة، لكن لا حزمة الحكومة تحقّق شيء منها ولا حزمة البرلمان نزلت إلى الميدان، وعندما كنّا نسأل البرلمانيين عن مصير الحزمتين الإصلاحيتين كانوا يتحجّجون بأنّ مجلسهم لا يتمتع بصلاحية تشريع القوانين من دون اقتراحها من الحكومة، وبالتالي فان الحكومة هي المسؤولة عن عدم الوفاء بوعودها وتعهداتها لعدم تقدّمها بمشاريع القوانين التي يمكنها تحقيق الإصلاح.
ما من عراقي لا يعرف أنّ هذه مجرد كذبة كبيرة، فإظهار أعضاء مجلس النواب كلّهم من دون استثناء القبول بالحزمتين الإصلاحيتين كان هو نفسه كذبة كبيرة أملاها الخوف من العواقب المحتملة للحركة الاحتجاجية عليهم .. الغالبية الساحقة من أعضاء المجلس مناهضون للإصلاح لأنه يطيح نظام المحاصصة الذي جاء بهم إلى السلطة ويبقيهم الآن فيها، وإطاحة نظام المحاصصة تعني قطع دابر الفساد الإداري والمالي الذي غالبية أعضاء البرلمان من أقطابه أو من المتواطئين فيه مع الأقطاب.
الآن يتبيّن لها أن مجلس النواب يستطيع تجاوز الحكومة في إعداد مشاريع القوانين ومناقشتها وتشريعها. أحدث مثال هو مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي الذي انتهى المجلس من قراءته الثانية وحدّدت رئاسته يوم 26 الشهر الحالي موعداً للتصويت عليه وإقراره، برغم نفي الحكومة أيّ علم أو علاقة لها به. المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء، سعد الحديثي، صرّح أول من أمس بأن "ما طُرح في مجلس النواب بشأن تنظيم وضع الحشد الشعبي يشكّل مقترحاً من قبل أعضاء المجلس وليس مشروعاً لقانون خاص به"، مؤكداً أن "الموضوع لم يُطرح على مجلس الوزراء ولم يُناقش خلال جلساته"، ومذكّراً بأن "مشروع أيّ قانون ينبغي أن يُعرض على مجلس الوزراء لقراءته ومناقشته والمصادقة عليه قبل إرساله الى مجلس النواب". لكنّ نائب رئيس البرلمان همام حمودي، سبق وأعلن في بيان أنّ المجلس "قرّر التصويت على قانون الحشد الشعبي يوم السادس والعشرين من الشهر الحالي بمشاركة جميع الكتل النيابية للتصويت على القانون".
نعود إلى سؤال المُفتتح: ماذا يعني هذا؟ .. وأيضاً ما معنى أن يُمرِّر البرلمان الحسابات الختامية لأربعة أعوام سابقة دفعة واحدة من دون مناقشات برغم وجود معطيات عن مفقودات مالية فيها بما يزيد على 100 مليار دولار؟ ... وأيضاً ما معنى أن يناقش مجلس النواب مشروع موازنة العام المقبل ولا تُبثّ للشعب وقائع المناقشات؟
لا معنى لهذا كله، وغيره الكثير، سوى أننا في "ولاية بطيخ" بالتعبير العراقي، أو في "حارة كل من إيده إله" بالتعبير الشامي!
جميع التعليقات 4
خليلو...
نعم ( كدار بطيخ تحوي كل فاكهة ...وما اسمهاالدهر إلا دار بطيخ)....لكن كل فواكهها عصارتها السم الزعاف ...هذه حال العراق الذي سماها الناظرون الى أرضها بارض السواد أمسى اليوم أرض الفوالين وضاربي الودع وقارئي الخيرة
افراح شوقي
كل ماذكر في المقال يمثل استهانة بالدستور العراقي الذي يتحججون به ..وخرق كبير.. بالامس ضيع مجلس النواب كل حزم الاصلاحات وانشغل اعضائه بمكاسبهم وقوانين تصب في مصلحتهم اولا وكذلك التغافل الكبير عن ضياعات الاموال في موازنات الاربع سنوات الماضية والتكتم على
أبو أثير
قانون الحشد الشعبي أو بألأحرى الحشد الشيعي سيقر من البرلمان وغصبا على جميع النواب في المجلس ... والسبب لأن وراء القانون ميليشيات مسلحة تستفيد من القانون المذكور حيث سيكون غطاء قانوني لكل أعمالها وتجاوزاتها القانونية التي ترتكبها في البلاد منذ تأسيسها ولحد
علي الكرخي
الاصلاح ياتي من المصلحين وليس من اللصوص ...ليس للامنيات والاحلام مكان .. القادم اشد ظلاما ...