١—٢
حين تغدو حسوة ماء صالحة للشرب ، أندر وجوداً ، وأغلى ثمناً من برميل نفط . فذلك يعني كارثة حقيقية ستحل ، عاجلا غير آجل . ناهيك عن كونها سبّة بحق بلد يمتلك نهرين عظيمين، كما هي وصمة عار منقوشة على جباه ساسة البلد ، وولاة الأمر والنهي فيه . إذ يقفون موقف المتفرج من تداعيات المشهد المأساوي .
……….
لم تقم الحضارات القديمة الكبرى قرب آبار النفط .بل قامت على حفافي الأنهر ، — حضارات وادي النيل ، وادي الرافدين ، سهول السند والكنج . إلخ .
……..
ما جدوى الكتابة عن العطش في بلد النهرين والروافد العشرين . اذا كان في سمع المسؤولين وقر وفي أبصارهم عمى ؟؟
………
صاحب مخزن كبير ببغداد لبيع المواد المعيشية يؤكد إن جل مبيعاته ، ليس الخبز او الأطعمة او مساحيق الغسيل او لعب الأطفال ، انما (( قناني الماء )) البلاستيكية، بأحجامها المتباينة : صغيرة ومتوسطة وكبيرة وكبرى .
الفاجعة الحقيقية ان معظم تلك العبوات - أكاد اقول كلها — مستوردة من بلدان الجوار : ايران ، تركيا . الأردن والسعودية… نقل الماء بعبوات البلاستيك ، مئات ، ربما آلاف الأميال في ظروف مناخية متقلبة : اشعة شمس حارقة ، ظل مؤقت ، زمهرير وصقيع يجعل الماء المعلب بتفاعله مع البلاستك الرخيص الكلفة، اقرب للسم الزعاف منه للسلسبيل نسغ الحياة .
افجع ما في الصورة ، ان البعض ممن لا يملكون قدرة مادية لشراء الماء المعلب ،او المهجرين —وهم كثر — يتجهون للترع والروافد الفرعية الملوثة ، يملأون منها قدورهم وخوابيهم ، بعد الشحّ الفاضح والكدر في مياه الإسالة، واحتمال عدم صلاحيتها للشرب او حتى للاغتسال .
ليس العراق وحيدا في فقدانه انهارا وطنية خالصة .. (اي تلك التي تنبع من اراضيه وتصب فيها ) لكن قدره المحتوم ان يحظى بنهرين عظيمين منبعهما خارج حدوده ، والتي يطلق عليها الأنهار الدولية كما هو الحال باشتراك فرنسا والمانيا بنهر الراين ، وإيطاليا وفرنسا بنهر رينو ..
….. يتبع .
الماء، الماء يا أرباب النفط
[post-views]
نشر في: 4 ديسمبر, 2016: 09:01 م