هذه هي قصة كتاب مسروق ، تجمع ما بين الشعور بالفخر وأجواء القصص البوليسية. والكتاب هو نسخة نادرة للطبعة الأولى من رواية  "مئة عام من العزلة" للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز. وقد تمت سرقتها في عام 2015 اثناء  انعقاد معرض الكتاب  في بوغوتا ع

هذه هي قصة كتاب مسروق ، تجمع ما بين الشعور بالفخر وأجواء القصص البوليسية. والكتاب هو نسخة نادرة للطبعة الأولى من رواية  "مئة عام من العزلة" للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز. وقد تمت سرقتها في عام 2015 اثناء  انعقاد معرض الكتاب  في بوغوتا عاصمة  كولومبيا،. كثير من حوادث السرقة  في تلك المدينة تنتهي دون العثور على السارق بسبب نقص الإمكانيات لدى اجهزة الشرطة ، ولكن السلطات المحلية كرست كل جهودها  لإيجاد حل لهذه الجريمة.

يقول احد مقدمي البرامج في إحدى الإذاعات المحلية تعليقا على هذه القضية:
"لقد تركت تلك القضية شعوراً  متناقضاً عندي،  فمن ناحية  نحن نحب غارسيا ماركيز، و نحب رواياته، ونحتفي بها ، ومن ناحية أخرى، فإن الأمر يترك غصّة في القلب ، حسناً، إذا استطاعوا حل لغز هذه الجريمة في ستة أيام، لماذا لا يحلون لغز الجرائم الأخرى؟"
والقصة كما ترويها كاميلا سيغورا، وهي من كبار محرري مجلة كولومبية تعيش في بوغوتا، تقول ان الحادثة وقعت  اثناء الاحتفال بإحياء ذكرى الكاتب غابرييل غارسيا ماركيز بعد عام على وفاته. ، وكما هي العادة الجارية في كل عام ، خلال اقامة معرض الكتاب في بوغوتا، فقد عرضت فيه مجموعة من الطبعات الأولى لروايات ماركيز .
وفي احد ايام المعرض اكتشف أحد المشرفين عن مراقبة هذه المجموعة من الكتب، ان احد الكتب غير موجود في مكانه. وكان ذلك الكتاب هو نسخة نادرة من الطبعة الاولى لرواية "مئة عام من العزلة".
اصبحت سرقة الكتاب قضية وطنية، وشعر الناس بالغضب، فقد اعتبروا عملية السرقة اعتداءً على كرامتهم الوطنية. ويعود جزء من رد الفعل ذلك لما يمثله ماركيز بالنسبة لهم، فهم يعتبرونه رمزا لثقافتهم الوطنية، ليس لأنه نال جائزة نوبل للأدب، بل لأنه  قام بتحويل  حكايات الفلكلور الشعبي  للكولومبيين  إلى ابداع روائي  عظيم. لذلك هو نفسه يعني الكثير. والواقع أن اختفاء هذا الكتاب من شأنه ان يعني أن هناك  شخصاّ ما لا يحترم الكاتب ذا المكانة العالمية . وهذا كله كان سببا في خلق هذا الشعور الوطني الغاضب ، والذي انتشر في جميع أنحاء العالم.
كما ان الحادثة وقعت في المكان الذي كان من المفترض أن يشهد الاحتفاء بالكاتب. وهذا ما جعل  الناس تشعر بكل ذلك الضيق والانزعاج.
لكن كولومبيا بلد يحكمه قانون الغاب، نحن نتحدث عن بلد لا تكتشف فيه  الجرائم ، ولا يتم التعرف فيه على مرتكبي  جرائم القتل. وواحدة من الأشياء البديهية فيه أن الشرطة تصنف الجرائم تبعا لأهميتها وأن أهميتها غالبا ما تتأتى من علاقتها بأركان السلطة ، او التي غالبا ما لها علاقة مع وسائل الإعلام. وكون خبر سرقة هذا الكتاب قد انتشر في جميع أنحاء العالم، لذلك كانت هناك حاجة حقيقية لحل القضية  وبسرعة.
أحد رجال الشرطة الذي شارك  في عملية استرجاع الكتاب. وشارك  في عملية تبادل اطلاق النار مع السراق و ملاحقتهم في وسط بوغوتا قال انهم امضوا اياماً عدة في المراقبة الدقيقة والسرية باشتراك عدد من المخبرين وجرت ملاحقة الجناة في شوارع العاصمة وبدا الامر وكأنه احداث رواية بوليسية.
تم العثور على الكتاب في حي بالقرب من وسط بوغوتا، وكانت هناك عدة روايات متناقضة عن الذي حدث ، ولكن القصة التي سمعناها كانت تتحدث عن تبادل لاطلاق النار وهروب الفاعلين إلى الحي المجاور ثم اختفائهم. وتم العثور على  الكتاب في صندوق مرمي في الشارع، حيث تركه السراق اثناء مطاردتهم، وتمت استعادة الممتلكات المسروقة، ولكن لم يتم القبض على اي من مرتكبي  جريمة السرقة .
تعتقد هذه  الصحفية انه بالرغم من ان غابرييل غارسيا ماركيز كان واحدا من  الشخصيات البارزة في العالم  لكن الوقائع التي وصفها في رواياته ليس لها وجود الآن في أمريكا اللاتينية.أمريكا اللاتينية اصبحت  أكثر تمدنا بكثير عما كانت عليه عندما كان غارسيا ماركيز يكتب رواياته عن ماكوندو،. وغالبية الأمريكيين اللاتينيين يعيشون في المدن الآن، ولا يعيشون في بلدات مثل ماكوندو. وهذه الرؤية الشعبية لأمريكا اللاتينية كما عبرت عنها أعمال غارسيا ماركيز و أمريكا اللاتينية الحالية ، واحدة من القضايا التي اثارت الجدل  بين مئات الآلاف، بل الملايين من الناس الذين تابعوا الأخبار عن قضية الكتاب المسروق وكيف تمت عملية استعادته ، وقد كان أمراً مغرياً وجذاباً ايضاً للعديد من العاملين في كتابة الرواية لكي تكون الحادثة مادة لأعمالهم القادمة.
 عن: موقع npr