اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بنات بغداد يركبنَ الدرّاجات .. لِمَ لا؟

بنات بغداد يركبنَ الدرّاجات .. لِمَ لا؟

نشر في: 6 ديسمبر, 2016: 07:03 م

adnan.h@almadapaper.net

من حقّ أيّ شخص لا تروق له ممارسة اجتماعية غير مؤذية لأحد أن يعبّر عن عدم إعجابه بها أو حتى رفضها، بيد أنه ليس من حقّ أحد أن يُكفّر القائمين بهذه الممارسة ويحرّض عليهم ويسيء إلى سمعتهم ويطعن في شرفهم.
أول من أمس أطلقتْ مجموعة من شابات العاصمة مبادرة للتشجيع على اعتماد الدراجة الهوائية واسطة للنقل داخل المدينة. هنّ لم يأتين ببدعة، ففي الكثير من دول العالم، بما فيها دول عربية وإسلامية، تركب النساء الدراجات الهوائية والنارية، وبين هذه الدول جارتنا الشرقية إيران التي تُعدّ قبلةً وقدوةً وأُنموذجاً للبعض ممن تجاوز موقفهم من مبادرة بنات بغداد حدود عدم الإعجاب أو حتى الرفض إلى ما يقترب من التكفير، وإلى التحريض والطعن في الشرف، مع أنّ بغداد نفسها لم تعدم وجود فتيات يركبنَ الدراجات الهوائية في عقود خلت.
ما الذي يحدث لو أن مليوناً واحداً من الملايين السبعة الذين هم سكان بغداد، أو حتى نصف مليون أو ربع مليون، قد اتجهوا لركوب الدراجات الهوائية في ذهابهم إلى مدارسهم ومحال أعمالهم ودوائرهم الحكومية وإيابهم منها وللتبضع من الأسواق؟ .. قبل كل شيء ستخفّ كثيراً الاختناقات المرورية الخانقة التي تعاني منها العاصمة، مما يجعل حركة السير في الشوارع سلسة، فيصلُ الناس إلى وجهاتهم في الوقت المحدّد دونما تأخير. كما ستنخفض النسبة العالية للتلوّث البيئي في عاصمتنا، وهذا سيؤدي إلى تحسّن الصحة العامة للناس وتراجع أعداد المصابين بأمراض خطيرة بينها السرطان، وهو مما يخفّف على المستشفيات والدوائر الصحية الأخرى التي يشكو الناس سوء خدماتها. وأمنيّاً يؤدي تراجع أعداد السيارات في الشوارع إلى تحسّن إمكانية المراقبة الأمنية ومكافحة الإرهاب وأعمال الجريمة المنظّمة. والركون إلى ركوب الدراجة الهوائية بدلاً من السيارة سيوفّر لدولتنا ذات العين البصيرة واليد القصيرة جداً عشرات ملايين الدولارات المُستهلَكة بنزيناً ومشتقات نفطية أخرى.
بأهمية هذا كله، إنّ ركوب الدراجة الهوائية ليس ممارسة مؤذية لأحد، وليس في الدين أو الشريعة ما يحرّمها أو يحظرها أو يدعو الى اجتنابها، وهي في جوهرها لا تختلف عن ركوب الخيل أو الجمال، ولم نقرأ أبداً في التاريخ أن العرب والمسلمين القدامى قد حرّموا ركوب بناتهم الدواب.
قبل مئة سنة كان معظم رجال الدين يعارضون تعليم النساء وعملهنّ، بل يحرّمونه، والآن لا يوجد رجل دين واحد من أي ديانة لا يرسل بناته إلى المدارس والجامعات.
هذه الطاقة الهائلة التي استنزفها البعض، ولم يزل، في غضبه حيال راكبات الدراجات الهوائية في بغداد وكراهيته لهنَّ، أما كان الأولى أن تُنفَق في محاربة الفساد الإداري والمالي العاصف بكيان دولتنا ومجتمعنا، والفساد السياسي مُدمِّر هذه الدولة وهذا المجتمع؟.. أليس الأجدى أن تُصرف في مكافحة الدعارة؟ أوليس الأنفع أن تُبذل في مكافحة تعاطي المخدرات والاتّجار بها، وسوى ذلك مما يدمّر حياتنا الاجتماعية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ييلماز جاويد

    صدقت يا عدنان في تعداد مزايا إستخدام الدراجة ، ولكن ليست هذه المزايا بل عكسها هو المبتغى لدى القائمين على الأمور وأولئك الذين يتاجرون بالدين .

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram