اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > تسرّب الطلاب وتدنّي المستوى العلمي.. مشكلة مستعصية وحلول ترقيعية

تسرّب الطلاب وتدنّي المستوى العلمي.. مشكلة مستعصية وحلول ترقيعية

نشر في: 13 ديسمبر, 2016: 12:01 ص

التجوال اليومي في السيارة او راجلاً يكشف لنا حقائق اصبحت علنية وليست مخفية عن تدني المستوى التعليمي في العراق، والذي يعكسه تسرب التلاميذ الصغار ولكلا الجنسين حيث لاتخلو سيطرة أمنية او إشارة مرور من تواجدهم وأغلبهم بأعمار صغيرة، حفاة القدمين يرتدون مل

التجوال اليومي في السيارة او راجلاً يكشف لنا حقائق اصبحت علنية وليست مخفية عن تدني المستوى التعليمي في العراق، والذي يعكسه تسرب التلاميذ الصغار ولكلا الجنسين حيث لاتخلو سيطرة أمنية او إشارة مرور من تواجدهم وأغلبهم بأعمار صغيرة، حفاة القدمين يرتدون ملابس رثّة يرمون بأجسادهم الصغيرة على نوافذ السيارات. هؤلاء لم ترَ أعينهم المدرسة رغم تجاوزهم سن السابعة من العمر، البعض يعزو ذلك الى التوترات الأمنية الكثيرة التي تشهدها البلاد، والبعض الآخر يرجعها الى العوز الاجتماعي وفقدان معيل الأسرة، وآخر الى الوضع الاقتصادي المتردي الذي ينهش العديد من العوائل الفقيرة وحتى متوسطة الدخل، الأمر الذي يؤشر الى حالة الخطر التي ستزيد من أعداد الأميين.

السبب الأول .. العائلة
عن هذا الموضوع يقول الباحث الاجتماعي عبد الزهرة الماجد في حديثه لـ(المدى): سابقاً كانت هناك متابعة من أولياء الأمور لأولادهم ومعرفة المستوى العلمي لهم رغم عدم معرفتهم القراءة والكتابة. مردفاً: بالتالي الموضوع يتعلق أساساً بالعائلة، ومن ثم المجتمع والمدرسة. مبيناً: ان الرغبة في التعليم اصبحت ضعيفة نتيجة ضعف المستوى المادي والثقافي والاجتماعي اضافة الى العامل الرئيسي ،وهو الأمني، الذي جعل أغلب الأسر تبعد أولادها عن التسجيل بالمدارس وزجّهم في أعمال مختلفة وخطيرة على حياتهم من اجل الحصول على مورد مالي .

اجتماع عدة عوامل
ان ابتعاد الطلبة عن مقاعد الدراسة يشكل خطراً كبيراً بانتشار الأمية في المجتمع العراقي، ذلك ان الطفل الذي لايرغب بالدخول الى المدرسة نجده يتسكع في الشوارع او يلعب الألعاب الإلكترونية وسط لامبالاة العائلة، لذا بدأ التعليم يتدرج نزولاً نحو التدني والضعف نتيجة عدم الاهتمام المباشر او غير المباشر بالعلم والاهتمام بالتربية الجسدية وبناء صروح بدنية تعمل على ما كان يسمى بالحفاظ على البلد.
 يقول محمد عبد الحسن ،موظف ولديه ثلاثة اولاد في المدارس، لـ(المدى): اختلف التعليم بالعراق كثيراً واصبح المعلم لايهتم بالمستوى العلمي للطالب ولا حتى بالمتابعة اليومية لإكمال واجباته. متابعاً: كل تلك الأمور تنعكس سلبياً على رغبة الطالب والتزامه بالدوام وحب الدراسة. موضحاً: لو كان المعلم اكثر حرصاً على متابعة الطلاب والاتصال الدائم مع عوائلهم لتحسين المستوى الدراسي لكانت الأمور افضل. مستدركاً: لكن هناك عدة امور اجتمعت وشجعت التلاميذ على ان يعتبروا ان التعليم ليس بالشيء الضروري .

يتركون الدراسة من أجل الألعاب
 بينما علق المشرف التربوي احسان الموسوي من تربية الرصافة الاولى في حديثه لـ(المدى): ان إدارات المدارس وبالتعاون مع المديريات التابعة لوزارة التربية تحث أولياء الأمور على متابعة أولادهم ومعرفة المستوى العلمي لهم خصوصاً طلاب المراحل الابتدائية. منوهاً الى: ضرورة مراقبة سلوكهم وعدم السماح لهم بالتسرب والهروب من المدارس. مستدركاً: لكن مع الأسف هناك عوائل هي من ترفض التحاق اولادهم في المدارس او حتى حصولهم على التعليم بقولهم ان لافائدة من الدراسة ويتركونهم في الأزقة والشوارع يعملون  في اعمال خطرة.
واستطرد الموسوي: عدم الرغبة في الدراسة وتدني المستوى العلمي جاءا نتيجة تراكمات اجتماعية وامنية ساهمت في ضعف تقبل اغلب الأطفال الدراسة نتيجة انتشار الألعاب الإلكترونية. مضيفاً: انها ساهمت الى حد كبير في عزوف الطلبة عن الدراسة فنجدهم يهملون الكتب والواجبات المدرسية على ان يتركوا لعبتهم الالكترونية المفضلة. مشدداً: ان هذه الأمور كلها تجمعت وشكلت واقعاً علمياً متدنياً لطلاب المدارس ولأغلب المراحل الدراسية .

اختفاء الدورات التدريبية للتدريسيين
تتنوع اسباب تدني المستوى العلمي للطلاب وتسربهم من الدراسة، وحسب رأي التربوي نور هشام في حديثه لـ(المدى): ان هناك الكثير من العوائل هي من ساعدت على تدني المستوى العلمي لأبنائهم. منوهاً الى: ان الكثير منهم ترك الكوادر التدريسية في المدارس وأخذوا يبحثون عن اساتذة للتدريس الخصوصي لأولادهم دون ان ينصحوهم بضروة وأهمية الانتباه للمدرس والمعلم في الصف او متابعة اولادهم بشكل مستمر. مردفاً: نعم هناك كوادر تدريسية ضعيفة وغير مؤهله للقيام بعملية التدريس وهذا ما يسبب عدم تقبل او فهم الطالب المادة العملية. مستدركاً: لكن ذلك لايمنع من مناقشة أولياء الإمور ادارة المدرسة ومحاولة تحسين المستوى العلمي والتدريسي . لافتاً: في السابق كانت هناك دورات تدريبية تدريسية تساعد المدرسين على ان يرفعوا من مستواهم التدريسي لينعكس ذلك على مايقدمونه للطلاب من مادة علمية ولكافة المراحل الدراسية، لكنها وللأسف اختفت الآن .

الوزارة تفقد بريقها
بينما كان رأي المواطنة أم فهد عبر حديثها لـ(المدى): الفكرة التي سادت في المجتمع العراقي ان الشهادة لاقيمة لها، فآلاف الخريجين اصبحوا يجلسون في المقاهي لتدخين الأركيلة وآخرون يقضون اوقاتهم في البيوت يمارسون الألعاب الالكترونية ويتلهون بتصفح المواقع الاجتماعية. مسترسلة: كل تلك الامور تذكر امام الطلاب والذين يمثلون كافة المراحل الدراسية فلا يوجد بيت يخلو من عاطل عن العمل علق شهادة تخرجه على جدار غرفته. مشددة: هذه المسببات تساعد على تدني المستوى الدراسي والذي يساهم فيه ايضا المدرسون والمعلمون، فمنهم من يأخذ الهدايا والمال مقابل منح درجات نجاح بشكل علني للجميع ودون محاسبة حتى من وزارة التربية التي تفقد بريقها التربوي والعلمي عاماً بعد عام .
فيما أكدت المشرفة التربوية سلوى حسين من تربية الكرخ الثانية لـ(المدى): لابد من تطبيق نظام محو الأمية بشكله الصحيح وتطوير وسائل التعليم اضافة الى إنشاء المدارس وتحسين الأثاث المدرسي وتقليل الزخم الطلابي في الصف الواحد، والذي نجده في بعض المدارس فوق مستوى القدرة الاستيعابية للطلاب حيث ان هناك صفوفاً دراسية يتجاوز عدد طلابها الـ (65) طالباً في حين ان الحد المسموح به هو (35) طالباً وحسب كفاية المقاعد. لافتة الى: ان جلوس الطلاب على الأرض او بدوام ثلاثي يجعلهم يتركون الدراسة او حتى يدفعهم للتغيب عن المدرسة  وبالتالي التسرب، فضلا عن تداعيات الأوضاع الأمنية التي جعلت آلاف الطلاب يهجرون المدارس بعد ان هجروا مناطقهم ومحافظاتهم، حيث انخرط الكثير منهم في أعمال من أجل توفير بقمة العيش.

لجان تفتيش وزارية
وزارة التربية من جهتها تؤكد ،وحسب المتحدثة الرسمية لها هديل العامري، في حديثها لـ(المدى): ان الوزارة تعمل على رفع المستوى العلمي والتربوي لكافة المراحل الدراسية وان تشمل الجميع بالتعليم المجاني من خلال حث كوادرها التدريسية ولجان التفتيش على تسجيل كل مخالفة تسيء الى العملية التربوية. مشيرة الى: محاسبة العوائل التي تمنع اولادها من الانخراط في المدارس. لافتة الى: ان هناك لجاناً سنوية لتسجيل الاطفال عند وصولهم سن التسجيل في الصف الاول وبالتعاون مع وزارة التخطيط فضلا عن متابعة احوال الطلبة النازحين وفتح المدارس بعد تحرير المحافظات.
 مسترسلة: تشدد وزارة التربية على ادارة المدارس المتابعة ومحاربة الدروس الخصوصية ومحاسبة المدرسين والمعلمين اذا ثبت ذلك لأن الدولة تعطيهم رواتب مقابل تقديم العلم للطلاب ولكافة المراحل. مشددة على: اهمية تعاون أولياء الأمور ايضا من اجل القضاء على التسرب وتحسين المستوى العلمي للطالب خدمة للبلد.

إحصائيات وزارة التربية
وزارة التربية اعلنت عن  تشكيل لجنة مشتركة تتكون من المفوضية العليا لحقوق الإنسان لوضع الخطط لمنع تسرب الأطفال من المرحلة الابتدائية خلال العام المقبل 2017. وقال مدير عام التخطيط في الوزارة نايف كاظم : خلال العام الدراسي 2015 وصل عدد الطلبة الملتحقين بالدراسة من سن (6) سنوات ولغاية (17) عاما إلى (8) ملايين و(900) الف طالب وطالبة ومن ضمنهم الطلبة النازحون. مشيراً إلى: أن نسبة الأطفال المتسربين من الدراسة من ذلك العدد وصلت إلى 6% في عموم المحافظات. مؤكداً: أن وزارة التربية شكلت لجنة مشتركة مع وزارة حقوق الإنسان والمفوضية العليا لحقوق الإنسان وبعض المنظمات الدولية لوضع الخطط بهدف القضاء على ظاهرة تسرب الأطفال من المدارس الابتدائية خلال العام المقبل.
ولفت نايف: أن تلك الإحصائيات تعتبر حديثة كونها أخذت من وزارة التخطيط والدوائر التابعة لها. منوهاً الى: أن وزارة التربية تعتبر أقرب مؤسسة حكومية للعائلة العراقية وتعمل على حل المشاكل التي يعاني منها الطلبة في تذليل العقبات في قطاع التربية.

ضعف الوعي الثقافي والاجتماعي
دراسة لمنظمة الأمم المتحدة والخاصة بالوضع التربوي بالعراقي، أشارت الى ضعف الإمكانية المادية للأسرة حيث يلعب العامل الاقتصادي دوراً رئيسياً في سعة حجم ظاهرة التسرب. مشيرة الى: ضعف النظام التعليمي في المدارس الابتدائية حيث يؤدي عجز هذا النظام عن تحقيق الأهداف التربوية وعدم توفير الجو المناسب للطفل داخل المدرسة. منوهة الى: عدم قدرة النظام التعليمي على تنمية قدرات وامكانياته ما يؤدي بالتلميذ الى عجزه في الوصول الى الغاية المنشودة من الدراسة والا فأنه سيفشل في الدراسة ويدفع به الى تركها نتيجة ضعف الوعي الثقافي والاجتماعي لدى الأسرة.

ضعف إشراف إدارات المدارس
كما اشارت الدراسة الى: ضعف ادراكهم لمنافع التعليم فهم كثيراً مايرغمون اولادهم على ترك المدرسة او عدم دفع أبنائهم للدخول الى المدارس أصلاً. لافتة الى: ضعف العلاقات الأسرية وكذلك الانقسام العائلي والطلاق وكثرة الخلافات وازدياد عدد الأولاد وإدمان الآباء على الخمور وتخليهم عن مسؤولياتهم نحو الأسرة وتغيبهم عن المنزل، اضافة الى عوامل اخرى ساهمت كلها بزيادة أعداد الطلبة المتسربين من المدارس.
مؤكدة على: ضعف إشراف إدارات المدارس على انتظام التلاميذ في مدارسهم ومتابعة شؤون المتغيبين منهم بصورة جادة ودراسة العوامل المؤدية اليها ومحاولة تذليل الصعوبات التي تواجه التلاميذ بالتعاون مع اوليائهم. منوهة ايضا الى ضعف عناصر العملية التربوية والأنظمة الخاصة بالنقل من صف لآخر والأنظمة المتعلقة بقبول التلاميذ والتي كثيراً ماتكون سبباً مباشراً في تسرب التلاميذ من مدارسهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram