TOP

جريدة المدى > تقارير عالمية > كيف كانت علاقة الصداقة التي جمعت غابرييل غارسيا ماركيز مع فيدل كاسترو؟

كيف كانت علاقة الصداقة التي جمعت غابرييل غارسيا ماركيز مع فيدل كاسترو؟

نشر في: 21 ديسمبر, 2016: 12:01 ص

مع أن الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز  الحائز على جائزة نوبل هو واحد من كتاب أمريكا اللاتينية الأكثر قراءة على نطاق واسع في العالم. و الروايات التاي كتبها مثل مائة عام من العزلة والحب في زمن الكوليرا هي من بين الكتب المفضلة لكثير من الناس

مع أن الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز  الحائز على جائزة نوبل هو واحد من كتاب أمريكا اللاتينية الأكثر قراءة على نطاق واسع في العالم. و الروايات التاي كتبها مثل مائة عام من العزلة والحب في زمن الكوليرا هي من بين الكتب المفضلة لكثير من الناس. ولكن، وعلى الرغم من محبتهم لكتبه، فقد وجد العديد من قرائه صعوبة في فهم وجهات نظره السياسية - وخاصة دعمه وصداقته  للرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو الذي رحل مؤخرا.

العلاقة بين اثنين من أساطير أمريكا اللاتينية تحتاج الى دراسة عميقة فقد بدأت قبل سنوات قليلة من انتصار الثورة الكوبية، عندما التقى غارسيا ماركيز بالشاعر الكوبي نيكولا غيين في باريس. فأخبره عن طالب القانون الشاب، فيدل كاسترو، الذي ربما يكون الشخص القادر على إسقاط نظام الدكتاتور باتيستا. التقى ماركيز بكاسترو لأول مرة في عام 1959 بعد 'انتصار' الثورة - عندما دعا الزعيم الكوبي الصحفيين من جميع أنحاء العالم لتغطية "محاكمة المتعاونين مع نظام باتيستا السابق. لم يتبادلا اكثر من بضعة جمل في ذلك الوقت.
كان انتصار الثورة وبناء  مجتمع اشتراكي يتفق مع تطلعات غارسيا ماركيز في تحقيق مستقبل أفضل لأمريكا اللاتينية، وانضم الى المثقفين في  أمريكا اللاتينية الذين  قدموا الدعم الكامل لثورة كاسترو. ولكن هذه الرحلة الرومانسية توقفت في عام 1968 بسبب قضية اعتقال الشاعر هيبرتو باديلا، التي مثلت نهاية لحرية التعبير والرأي في كوبا. فقد جعلت قضية اعتقال الشاعر الذي كان ينتقد ثورة كاسترو، ومحاكمته العلنية العديد من أنصار كاسترو المخلصين يشعرون بالحيرة – وكان من بينهم  الكاتب البيروفي  الحائز على جائزة نوبل للاداب ماريو فارغاس يوسا – وقد كان في ذلك الوقت صديق مقرب  من غارسيا ماركيز. الا ان مواصلة ماركيز لدعمه  لكاسترو – اصاب بالدهشة العديد من الكتاب ايضا.
 في هذه المرحلة لم يكن  غارسيا ماركيز مقربا  بشكل خاص من كاسترو – ولم يكن حتى تلك الفترة مقتنعا بالتزام الزعيم الكوبي تجاه الثورة. وعلى الرغم من عدة محاولات فاشلة للتعرف على كاسترو شخصيا، الا ان ذلك اللقاء  لم يحصل الا في عام 1977 - فبعد ان قرأ كاسترو العديد من المقالات التي كتبها غارسيا ماركيز عن كوبا – حينها قرر الالتقاء شخصيا  به.
وكان من المقرر ان يقوم كاسترو باجراء مقابلة مع عدد من الصحفيين من وكالة فرانس برس ورويترز، ولكن بدلا من ذلك ظهر فجأة في فندق ناسيونال دي كوبا، حيث كان ينزل فيه ماركيز ، وطلب منه ان يتحدثا معا. ناقشا أولا آخر رحلة قام بها غارسيا ماركيز الى أنغولا واشياء  اخرى مثل انواع الطعام في ذلك البلد الأفريقي،. بعدها قال ماركيز انه لم يلتق أي شخص يعرف هذا الكم من المعلومات عن المأكولات البحرية مثل كاسترو. هذا اللقاء الشخصي الأول بينهما  تحول فورا الى تواصل دائم.و تم إلغاء مقابلة كاسترو مع الصحفيين الذين كانوا ينتظروه  وبدلا من ذلك رافق كاسترو الكاتب ماركيز إلى مطار هافانا لتوديعه.
وعلى مرِّ السنين، تطور هذا اللقاء الأول إلى صداقة حقيقية. وكان جارسيا ماركيز يقول  دائما ان صداقتهما مبنية على أساس اهتمامهم المشترك  بالأدب. قضى ماركيز فترات طويلة في هافانا مع زوجته مرسيدس - وكان كاسترو يقوم بزيارات متكررة الى  منزله في هافانا (الذي كان هدية من كاسترو) وكان يزوره في أي وقت من النهار أو الليل. ووصف ماركيز الزعيم كاسترو بانه قارئ نهم، فالكتاب الذي  يبدأ قراءته في المساء يبدي ملاحظات عليه في اليوم التالي.وكان ماركيز يقول  أنه لم يكن يفهم كيف كان يجد  كاستروكل هذا الوقت لقراءة كل تلك  الكتب  و بدقة.في احد الايام  ، قال كاسترو لغارسيا ماركيز وهما يناقشان قصة ( بحار السفينة المحطمة) أنه كان هناك سوء تقدير في سرعة القارب. وهذه النظرة المتفحصة والدقيقة للتفاصيل التي كان يتمتع بها  الزعيم الكوبي جعلت ماركيز يطلب من كاسترو قراءة مخطوطات رواياته  قبل نشرها – وحدث ذلك في حالات عديدة حيث أدت الملاحظات التي قدمها كاسترو إلى تصويبات مهمة في عديد من مؤلفات غارسيا ماركيز. حتى اعلن ماركيز أنه لن ينشر اي كتاب له بعد الآن  الا بعد عرضه على فيدل كاسترو.
وفي الوقت نفسه، كان ماركيز يمتلك أيضا قدرا من التأثير على الزعيم الكوبي. ويشير النقاد إلى أن غارسيا ماركيز لم يكن يتكلم علنا بشكل سلبي عن الطريقة التي كان يحكم فيها كاسترو بلده كوبا. ومع ذلك، لابد من الإشارة إلى أن العديد من الاشخاص عندما كانوا يشيرون عند الحديث عن  علاقة الصداقة الأسطورية التي جمعت فيدل كاسترو وغابرييل غارسيا ماركيز – الى ان  الشخص الوحيد الذي كان لا يخاف من أن ينتقد كاسترو، كان هو غارسيا ماركيز.
وكان يبدو ان ماركيز كان  يفضل مناقشة أي انتقادات توجه الى كاسترو مع الزعيم الكوبي نفسه. وقد كان هناك بعض الاختلافات العميقة في الرأي بينهما - فعلى سبيل المثال، في قضية الجنرال الكوبي السابق ارنالدو أوتشوا والعقيد توني دي لا جوارديا، اللذين أعدما بتهمة تهريب المخدرات والخيانة في عام 1989. فان ابنة الجنرال قالت انها حاولت مقابلة  جارسيا ماركيز للتدخل لتغيير قرار كاسترو، ولكن دون جدوى. ومع ذلك فقد كان تأثير ماركيز حاسما، في قرار اتخذه كاسترو باطلاق سراح العديد من السجناء السياسيين البارزين،.
في 17 نيسان 2014 - يوم وفاة غارسيا ماركيز - نشرت صحيفة غرانما الكوبية مقالا بقلم الكاتب عن كاسترو يظهر فيه مدى  المودة التي كان يحملها ماركيز لصديق العمر كاسترو
وعلق الكثيرون على حقيقة أن فيدل كاسترو لم يقل أي شيء علنا عن رحيل غارسيا ماركيز - ولكنه أرسل فقط اكليلا من الزهور كتبت عليه عبارة "صديقي الحبيب". لكنه كان يدعوه  بصديقه  الدائم - في إشارة للعلاقة الوثيقة التي استمرت لما يقرب من أربعة عقود، واغنت  حياتهما وعملهما.
 عن: الاندبندنت

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

التعديل الوزاري طي النسيان.. الكتل تقيد اياد السوداني والمحاصصة تمنع التغيير

حراك نيابي لإيقاف استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين

إحباط محاولة لتفجير مقام السيدة زينب في سوريا

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

 ترجمة / المدى في الوقت الذي ما تزال فيه أوضاع واحتياجات النازحين والمهجرين في العراق مقلقة وغير ثابتة عقب حالات العودة التي بدأت في العام 2018، فإن خطة برنامج الأغذية العالمي (FAO )...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram