فيلم آخر من الافلام التي تتناول الألعاب الرياضية أو شخصية رياضية أثرت كثيراً في حياة الناس حتى جعلت منها انموذجاً يحتذى به ، هذه المرة حياة (بيليه) الاسطورة في فيلم ربما هو الأفضل والأكثـر إكتمالاً من بين جميع الافلام التي قدمت هذه الشخصية بصورها الم
فيلم آخر من الافلام التي تتناول الألعاب الرياضية أو شخصية رياضية أثرت كثيراً في حياة الناس حتى جعلت منها انموذجاً يحتذى به ، هذه المرة حياة (بيليه) الاسطورة في فيلم ربما هو الأفضل والأكثـر إكتمالاً من بين جميع الافلام التي قدمت هذه الشخصية بصورها المختلفة ، حيث رصد حياته منذ سن الـ(13) مروراً بمشواره الأهم حين أنضم الى قائمة المنتخب البرازيلي المشارك في كأس العالم بالسويد وهو في سن الـ(17) .
فيلم من أفلام السيرة التي دأبت السينما في سنواتها الاخيرة على تقديم نماذج متعددة منها سياسية او اجتماعية وحتى فنية ، فيلم (بيليه) إنساني كثيراً فقد قدم المخرج صوراً حساسة عن البرازيل في خمسينات القرن الماضي حيث الفقر والحياة القاسية مركزاً على البيئة التي نشأ فيها الطفل المعجزة ، مازجاً صوره بمشاهد الاسود والابيض التي لاتشعر المتلقي بوجود فصل في بنية الفيلم السردية أو حتى في التواريخ .
البسطاء يسرقون اللحظات من أجل الاستماع الى مباريات كأس العالم عبر المذياع ، فيما الاطفال يعملون في مسح الاحذية ويسرقون الملابس من على الحبال كي يصنعوا كرة تتداولها أقدامهم الصغيرة بين الحواري وسطوح المنازل ، بل من الممكن أن يسرقوا أكياس الفستق من أجل شراء حذاء رياضة عتيق ، بيليه الهارب من واجبات الحياة اليومية نحو الكرة يجد نفسه في صراع من أجل عائلته وذاته ، وحلمه بجلب الكأس الاغلى للوطن إيفاءً بعهد قطعه لوالده حين رأى الدموع في عينيه يوم خسرت البرازيل نهائي كأس العالم أمام الاورغواي .
بيليه الاسطورة ، شخصية ذات مواقف إنسانية عالمية كبيرة ربما لايفيها حقها فيلماً سينمائياً ، لكن محاولة المخرج مايكل زيمباليست جيدة وجميلة في ذات الوقت ، فالفيلم لم يكن عن بيليه فقط بل هو عن البرازيل ، عن الناس البسطاء ، عن الشغف بالكرة ، وعن قسوة الحياة ، وحتى عن التمييز العنصري .
بيليه الثروة الوطنية والبطل القومي يعد أفضل لاعب انجبته كرة القدم ، فقد أختير عام 1999 كلاعب القرن من قبل الاتحاد الدولي ، ولاعب القرن من قبل اللجنة الاولمبية الدولية ، وايضاً اختارته مجلة (فرانتس فوتبول ) كأفضل رياضي مثلما رشحته مجلة (تايم) لقائمة الاشخاص الاكثر أهمية في القرن العشرين ، في عام 2013 حصل على كرة الفيفا الشرفية ، بيليه أنجح هداف الدوريات في العالم وقد تم ادراج اسمه في موسوعة غينيس للارقام القياسية كأكثر من سجل أهداف في تأريخ كرة القدم ، ايضاً هو شخصية لها ثقلها السياسي حيث قاد العديد من المؤتمرات التي تدعو الى تحسين الظروف الاجتماعية للفقراء .
الفيلم متعة بصرية لانجدها في أكثر الافلام التي تتناول عالم الكرة المستديرة ، فقد ركز المخرج على الانسان وكفاحه من أجل تحقيق الحلم أكثر مما ركز على أجواء عالم الكرة داخل المستطيل الاخضر ، مقدماً مشاهد رقيقة ، غاية في الجمال عن عالم الفقر ، هنا لابد من الاشارة الى كاميرا مدير التصوير التي ادارها بذكاء ، بالتأكيد الفيلم لم يتطرق الى مشوار بيليه الطويل بل ركز على سنوات حياته منذ الـثالثة عشرة حتى السابعة عشرة يوم حسم بيليه نهائي كأس العالم أمام السويد ليجلب الكأس لبلده عام 1958 ، هذا التكثيف في السنوات الاربع من حياة الاسطورة جعل للفيلم ميزة أخرى في الرصد والمعالجة .