بعيدا عن انحيازنا، وموقفنا من العملية السياسية، يمكننا القول بان الحزب الشيوعي العراقي، وعلى غير ما عرفت به الاحزاب السياسية في العراق، هو الحزب الوحيد الذي يمتلك هوية التأسيس والايديولوجيا والرؤية الفكرية العملية في إدارة البلاد ، فضلا عن وطنيته والمشرق من تاريخه ونزاهة اعضائه. ويكفي ان الشارع العراقي يقول عن كوادره: هم الوطنيون، اصحاب الايادي النظيفة.
ولعل الوقائع التي خلصت اليها مقررات مؤتمره العاشر تشير الى ذلك وأكثر، فقد كان أول حزب ينفي عن نفسه تهمة الدكتاتورية والقيادة الابدية، والزعامة المطلقة او أن يحمل شخص واحد ما، كأن يكون رئيس الحزب معنى وصورة الحزب باكمله، مثلما هي عند الاحزاب الدينية، وما امتناع سكرتيره العام عن الترشيح في الدورة هذه، إلا المثال الأكيد، الذي يقودنا الى القول بان الحزب لم يبن على مجموعة طوطمية أو رموز ونفود مالي وكاريزما ما، إنما هو قادر على اشتقاق رموزه من بين قاعدته العامة وخطوطه الثانية والثالثة وحتى الرابعة، وهذا ما لا تجرؤ عليه أو تفكر فيه الاحزاب الأخرى.
وبحسب قانون الاحزاب، فان الحزب الشيوعي العراقي ينفرد دون غير بالحق في التسمية(الحزب) إذ انه يمتلك هوية التأسيس منذ العهد الملكي، وشارعه العراقي يشهد له في الوطنية، ولا نغامر بقولنا بأن الحزب الوحيد الذي لم يبن على اساس من دين او مذهب او قومية، وهو الحزب الاممي الذي يضم بين صفوفه وقياداته المسلم بشقيه والمسيحي والمندائي والعربي والكردي والأيزيدي والتركماني وغيرهم من مكونات شعبنا العراقي، وما صعود العديد من اعضائه الشباب والنساء الى اللجنة المركزية فيه الا الدليل على فهم جديد ومعاصر للحياة السياسية، فضلا عن كونه دليلا على الحيوية والديناميكية التي يستدعيها العمل السياسي الجديد، وما تتطلبه المرحلة الحالية.
يجمع الشعب العراقي على أن الحكومات الدينية في بغداد والقومية في كردستان التي تناوبت على الحكم في العراق، اخفقت في جني الثمرة التي كان الشعب قد تأملها ووعد بها بعد سقوط الدكتاتورية، وعلينا ان نتخيل شكل العراق لو أن الشعب لم ينتخب هؤلاء، وعلينا ان نتأمل صورة العراق لو أن الدولة المدنية التي نادى بها الحزب الشيوعي والقوى المدنية الأخرى قامت عقب سقوط النظام السابق، وهذا يدعونا للوقوف على حطام المدن التي دمرت وقوافل الشهداء الذين سقطوا، والجسد العراقي الممزق بسكاكين الطائفية، علينا أن نقول بان ما حدث وما زال يحدث إنما كان بسبب حكم الاحزاب الدينية والقومية، التي لم تفكر بعراق موحد بل راحت تمعن بجسده تقطيعا وبدماء ابنائه سفكاً واستباحة.
لا نريد أن نكون أكثر شيوعية من أعضائه، لكن الكلمة الحق يقولها خصوم الحزب، وكنا قد سمعنا أكثر من برلماني ورجل دين وخطيب مسجد وحسينية وهم يثنون على الحزب، ولو سألت أي عابر في الشارع عن الحزب لقال لك: هم، وحدهم من يستطيع إعادة بناء الدولة على أساس الوطنية ومعايير الانتماء للارض، ونسمع دائما من يقول لنا: من كان همه وطنه وشعبه ومستقبل أبنائه عليه أن ينأى بنفسه وحزبه وسياسته عن الدين والطائفة والقبيلة، ويستجب لنداء الضمير والانسانية. كانت هذه اليافطة هي التي تقدمت مشروع الشيوعيين منذ أن صعد مؤسسو الحزب المشنقة وحتى انتخاب الدكتور رائد فهمي سكرتيرا له.
في تحية الحزب الشيوعي العراقي
[post-views]
نشر في: 24 ديسمبر, 2016: 09:01 م