اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا لا نتشبّه بالباكستانيّين؟

لماذا لا نتشبّه بالباكستانيّين؟

نشر في: 24 ديسمبر, 2016: 06:02 م

adnan.h@almadapaper.net

حتى باكستان تُقدّم ما يمكن تقليده والاقتداء به، لكننا، في العراق، لا نريد أن نشبه أحداً.. نتشبّث بألا نشبه غير أنفسنا في فسادنا المالي والإداري الذي لا نظير له وفي محاصصتنا المدمّرة، وفي تخلّفنا الاجتماعي برعاية الدولة وعنايتها ( مشروع قانون العشائر مثالاً وفرض الزي الموحد ليس فقط في  المدارس والجامعات  وإنما أيضاً في الدوائر الحكومية مثالاً آخر وليس أخيراً).
نحن الآن "مخبوصون" بمشروع " التسوية التاريخية" الذي اقترحه المجلس الأعلى الإسلامي وتبنّاه التحالف الوطني( الشيعي) من دون إجماع عليه، فكتلة الأحرار الصدرية لم تكترث به ولا تراه جدّياً، وحزب الفضيلة يشدّد على أن هذا المشروع تلزمه تسوية داخلية بين الاحزاب الشيعية نفسها. وفي الجانب الآخر (السُّنّي) انقسم موقف الاحزاب والجماعات السنية حيال المشروع، وأغلبها لا يأخذ المشروع على محمل الجدّ. أما الاغلبية الصامتة من العراقيين ( غير المنخرطة في أحزاب وجماعات سياسية) والاحزاب والقوى غير الطائفية،  فهي مهمّشة في الأساس من طرفي السلطة الحاكمة، الشيعي والسني، ومعظمها يرى أن الأمر لا يعدو عن كونه لعبة أو مناورة سياسية أخرى من طرفي السلطة لكسب الوقت.
كل الشكوك في المشروع وطبيعته وأهدافه مبررة تماماً، ليس فقط بدلالة مشاريع مماثلة طُرحت سابقاً وأُنفِقت عليها مئات ملايين الدولارات ولم تحقّق ما يُمكن الاعتداد به وتقديره، بل كذلك لأن المشروع الحالي المطروح منذ بضعة أشهر لم نلمس تقديماً مناسباً له أو نشاطاً موازياً لترغيب الناس فيه واجتذاب الاهتمام به.
هاكم مثالاً من باكستان لتدركوا الفرق بين  مٓنْ يسعى جدياً الى المصالحة الوطنية  والتسوية التاريخية وبين الآخر (العراقي) الذي يلعب لعبة الوقت عشية الإعداد للانتخابات المحلية ثم البرلمانية  التي ستنطلق حملاتها الدعائية في العام الجديد ( البعض بدأ حملاته منذ حين،  بتجواله في المحافظات واستضافته ممثلي العشائر والقبائل في بغداد).    
في باكستان انطلق أخيراً من العاصمة إسلام آباد  "قطار التسامح" ليجوب البلاد بالتزامن مع أعيادالميلاد ورأس السنة الميلادية. عربات القطار هذا أقلّت مجسّمات لرجل الثلج زُيّنت بالأضواء. كما وُضعت في عدة عربات مجسّمات لبابا نويل، بالإضافة إلى أشجار الميلاد وصور باكستانيين مسيحيين كوفئوا عن تقديمهم  خدمات للبلاد.
الوجهة الأولى  لقطار التسامح الباكستاني مدينة بيشاور ، ومنها يتجه جنوباً لتمضية يوم الميلاد (اليوم) في لاهور، وآخر أيام السنة في كراتشي.
وعند تدشين  القطار قال وزير حقوق الإنسان الباكستاني، كرمان ميكائيل: "علينا تغيير عقلية الناس، (..)، هذا القطار علامة على التسامح.. سيحتفل الجميع بعيد الميلاد"، داعياً الأسر من كل الديانات لزيارة القطار، بحسب فرانس برس التي نقلت عن مواطنة باكستانية مسيحية، تُدعى أنييس، إعرابها عن السعادة بهذا القطار التصالحي: "إنه مجرد احتفال لكنني أشعر بالفخر، إنها خطوة أولى، ونأمل أن نتمكن من الاحتفال بالميلاد بسلام وتناغم خلال سنوات كثيرة مقبلة".
 هل فكّر أحد من أصحاب مشروع التسوية التاريخية وسائر مشاريع المصالحة العراقية، بشيء كهذا الشيء الباكستاني؟ .. أشكّ  كثيراً.. السبب أن التسوية والمصالحة ليستا همّاً حقيقياًّ لهؤلاء " الأصحاب".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. كمال يلدو

    شكرا لك يا كبير ....شكرا لك يا عراقي ...شكرا لك يا أصيل . انت تعرف جيدا كيف تفرّق بين (حكومة) وبين (عصابة) . عاش قلمك

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram