أسعدَها انها تتلقى منه باقة ورد ضاحكة ، وابهجه أنّها تلقَّت الباقة وعيناها بسعةِ قصيدةِ فرح .. قال لها :"الوردةُ رسالةٌ ملوَّنةٌ بكلمات الروح"، فانعطفَ وجهُها ومالَ خجَلاً ؛ تداركت الموقِف بأنْ نظرت الى وردةٍ اشبعَها لونُ الدم ، ومرَّت بأناملِها على
أسعدَها انها تتلقى منه باقة ورد ضاحكة ، وابهجه أنّها تلقَّت الباقة وعيناها بسعةِ قصيدةِ فرح .. قال لها :"الوردةُ رسالةٌ ملوَّنةٌ بكلمات الروح"، فانعطفَ وجهُها ومالَ خجَلاً ؛ تداركت الموقِف بأنْ نظرت الى وردةٍ اشبعَها لونُ الدم ، ومرَّت بأناملِها على أخرى شرِبت وبرواءٍ بياضَ الثلج ... " الورودُ تعني الحياةَ في ربيعِها أو قصيدةً بيدِ شاعر ." (هي) قالت . وكان (هو) يغرقُ في يمِّ البهجَةِ لسعادتِها . "إنَّ القلب ليهنأ حين المحبّونَ يَسعدون ، وإنَّ الروحَ تستحيلُ سحابةَ جذلٍ لحظةَ اللقاء ، وإنِّي لفي ظِلالٍ وخثرةِ ألقْ ! " ، يتمتمُ بهذا مأخوذاً بسحرِ بهجتِها ؛ ويضيف "نعم ، انتِ قصيدتي التي أقول .. وكان يُمنّي النفسَ برسمِ لوحةٍ ألوانُها حُروفُ روحِه ( مشاعرُ حالمٍ ) ، وبكتابةِ قصيدةٍ تجمعُ ألوانَ الطيفِ الشمسي ( أطياف رهيفة كالسمَر) لتنتهي بها مخلوقةً قادمةً من ممالكِ السماء ( قندٌ بطعمِ العسل )، وبلقاءٍ يخطوان فيه على دربٍ تحفُّه شجيراتُ الورد . زهورُ حدائقِ الطريق تغنّي بكورالٍ يفاقم كرنفالَ القلبِ ( أين منه موزارت ؛ أين منها بياتريس أوهانسيان ). غناءٌ بمثابةِ لافتةِ سعادةٍ يعلنها عاشقان أحبّا الحياة وتركا خلفهما خرائبَ التطيّر وعيشَ عتمةِ كما الخفافيش .. " الماضي موتٌ " كانا يرددان .
كانت (هي) كمُلهِمًةٍ له تتمنَّى أنْ يحملَها بين ذراعيه ويعدو ، تباركهما الشمس بضوئها ونورِها ودفئِها الجنائني ؛ وكان (هو) كشاعر في رغبةِ أنْ يرفعَها عن الارض باحتضانٍ حميم ويسقيها عبيرَ انفاسه ، ثم يرتميان في بحيرةِ خيالٍ ، ضفافُها جذلٌ وماؤها انتشاء .. بحيرة رسماها يوماً بكلماتٍ تبادلاها كرسائلَ ، وصوراً تحاورا من خلالِها بنظراتِ عيونٍ تعجَّ بهناءٍ ينسكبُ دموعاً ( يا لها من دموعٍ تستحمُّ بالهناء !) .. الدموعُ تجري كما ساقيةٍ عذراء ، أو كهطيلِ مطرٍ رقراق ، أو ككركراتِ طفلٍ خجولٍ وجدَ الفضاءَ له فانطلقَ حرّاً يُكسِّر قيودَ خجلِه .
مرّا من أمام عجوزين يقتعدان مصطبةً وقد ضمت العجوز باقةَ وردٍ في حضنِها والى يمينِها القرينُ العجوز يوزّع النظرات على صفِّ اشجار الحديقةِ الماثلةِ ويقطفُ زغاريدَ العصافيرِ المحتفيةِ بنهارِها وهي تخافُ قدومَ غروبٍ سيحرمُها من جنَّةِ اللعبِ التي لا تملُّها رامياً بها الى غياهبَ الليلِ العتيم .
سمعا العجوز يهمس للقرينة :" كان لقاؤنا الاول هنا ( اللقاءاتُ الاولى خفقةُ قلبٍ .. رعشةُ اصابع ) ، أمام هذه التي كانت آنذاك شجيرات قبل خمسين عاماً ؛ كنتُ جلبتُ لكِ باقةَ ورود بيضاء ، وأنتِ اكتفيتِ بزهرةِ القرنفل تجمّل شعرَكِ الذهبي ( أيها الذهبُ تراجعْ أمامَ شعرِها ) .. نحنُ نكبرُ والطبيعة ُهي ، هي تزدهي ." .. تحسَّرت العجوز ، ثم همّت بالنهوض ، تخاطبه : " هيا ، علينا العودة فخطانا تتعثَّر ونحتاج لوقتٍ طويل ريثما نصل البيت ( البيتُ عشُّنا الخالد) ، لم نعد شباباً فنقطعها بدقائق ."
نهضا بتؤدةٍ ؛ وبتؤدةٍ خطيا فيما (هو) و(هي) انتظرا ابتعاد العجوزين فاقتعدا مكانيهما على المصطبة وراحاً يطالعان الاشجار العالية ويراقبان العجوزين وهما يجتازان بوابة الحديقة العريضة ويتواريان خلف السياج .
همس كل منهما في دواخله : بعد زمنٍ سننهض ونقتفي خطوَ العجوزين ؛ ونتحرك خارجَ الحديقة .
همسَ بحنوٍّ : "ارجوكِ احتفظي بباقة الورد .. لا تدعي الورود تبكي ."
ابتسمت ( يا لابتسامة المحبين الخُلَّص!) ، ومالت برأسِها كي ينام على صدره بينما دفنت وجهَها في جيشِ المياسم وراحت تستنشق روحَه وتردُّ على همسِه : سنكبر ونغدو كالعجوزين اللذين تركا مكانهما لنا .. لكنّي سأبقى كالعجوز احتفظ بباقةِ الورد .. ألم تلفت انتباهك باقةُ الوردِ التي بيدها ؟ "